يرى محللون سياسيون، أن القيادة
الفلسطينية تحاول جاهدة أن تبقى على الحياد تجاه الأزمة الخليجية الحالية، لكنها إن اضطرت لتبني موقف، فسيكون لصالح المحور السعودي لأسباب عديدة.
وأوضح الخبراء في أحاديث خاصة، أن القيادة الفلسطينية لا تريد "خسارة أي طرف عربي"، وتحاول أن تنأى بنفسها عن الاصطفاف مع أي طرف.
ولفتوا إلى وجود العديد من التعقيدات التي تكتنف الموقف الفلسطيني حيال الأزمة الخليجية.
ففيما يتعلق بقطر، يحتفظ الرئيس الفلسطيني
محمود عباس، وعائلته بعلاقات خاصة، مع "الدوحة"، حيث كان يقيم في السابق، لكنها في الوقت ذاته تدعم حركة حماس خصمه السياسي.
أما المحور السعودي، الذي يحرص "عباس" على عدم خسارته، فيضم مصر والإمارات التي تتسم علاقاته بها بالتوتر حاليا، لدعمها للقيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان.
وتحتفظ
قطر بعلاقات وثيقة مع حركة حماس، حيث تسمح منذ سنوات لقيادتها بالإقامة في "الدوحة".
وبدأت الأزمة الخليجية في 5 حزيران/ يونيو الماضي، حين قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرضت الثلاث الأولى عليها حصارا بريا وجويا، لاتهامها بـ"دعم الإرهاب"، وهو ما نفته الأخيرة.
وشدّدت الدوحة على أنها تواجه حملة "افتراءات" و"أكاذيب" تهدف إلى فرض "الوصاية" على قرارها الوطني.
وكان عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية، قد قال في حوار سابق مع الأناضول إن
السلطة الفلسطينية تعتمد مبدأ "الحياد" بشأن الأزمة الخليجية.
وقال اشتية:" القيادة الفلسطينية حريصة على عدم التدخل بالشأن الداخلي للدول العربية، ونتمنى حل الخلاف قريبا".
بدوره، قال ساري عرابي (باحث وكاتب)، إن الموقف الفلسطيني المُعلن من الأزمة الخليجية والمتمثل بعدم التدخل، "لن يطول".
وأضاف: "ستجد القيادة الفلسطينية نفسها مجبرة على اتخاذ موقف، ولن يكون في صف قطر".
وقال: "الرئيس الفلسطيني منذ توليه منصبه أكد في العديد من المناسبات ضرورة عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، مستشهدا بالآثار السلبية التي لحقت بمنظمة التحرير والشعب الفلسطيني، إثر الانحياز مع العراق ضد الكويت 1990".
لكنّ المشهد الفلسطيني الخليجي مُعقد، فالرئيس عباس تربطه وعائلته علاقات خاصة بقطر التي عاش وترعرع فيها، ويسعى جاهدا لعدم خسارة أي طرف خليجي، بحسب عرابي.
وتابع قائلا: "حتى اليوم القيادة الفلسطينية نجحت في عدم التدخل والانحياز، وتدعو للحوار".
في المقابل يرى "عرابي" أن الموقف الداخلي لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس "عباس" منحاز لمحور السعودية، مرجعا ذلك لدعم "قطر" لحركة "حماس" خصمها السياسي.
ولفت إلى وجود توتر مكتوم بين فلسطين وقطر، بسبب الدعم القطري لحركة حماس.
وقال: "لاحقا ستجد السلطة الفلسطينية نفسها مجبرة على اتخاذ موقف من الأزمة، لا استبعد أن يكون منحازا للسعودية".
وفي السياق ذاته، يتوقّع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي أن تصطف القيادة الفلسطينية في نهاية المطاف مع المحور السعودي ضد قطر.
وقال: "القيادة الفلسطينية الأكثر حرجا عربيا بالشأن الخليجي، تسعى جاهدة أن تبقى في الحياد".
وأرجع "الشوبكي" الموقف الفلسطيني، إلى وجود مصر والإمارات، داخل المحور السعودي.
وقال: "السلطة الفلسطينية لديها رغبة بأن تبقى على علاقات ودية مع السعودية، لكنها حذرة من العلاقة مع النظام المصري المدعوم من دولة الإمارات العربية الداعمة للقيادي المفصول في حركة فتح محمد دحلان".
ومنذ سنوات، يسود خلاف حاد بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ودحلان، الذي فُصل من حركة "فتح" في حزيران/ يونيو 2011.
ويقيم دحلان في دولة الإمارات، وتربطه علاقات قوية بالشيخ محمد بن زايد، ولي عهد إمارة أبو ظبي، الذي يعد الحاكم الفعلي للدولة.
كما تدعم القاهرة، دحلان، وتربطه بها علاقات وثيقة.
وتابع الشوبكي: "في المقابل، القيادة الفلسطينية لا تريد أن تصطف مع قطر الداعم الرئيسي لحركة حماس".
وقال: "في النهاية أعتقد أن القيادة الفلسطينية لن تكون مع قطر، إن كان يتوجب عليها حسم موقفها".
وبيّن أستاذ العلوم السياسية، أن فلسطين تعمل بكل جهد أن تبقى في الحياد، وأن تتخذ مواقف متزنة.
من جانبه، قال جهاد حرب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، إن "دحلان" و"حماس" العاملان الأساسيان في اتخاذ موقف فلسطيني من الأزمة الخليجية.
وأضاف حرب: "الرئيس الفلسطيني يسعى أن يبقى في الحياد، ويجنب القضية الفلسطينية أزمات هي في غنى عنها، في ظل وضع سياسي إقليمي معقد".
وتابع: "عباس يأمل بألا يُطلب منه موقف حازم في الأزمة الخليجية، ومن الحكمة عدم اتخاذ أي موقف، والتعويل على حل النزاع بالحوار داخل مجلس التعاون الخليجي".
وقال: "أي موقف يحسب على الفلسطينيين، وعلى الدعم العربي السياسي والأمني والمالي للقضية الفلسطينية".
ويتفق "حرب" مع سابقيه، في أن فلسطين ستقف إلى جانب السعودية في حال أجبرت على اتخاذ موقف.
وأرجع "حرب" ذلك إلى التوتر (المكتوم) بين فلسطين وقطر التي تدعم حركة حماس.