هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "بوليتكو" مقالا للكاتب الأمريكي هارون الله، وهو مؤلف كتاب جديد بعنوان "الحرب العالمية الرقمية: الإسلاميون والراديكاليون والعالم الإلكتروني"، عن الشيخ محمد العريفي.
ويشير الكاتب إلى أن أهم نجم على وسائل التواصل الاجتماعي هو الشيخ الراديكالي السعودي محمد العريفي، الذي أعجب بخطبه عناصر تنظيم الدولة، وأصبح حليفا للحكومة السعودية.
ويتحدث هارون الله في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، عن طبيعة الأسئلة التي يطرحها المعجبون بالعريفي، الذي لا يعرفه الكثيرون في الغرب، لكنه أشهر داعية في الشرق الأوسط، وله متابعون على وسائل التواصل الاجتماعي، وحضور واسع في "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب" و"سناب تشات".
ويتساءل الكاتب قائلا: "فمن هو العريفي؟ نجم؟ هل هو رئيس دولة عربية؟ مغن مشهور مثل عمرو دياب؟ أو لاعبة رياضية مثل دينا الصباح؟".
ويجيب هارون الله قائلا: "في الحقيقة فإن الرجل في الفيديو ليس إلا محمد العريفي، قائد ديني متطرف يقيم في السعودية، وداعية مشهور له أكثر من 19 مليون معجب على وسائل التواصل الاجتماعي، وملايين آخرون، لكن الأرقام المجردة لا تقدر أهميته، فأشرطة العريفي مشهورة وتأثيره عظيم، ولديه منابر عدة تتراوح ما بين أربع إلى خمس (فتاوى سناب)، و12 تغريدة في اليوم على (تويتر)، وملايين من الشباب الذين يلتزمون بكل كلمة يقولها، والرسائل التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تهدف لتعبئة قطاع من المتلقين، (لم يتم اعتقال العريفي في الحلقة الأخيرة من النسخة السعودية من مسلسل سوبرانوز الأسبوع الماضي)".
ويلفت الكاتب إلى أن أشرطة العريفي غير المتسامحة ليست مهمة؛ نظرا لوجود عدد كبير من الشيوخ أصحاب الأفكار الرجعية، مشيرا إلى أنه وجد في دراسته، التي جمع فيها معلومات من عناصر منشقة في تنظيم الدولة، أو عن أشخاص فكروا في الانضمام إليه، أن أشرطة فيديو العريفي كانت واحدة من الأسباب التي دفعت السعوديين للسفر إلى سوريا والقتال هناك، والانضمام إلى جبهة النصرة وتنظيم الدولة.
ويذكر هارون الله أنه وجد في كتابه "الحرب الإلكترونية" أن عددا منهم ذكر اسم العريفي أكثر من أي شخص أثر عليهم، مستدركا بأن الإعلام الغربي لم ينتبه إليه.
ويتساءل الكاتب عن السبب الذي أدى إلى ظهور العريفي بصفته أهم داعية في الشرق الأوسط، وفي بلد يقوم بمراقبة رجال الدين، ويعتقل المئات بتهمة الفساد، ويقيد حرية التعبير، لافتا إلى أن العريفي مولود في الرياض عام 1970، وكان يريد دراسة الطب، إلا أن والديه أقنعاه وأعضاء من عائلته الكبيرة بدراسة الدين، وتلقى دراسته في جامعة الإمام محمد بن سعود، حيث حصل منها على شهادة في العقيدة، وأكمل دراساته في مرحلة الماجستير، إلا أن جامعة الإمام محمد لم تكن من المعاهد ذات الثقل في الإطار الأكاديمي، التي تطورت من معهد ديني أنشئ في الخمسينيات من القرن الماضي.
ويبين هارون الله أن من كان يطمح للدراسة والوصول إلى المراتب العليا في المؤسسة الدينية كان عليه أن يدرس في مكة أو المدينة أو الأزهر في مصر، منوها إلى أن العريفي كان راغبا بأن يخرج من إطار طبقته المتوسطة، والخروج من حيه، ليصبح عالما شهيرا.
