هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تحدث فيه عن الحوار الذي يجمع بين تركيا من جهة وبين الولايات المتحدة وألمانيا من جهة أخرى، حيث إنه اكتسى طابعا متجددا وشهد تقدما مثيرا للدهشة.
وقال في تقريره الذي ترجمته "عربي21" إن "تركيا تمكنت من تحقيق إنجازين في يوم واحد، حيث استطاعت، في 15 شباط/ فبراير، تهدئة علاقاتها المضطربة سابقا مع كل من ألمانيا والولايات المتحدة، حليفتيْها الغربيتيْن الرئيستيْن، بعد أن واجهت هذه العلاقات مشاكل حادة خلال الأشهر الماضية".
وذكر الموقع أن "رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، والمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، أعلنا خلال قمة مشتركة عن بداية فترة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين. ولتأكيد ربيع العلاقات التركية الألمانية القادم، أعلنت تركيا في اليوم التالي أنها بصدد الإفراج عن مراسل صحيفة (دي فيلت) الألمانية اليومية في تركيا، دينيز يوسل، الذي كانت تحتجزه خلال السنة الماضية بتهمة التجسس، فضلا عن أنها سوف تقوم بترحيله إلى بلاده".
اقرأ أيضا: ما طبيعة الآلية المرتقبة بين أنقرة وواشنطن لحل أزمة "منبج"؟
وأكد "ميدل إيست آي" أن "عملية الإفراج عن يوسل تؤكد أن الأزمة المتنامية في ألمانيا بشأن احتجازه، قد انتهت. وقد مثلت المحادثات بين يلدرم وميركل ثمرة لسلسلة من الاجتماعات السرية رفيعة المستوى بين الحكومتين، التي اتسمت بنوع من التوافق، على الرغم من التحذيرات التي وجهتها الحكومة التركية في وقت سابق حول أن تناول قضية المحاكم التركية يعتبر موضوعا لا علاقة له بالسياسة".
وأشار الموقع إلى أنه "بعد ساعات قليلة من قمة برلين، اتخذت علاقات تركيا مع الولايات المتحدة منحى تصاعديا غير متوقع، بعد انعقاد اجتماع استمر لمدة ثلاث ساعات ونصف في العاصمة التركية أنقرة، جمع بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون".
ونوهت الصحيفة إلى أن "كلا من تركيا والولايات المتحدة، اللتين كانتا حليفتين في حلف الناتو أثناء الحرب الباردة، اجتمعتا من أجل إيجاد حلّ لسلسلة من القضايا التي مثلت محل خلاف بينهما. ومن أهم القضايا الملحة التي كانت تستوجب التحرك السريع؛ التصادم الوشيك بين القوات المسلحة التركية والقوات الأمريكية".
وتجدر الإشارة إلى أن "أنقرة تقوم بمهاجمة المسلحين الأكراد السوريين، الذين ينتمون لوحدات حماية الشعب في محافظة عفرين، في حين ترى واشنطن في وحدات حماية الشعب حليفة لها في حربها ضد تنظيم الدولة".
وأفاد الموقع بأن "تيلرسون شارك في اجتماعه مع أردوغان دون الاستعانة بأي مساعدين أو مترجمين من وزارة الخارجية الأمريكية، ما سمح لوزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بالتكفل بمهمة الترجمة. ونتيجة لذلك، كانت هذه التجربة بمثابة قطع كامل مع الممارسات الدبلوماسية التقليدية".
وتعليقا على هذه الخطوة، أوضح متحدث سابق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، خلال حوار أجراه مع شبكة "سي إن إن"، أن ما حصل كان "بمثابة تهور إلى أقصى الحدود"، ذلك أنه في حال نشبت أي نزاعات في وقت لاحق بشأن الوعود التي تم قطعها خلال ذلك اللقاء، فستجد الولايات المتحدة نفسها مجردة من أي حجج تدعم موقفها.
اقرأ أيضا: صحيفة روسية: هل هناك توافق كامل بين واشنطن وأنقرة؟
وقال الموقع إن "أردوغان وتيلرسون خرجا من هذا الاجتماع بعد أن تم التخلص من التوترات التي شابت العلاقات بين البلدين مؤخرا. وأكد الطرفان على ضرورة عمل الولايات المتحدة وتركيا معا، فضلا عن أنهما وعدا بوضع آليات لتحقيق تقدم أكبر على مستوى المحادثات التي تدور بينهما. والجدير بالذكر أنه قد تم التخطيط لإجراء جولة أخرى من المناقشات، في منتصف شهر آذار/ مارس المقبل".
وذكر أنه من "المستحيل معرفة ما إذا كانت الصفقة التي تم عقدها في سوريا سترضي كلا من تركيا والولايات المتحدة. ومن المحتمل أن تحاول الولايات المتحدة إقناع حلفائها الأكراد السوريين بالانسحاب إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات. ولكن هل سيوافق الأكراد على القيام بذلك؟ في الواقع، حتى وإن نفذ الأكراد ذلك، فسيظل السؤال المطروح هو: هل ستكون هذه المبادرة كافية لتركيا، التي لا تقبل بالمعاقل الكردية السورية المستقلة وتعتبرها بمثابة تهديد وجودي لمستقبلها وسلامتها الإقليمية؟".
وأردف الموقع بأن "هناك أجندة طويلة من القضايا الأخرى التي يجب حلها بين تركيا والولايات المتحدة، قبل أن تصبح إمكانية تطبيع العلاقات بين البلدين واردة. وتشمل هذه القضايا المصير الذي ينتظره ثلاثة موظفين محليين من وزارة الخارجية، الذين يواجهون المحاكمة في تركيا، وعقوبة السجن لمدة طويلة في حق مهندس من وكالة ناسا يتمتع بالجنسية الأمريكية والتركية".
وتبرز إضافة إلى ذلك، قضايا شائكة أخرى على غرار عملية احتجاز قس بروتستانتي أمريكي، فضلا عن مستقبل فتح الله غولن، رجل الدين المنفي، الذي يعتقد أردوغان ومعظم الأتراك، أنه يقف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت خلال شهر تموز/ يوليو سنة 2016، والذي ترفض السلطات الأمريكية اتخاذ أي تدابير ضده.
وفي الختام، أكد الموقع أنه إلى حين إطلاق سراح بعض السجناء الأمريكيين في تركيا على الأقل، فإنه يبدو من الصعب حدوث انتعاش كامل في العلاقات الثنائية. أما إذا أراد تيلرسون إحياء العلاقات التركية الأمريكية من جديد، فإن عليه تقديم المزيد من التنازلات.