هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، الثلاثاء، بيانا "بلا كلمات"، تعليقا على هجمات النظام السوري على غوطة دمشق الشرقية، وجاء فيه: "لا توجد كلمات يمكنها أن تنصف الأطفال القتلى وأمهاتهم وآباءهم وأحباءهم".
ونسب البيان، الأول من نوعه، التعليق إلى "خيرت كابالاري"، مدير المنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع ترك بقية صفحة البيان فارغة دون أي كلمات.
وقصفت القوات الموالية للحكومة السورية منطقة الغوطة الشرقية، التي تسيطر عليها المعارضة، الثلاثاء، في تصعيد لأعمال العنف. أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنه أودى بحياة ما لا يقل عن 250 شخصا منذ ليل الأحد.
وذكر المرصد الذي يراقب الحرب من مقره في بريطانيا أن هذا أكبر عدد من القتلى يسقط في يومين منذ هجوم كيماوي في 2013 على المنطقة المحاصرة، وهي آخر معقل كبير للمعارضة قرب العاصمة دمشق.
وقال إن 106 أشخاص قتلوا في القصف الثلاثاء.
وأطلقت الضربات الجوية والصاروخية والقصف المدفعي شرارة حملة إدانة دولية. ووصفت فرنسا، العضو الدائم بمجلس الأمن، القصف الحكومي بأنه انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني.
ولم يرد تعقيب بعد من الجيش السوري. وتقول دمشق إنها لا تستهدف سوى المقاتلين.
وندد بانوس مومتزيس، منسق الأمم المتحدة لشؤون سوريا، الثلاثاء، بقصف خمسة مستشفيات في الغوطة الشرقية. وقال إن الهجمات المتعمدة على منشآت طبية "ربما تصل إلى جرائم الحرب".
وفي بروكسل، أبلغ رئيس وفد المعارضة السورية، نصر الحريري، الاتحاد الأوروبي بأن تصعيد الهجمات يمثل "جريمة حرب". وناشد مزيدا من الضغط الدولي على الأسد كي يتوقف عن ذلك.
وذكر المرصد أن ثمة 58 طفلا بين القتلى الذين سقطوا منذ بدء التصعيد يوم الأحد. وأضاف أن 1200 شخص آخرين أصيبوا بجروح.
طائرات حربية في السماء
قال عمال إغاثة إن الغارات الجوية توجد "حالة من الرعب" بين سكان الغوطة الشرقية، حيث يعيش من تقول الأمم المتحدة إنهم قرابة 400 ألف شخص. والجيب المكون من بلدات ومزارع، الذي تحاصره الحكومة منذ 2013.
وقال التلفزيون الرسمي السوري إن الفصائل في الغوطة أطلقت قذائف المورتر على دمشق اليوم، ما أدى لمقتل ستة أشخاص وإصابة 28. وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن الجيش رد بضرب أهداف لجماعات المعارضة المسلحة.
وقالت وزارة الخارجية السورية إن المسلحين في الغوطة يستهدفون دمشق، ويستخدمون الناس هناك "دروعا بشرية". وقالت في رسالة شكوى للأمم المتحدة إن بعض المسؤولين الغربيين يرفضون حق الحكومة في الدفاع عن نفسها.
وقالت خدمة الدفاع المدني في الغوطة الشرقية إن طائرات قصفت كفر بطنا وسقبا وحمورية وعدة بلدات أخرى الثلاثاء.
وقال سراج محمود، وهو متحدث باسم الدفاع المدني في الغوطة، فيما دوت الانفجارات في الخلفية: "الطائرات الحربية لا تترك السماء على الإطلاق".
وذكر أن قوات الحكومة قصفت منازل ومدارس ومنشآت طبية، وأن عمال إنقاذ وجدوا أكثر من مئة قتيل "في يوم واحد" أمس.
وقال اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، وهو تحالف لوكالات دولية يمول مستشفيات في سوريا، إن قنابل أصابت خمسة مستشفيات في الغوطة الشرقية أمس.
مناطق عدم التصعيد
تخوض روسيا، أقوى حلفاء الأسد، مسارا دبلوماسيا موازيا أدى إلى إقامة عدد من "مناطق عدم التصعيد" في مناطق تحت سيطرة المعارضة العام الماضي. واستعر القتال في الغوطة الشرقية، رغم أنها تقع في واحدة من مناطق عدم التصعيد المفترضة، لكن الاتفاق لا يشمل جماعة كانت تابعة لتنظيم القاعدة، ولها وجود محدود في المنطقة.
ويقول سكان وعمال إغاثة إن اتفاقات عدم التصعيد لم تتمخض عن وصول أي إغاثة، فيما تناقصت إمدادات الطعام والوقود والدواء.
وتقول الجماعتان المعارضتان الرئيسيتان اللتان وقعتا الاتفاقات مع روسيا في الصيف الماضي، إن الحكومة السورية وروسيا تتخذان من وجود المتشددين ذريعة لاستمرار القصف.
ولم تعلق روسيا على القصف الجديد للغوطة الشرقية اليوم.
وألقى وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أمس، مسؤولية الأوضاع في الغوطة على "استفزازات مسلحة" من متشددي جبهة النصرة، التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة. وقال إن موسكو وحلفاءها "قد يطبقون خبراتهم في تحرير حلب.. على الوضع بالغوطة الشرقية".
وحذر مبعوث الأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، من أن تصعيد المعركة في الغوطة قد يتحول إلى تكرار معركة حلب الدموية، التي استعادت دمشق السيطرة الكاملة عليها في أواخر 2016، بعد أعوام من القتال.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة إغاثة، أمس الثلاثاء: "هذه مخاوف لها ما يبررها". وأضافت أن سوء التغذية متفش، فيما أغلقت مدارس الغوطة منذ أوائل كانون الثاني/ يناير؛ بسبب الهجمات.
وقال مارك شنيلباكر، مدير المنظمة في الشرق الأوسط: "سكان الغوطة الشرقية مذعورون. لم يعد هناك مكان آمن يلجأون إليه".
اقرأ أيضا: مجزرة جديدة للنظام بالغوطة ومقتل 190 مدنيا منذ بدء الهجمات
وتشكل الغوطة الشرقية -التي يحاصرها النظام منذ حوالي 5 سنوات- إحدى مناطق "خفض التوتر"، التي تمّ الاتفاق عليها في محادثات العاصمة الكازاخية أستانا في 2017، بضمانة كل من تركيا وروسيا وإيران، وهي آخر معقل للمعارضة قرب العاصمة، وتحاصرها قوات النظام منذ 2012.
وفي مسعى لإحكام الحصار على المنطقة التي يعيش بها نحو 400 ألف مدني، كثفت قوات النظام -بدعم روسي- عملياتها العسكرية في الأشهر الأخيرة، ويقول مسعفون إنّ القصف طال مستشفيات ومراكز للدفاع المدني.
وفي وقت سابق الثلاثاء، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها حيال أمن المحاصرين في الغوطة الشرقية وسلامتهم، وحذرت من أن سوء التغذية زاد بشدة، خصوصا بين الأطفال، وأن الأمراض المعدية بدأت بالظهور.
اقرأ أيضا: جثث الأطفال.. المشهد الأكثر تكرارا في مشارح الغوطة
واكتفى عدد قليل من الدول والمنظمات الدولية بإصدار بيانات تنديد، وصفها نشطاء حقوقيون بـ"الخجولة"، وسط عجز دولي عن إنقاذ المدنيين العزّل أو وقف آلة القتل.