ويفيد الكاتب بأن العريفي لاحظ في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي ظهور موجة بين زملائه، الذين كانوا يتبادلون أشرطة مسجلة للقرآن والمحاضرات وحتى أشرطة فيديو مهربة من دول أخرى، وكانت هذه الأشرطة ممنوعة، وينظر إليها العلماء الرسميون نظرة شك، إلا أن الشبان كانوا يتبادلونها فيما بينهم كما يتبادلون الكتب والتذكارات، ويخفونها بعيدا عن أعين السلطات، مبينا أن هذه الأشرطة تركت أثرها على العريفي الشاب، الذي اكتشف قدرة الإعلام الجديد على بناء جمهور، ومعه السلطة والنفوذ.
ويقول هارون الله: "من هنا بدأ العريفي، وقبل ظهور (يوتيوب)، بتسجيل أشرطة فيديو لمحاضراته وبطريقة غير منظمة، ونظرا لأن وضعه منعه من التوسع وتكوين جمهور واسع في المساجد، فإنه رآى في الإنترنت طريقة للالتفاف على المؤسسة الدينية، وشيئا فشيئا بدأ الناس يتعرفون على العريفي من خلال أشرطته، واكتشف أن ما كان جيدا لأشرطة الفيديو يختلف عن محاضرة مدتها ساعة تقريبا، فلغة الجسد مهمة وكذلك القصص، ولأن الدعوة هي كلها عن الأداء، وهذا يعني الحصول على جماهير وانتباه".
ويضيف الكاتب أن "العريفي يحب إثارة الجدل وإحداث زوابع، فقبل سفره إلى أوروبا عام 2012، زعم أن نساء الدانمارك عاشرن الكثيرين، لدرجة أنهن لا يعرفن أطفالهن الشرعيين، وكان النقد له في الشرق الأوسط والإعلام الغربي واسعا، لكنه لم يعتذر، وقال إن أمريكا منعت المسلمين من القيام بفتوحات بسبب أهدافها في المنطقة"، مشيرا إلى مواقفه من الشيعة وحرب العراق، وكذلك ما قيل إنها معاداة لجماعات المثليين وغيرهم.
ويرى هارون الله أن "أيديولوجية العريفي لا تختلف في ملامحها عن أيديولوجية الجماعات المتشددة الأخرى، ويعمل العريفي بشكل علني في السعودية، لكنه منع في بريطانيا عام 2014، بعد سلسلة من المحاضرات النارية التي ألقاها في كارديف وبيرمنغهام ولندن، حيث وصفه متحدث باسم وزارة الداخلية في حينه بأنه (تهديد على مجتمعنا)".
ويجد الكاتب أن "العريفي تهديد على السعودية أيضا، التي تقوم بجلد المدونين لانتقادهم، وهو ملهم للجماهير، ويجب على العائلة السعودية المالكة التعامل معه على أنه تهديد، إلا أن شعبيته تحميه من الضغوط الحكومية، حيث موضع نفسه للحديث ضد (المؤسسة) والغرب مستخدما خطابا تحبه جماهيره".
ويستدرك هارون الله بأن "الحكومة السعودية اكتشفت فائدة العريفي عندما انتقد قطر، حيث شنت السعودية حملة عليها بسبب الإسلاميين وإيران، فرحب السياسون السعوديون بتعليقاته، وعبروا عن تقديرهم لتلك التصريحات، التي قال فيها إن حماية المملكة من الأعداء الجيران هو (واجب ديني)".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "رغم الحملة التي شنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضد أمراء اتهمهم بالفساد، إلا أن العريفي لم يعتقل، وكما قال المنظر الإعلامي مارشال ماكلوهان في الستينيات: (تظهر أحيانا انتصارات غير متوقعة بين شعوب العالم)، وعلى ما يبدو فإن طريق العريفي للشهرة والتأثير من خلال وسائل التواصل الاجتماعي جعلته مؤثرا".