كتب الصحافي البارز كاري هوانغ مقالا في صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ"، يعلق فيه على تداعيات الأزمة
القطرية، وآثار الحصار، الذي فرضته
السعودية والإمارات على الدوحة، منذ بداية الشهر الحالي، على
الصين، التي تعدّ من أكبر مستوردي الطاقة من منطقة الشرق الأوسط.
ويناقش الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أن استمرار التعاون الصيني مع منطقة الشرق الأوسط يخدم مصالح الولايات المتحدة طويلة الأمد، مستدركا بأن تنافسها مع الولايات المتحدة في المنطقة يعد منزلقا قد يدفعها لتختار أطرافا في النزاعات المسلحة.
ويقول هوانغ إن الأزمة الأخيرة وضعت علامات استفهام على جدوى الخطط الصينية في الترويج للتواصل، وبناء شبكة مركزها الصين بين الدول اليوروآسيوية.
ويجد الكاتب أن "الخلاف الدبلوماسي سيؤثر في جهود بكين من أجل مبادرتها، التي تكلف عدة تريليونات، من المشاريع التي وضعتها ضمن مبادرة الحزام والطريق؛ ذلك أن الأزمة قي الخليج قد تكون بداية جولة من الفوضى، وربما النزاع العسكري في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام".
ويتحدث هوانغ عن الخطوات التي اتخذتها عدد من الدول العربية، بقيادة السعودية، في 5 حزيران/ يونيو، عندما قطعت العلاقات الدبلوماسية عن دولة قطر، وفرضت حصارا جويا وبريا وبحريا عليها.
ويرى الكاتب أن دول مجلس التعاون الخليجي كلها؛ المرتبطة بصورة أو بأخرى بالازمة، لها مصالح في مبادرة الصين الحزام والطريق، والممر الاقتصادي، مشيرا إلى أنه لهذا ستزيد كلفة المشاريع في ظل الوضع الملتهب، الذي سيزيد من مخاطر التقييم، ويخيف المقرضين والمستثمرين، الذين عبروا عن حذرهم من قلة المشاريع القابلة للتمويل.
ويشير هوانغ إلى أن "دولا عربية منقسمة ستضع الصين في وضع صعب، وتجعلها في مواجهة واشنطن، في معركة حول النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، ويعيش البلدان مواجهة للسيطرة على المياه في شرق آسيا".
ويذهب الكاتب إلى أن الأزمة القطرية تبدو ظاهريا كأنها خلاف بين هذه الدولة الصغيرة والدول العربية، إلا أن الحرب قادها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد
إيران، التي تعد شريكا مهما للصين في المنطقة، لافتا إلى الأزمة بدأت بعد أسبوعين من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض، حيث ترأس قمة عربية أمريكية ومؤتمرا إسلاميا، في أول زيارة خارجية له.
ويؤكد هوانغ أنه "لا يمكن فصل محاولات ترامب توطيد العلاقات مع الشرق الأوسط من الدبلوماسية الواضحة التي قامت بها الصين، التي تبعت منتدى الحزام والطريق، الذي عقدته في الشهر الماضي في العاصمة بكين".
ويلفت الكاتب إلى أن بندول دول الخليج كان في السنوات الماضية ينحرف باتجاه الصين، وبعيدا عن الولايات المتحدة؛ نتيجة للتحول الاستراتيجي الذي قام به باراك أوباما باتجاه شرق آسيا، مستدركا بأن ترامب ابتعد عن سياسة أوباما، وقرر دعم القيادة السعودية في جهود جديدة لتقوية النفوذ الأمريكي، وفي الوقت ذاته وقف التأثير الصيني المتزايد في المنطقة.
ويبين هوانغ أنه في الوقت الذي يتوقع فيه أن تستفيد دول مجلس التعاون الخليجي من مبادرة الحزام والطريق، إلا أنها تشكك في علاقات الصين القريبة مع إيران، وتشك بأن الأخيرة ستنال الكثير من المبادرة الصينية.
وينوه الكاتب إلى أن العاصفة الدبلوماسية جاءت بعد أيام من قرار الصين ترفيع مستوى إيران من مراقب إلى دول عضو في منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي.
ويفيد هوانغ بأن "الصين تفضل أن تكون محايدة في النزاعات الإقليمية، وتركز بدلا من ذلك على التعاون الاقتصادي، والسؤال هو عما إذا كانت الصين تجد نفسها الآن قد وقعت في مصيدة اختيار طرف على طرف، في وقت تحافظ فيه على علاقات جيدة مع الجميع".
ويختم الكاتب مقاله بالتحذير من أن "مخاطر وقوع الاستثمار الصيني الضخم في أسر الاضطرابات الجيوسياسية في تزايد مستمر، وإذا حدث ذلك، فإنه من الصعب أن تخرج الصين نفسها من الأزمة دون خسائر ضخمة، مالية ودبلوماسية".