بورتريه

التركي الشركسي.. ترامب بريطانيا: هل تسقطه جثث سرت؟

جونسون- عربي21
جونسون- عربي21
السياسي الأقل دبلوماسية على رأس الدبلوماسية البريطانية، كما وصفته "وكالة بلومبيرغ" الأمريكية.
خصومه ومعارضوه ينتقدون مواقفه وتصريحاته المثيرة، ويرون أنه غير جدير بتولي المناصب العليا في الدولة، فقد وصفه نائب رئيس الوزراء السابق، نك كليغ، بأنه "دونالد ترامب، يحمل قاموسا".

يتميز بشعره الكثيف الأشقر مثل الرئيس الأمريكي ترامب، ويعتبر أحد الشخصيات الأكثر تعقيدا وتناقضا في السياسة البريطانية.

يعود بوريس جونسون، المولود في عام 1964 في نيويورك، إلى أصول شركسية، فجده جونسون الأكبر كان تركيا مسلما من أصول شركسية يدعى علي كمال بك (1869- 1922) وكان صحفيا وسياسيا ووزيرا للداخلية واغتاله مناصرو مصطفى كمال أتاتورك.

درس بوريس جونسون في "كلية إيتون كوليج" الشهيرة، وأظهر ميلا إلى دراسة اللغة الإنجليزية والآداب الكلاسيكية.

ودرس الآداب القديمة في "جامعة أوكسفورد"، وانتخب رئيسا لاتحاد الطلبة في عام 1984.

وبدأ جونسون حياته العملية صحفيا في صحيفة "التايمز"، وانتقل لاحقا لصحيفة "الديلي تلغراف"، ثم أصبح مراسلها للاتحاد الأوروبي، ونائبا لمدير التحرير، قبل أن يصبح مديرا لصحيفة "سبيكتيتور" في عام 1991.

وأكسبته مسيرته الصحفية شهرة ومنحته مكانة اجتماعية، فتحت له باب العمل السياسي، وأصبح واحدا من أبرز السياسيين في البلاد ليتوج ذلك بانتخابه في عام 2001 نائبا في مجلس العموم، عن "حزب المحافظين".

انتخب في عام 2008 عمدة لمدينة لندن، واكتسب جونسون شهرة كبيرة والكثير من الأنصار عندما كان عمدة لندن، بعدما تزعم حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما جعل المراقبين يتوقعون توليه منصب رئيس الوزراء، وقيادة حزب المحافظين، بعد استقالة ديفيد كاميرون.

وتعرض لانتقادات حادة من رئيسة الوزراء تيريزا ماي، التي قللت من قدراته على التفاوض عندما كان عمدة لندن، وقالت: "إن كل ما حصل عليه في مفاوضاته مع الألمان هو مدافع مياه، ومنعته من استعمالها ضد المتظاهرين في الاحتجاجات".

ولج جونسون إلى المناصب الرسمية في عام 2004 كوزير الدولة المكلف بـ"الفنون"، واضطر إلى الاستقالة بعد انكشاف علاقة غرامية له، ولكنه عاد إلى الحكومة عام 2005، في منصب وزير الدولة المكلف بـ"التربية".

وألف العديد من الكتب، من بينها كتاب عن حياة رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشرتشل، وكتاب عن تاريخ روما، وآخر عن مدينة لندن.

ولم يتوقف مسلسل فضائح جونسون عند السياسة؛ فقد أقيل من صحيفة "التايمز" بسبب عدم الدقة في نقل التصريحات، كما أنه فصل من منصب المتحدث باسم "حزب المحافظين" عام 2004، بسبب كذبه بشأن علاقاته النسائية، ولكن هذه المصاعب كلها لم تقض على مستقبله السياسي، مثلما فعلت مع غيره.

واستطاع أن يواجه العواصف التي اعترضت طريقه، ويتغلب عليها، بفضل بلاغته الكبيرة، وقدرته على اللعب بالكلمات، وتغيير المواقف الحرجة والصعبة لصالحه في كل مرة.

وسيحاول فيما بعد الترشح لمنصب رئاسة الوزراء بعد أن تزعم حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أنه انسحب في آخر لحظة، بعدما تخلى عنه زميله، وزير العدل مايكل غوف، ورشح نفسه، وخسر في نهاية المطاف.

وعين وزيرا للخارجية البريطانية عام 2016 بعد تشكيل تيرزا ماي، غريمته، لحكومة "المحافظين" بعد فوزها بالانتخابات ضد "حزب العمال" بزعامة جيرمي كوربين.

وعرف عن جونسون تصريحاته المثيرة، وميله إلى النكتة والانتقاد الحاد، وهو ما جعل الكثيرين يتفاجأون بتوليه وزارة الخارجية.

ومن أبرز التصريحات المحرجة  تلك التي قال فيها إن "أصول الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الكينية، جعلته يكره تراث بريطانيا وتاريخها".

وشبه هيلاري كلينتون، المرشحة للانتخابات الرئاسية الأمريكية، بـ"ممرضة سادية تعمل في مصحة للأمراض العقلية".

وفي حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي، وصف جونسون الاتحاد الأوروبي بأنه "مشروع زعيم النازية، أدولف هتلر"، الذي حاول، على حد تعبيره، "إنشاء دولة أوروبية واحدة".

جونسون المشاكس لا يتوقف عن إثارة المشاكل ويعود إلى تعليقاته الساخرة من خلال ليبيا؛ فالحل كما يراه هو في "التخلص من الجثث"، لكي تصبح مدينة سرت الليبية دبي الجديدة، قائلا قبل أن يضحك إن "كل ما عليهم فعله هو تنظيفها من الجثث".

وقال: "إنني أرى ليبيا، بلدا لديه إمكانات غير معقولة، ففيها رمال بيضاء، وبحر جميل، وقصر القيصر، الحقيقي، إنه مكان غير معقول، لديه إمكانات حقيقية، وشباب بارعون يريدون تعلم التكنولوجيا".

وأشار إلى أن "هناك مجموعة من رجال الأعمال البريطانيين، يريدون الاستثمار في سرت على الساحل، قرب المكان الذي قبض فيه على القذافي وأعدم، الذي ربما رأيتموه، ولديهم رؤية ممتازة لتحويل سرت إلى دبي أخرى".

ورأى "حزب العمال" المعارض هذه التصريحات "غير ذكية، وفظة، وقاسية"، واتفق معه "حزب الأحرار" وحتى "حزب المحافظين" الذي طالب بعض أعضائه بطرد جونسون من منصبه.

ولم يلتزم الوزير البريطاني الصمت، بل سارع إلى الرد على منتقديه بسلسلة من التغريدات على حسابه في "تويتر"، وقال إن حديثه عن "الجثث" إنما كان يقصد به جثث عناصر تنظيم "داعش"، وقال أيضا إنه "من العار على من لا يعرفون خبايا الوضع في ليبيا أن يتكلموا عن الأمر".

لكن منتقديه ما زالوا يهددون موقعه في "الخارجية" البريطانية ولا تزال تعليقاتهم تثير تيريزا ماي والرأي العام البريطاني ضده، فهل ستكون"جثث سرت" السبب في  نهايته السياسية، أم إنه سينجح بذكائه في الخروج من الأزمة منتصرا؟ الجواب في 10 دواننغ ستريت في مكتب تيريزا ماي!
0
التعليقات (0)

خبر عاجل