هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "فوكس" الأمريكي مقابلة صحفية بين الصحفي أليكس وارد وبريسيلا موريوتشي، والموظفة السابقة في جهاز الأمن القومي والمكلفة بالإشراف على التهديدات السيبرانية القادمة من شرق آسيا، التي بين من خلالها كيفية اعتماد كوريا الشمالية على عملة البيتكوين الرقمية المشفرة لتلافي آثار العقوبات الاقتصادية المسلطة عليها من طرف الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال الموقع، في الحوار الذي ترجمته "عربي21"، إن مواصلة الولايات المتحدة الأمريكية تسليط العقوبات على بيونغ يانغ لم يثن كيم جونغ أون عن المضي قدما في تطوير برنامج الصواريخ النووية والباليستية. ومن أجل التعمق في هذا الموضوع، التمس الصحفي أليكس وارد رأي بريسيلا موريوتشي، التي تقتضي مهمتها بيان المخاطر السيبرانية ومعرفة طرق مجابهتها والحد منها.
وفي تصريح أولي، أفاد الموقع بأن بيونغ يانغ تلتف حول العقوبات الاقتصادية من خلال امتلاك عدد كبير من البيتكوين، ومبادلتها من أجل تحقيق ربح مادي سنوي يتراوح بين 15 و200 مليون دولار. وإن لم يكن ذلك كافيا، فإن موريوتشي ترى أن كوريا الشمالية تضطلع بمهام تعدين البيتكوين من أجل زيادة الوقع الإيجابي لهذا النشاط الاقتصادي الذي يتخذ من البيتكوين قاعدة أساسية له.
وفي سؤال الموقع عن فائدة البيتكوين بالنسبة لكوريا الشمالية، أفادت موريوتشي بأن استعمال العملات المشفرة لا يتطلب إجراءات أمنية كثيرة، لتمثل بموجب ذلك بيئة خصبة لتكاثر النشاط الكوري الشمالي. وبناء على ذلك، أصبحت البيتكوين منصة لاحتضان مشاركة بيونغ يانغ خارج الرقابة التنظيمية للبلدان.
وتطرق الموقع إلى محدودية العقوبات، التي تقتصر في الغالب على تصدير وتوريد مواد مثل الحديد والفحم والمأكولات البحرية، لكنها تعجز عن تقويض مبادلات العملات المشفرة التي تجريها كوريا الشمالية. في المقابل، أوردت موريوتشي أن العقوبات لطالما ركزت على هذا الجانب، مهملة بذلك جوانب متعددة، وتاركة عدة ثغرات يستفيد منها البرنامج النووي الكوري الشمالي ليحافظ على ديمومته ولو بصفة جزئية.
وفي استفسار الموقع عن القاعدة التي تحتضن هذه العمليات، أجابت موريوتشي بأن كوريا الشمالية تعتمد على قواعد خارج حدودها في بلدان أجنبية لتنفيذ عملياتها السيبرانية، مكونة شبكات من القواعد التشغيلية. وفي واقع الأمر، تتمركز أغلبها في البلدان الآسيوية، على غرار الصين والهند وماليزيا والفلبين، لكن الأبحاث لا تزال جارية.
أما فيما يتعلق بحجم عمليات العملات الرقمية التي تجريها كوريا الشمالية، أكدت موريوتشي بأن هذه العمليات لا تزال تدار على نطاق ضيق مقارنة بنظيراتها في روسيا والصين. كما أفادت الموظفة بأنه لا يمكن اعتبار تعدين حكومة كيم جونغ أون للبيتكوين نشاطا غير قانوني بأي شكل من الأشكال، لكن ذلك لا ينفي ضلوعها في نشاطات محظورة في السابق، على غرار تزوير الدولار والسجائر.
وفي سياق متصل، أكدت موريوتشي بأن أي مستخدم وحامل لعملة البيتكوين بإمكانه شراء أي غرض يريده، ولا يمكن اعتبار كوريا الشمالية استثناء لمجرد وجود عقوبة دولية مسلطة عليها. كما حذرت الخبيرة في التهديدات السيبرانية من الشبكات الإجرامية واسعة النطاق التي تخضع لسيطرة بيونغ يانغ. فتمكن هذه الشبكات، التي تمارس الأنشطة غير المشروعة، من تحويل البيتكوين إلى عملة نقدية يمثل هاجسا يؤرق المجتمع الدولي ويقض مضجعه.
وفي سؤال الموقع عن كيفية تحويل حكومة خاضعة للعقوبات الدولية لعملاتها الرقمية إلى عملات نقدية، اعتمدت موريوتشي مقاربة سرقة البنك المركزي في بنغلاديش سنة 2015. آنذاك، وُجهت أصابع الاتهام إلى كوريا الشمالية، حيث زعمت مصادر إعلامية بأنها سرقت مبلغ 81 مليون دولار وتمكنت من تحويله إلى حسابات مصرفية في الفلبين، ثم إدارة هذه الأصول المالية في كازينوهات في مكاو والفلبين، والاستيلاء عليها دون ترك أدلة تكفي لإدانتها.
أما فيما يتعلق برأيها حول عجز الولايات المتحدة الأمريكية عن فرض عقوباتها في العالم الافتراضي، أوردت موريوتشي بأن سبب عجز حكومة ترامب يرجع لعدم انتظام مبادلات البيتكوين بصفة كافية.
ففي الحقيقة، لا تخضع هذه المعاملات المالية الرقمية لمراقبة دولية، فضلا عن عدم الحاجة لأوراق ثبوتية من أجل إتمام بنودها. بالإضافة إلى أن عدم وجود لوائح في العالم الرقمي يحول دون تحقيق الرغبة الأمريكية في فرض الرقابة على النشاط الرقمي الكوري الشمالي.
وحيال إمكانية استعمال بيونغ يانغ للبيتكوين لتحسين برنامجها النووي، أفادت موريوتشي بأنها تراهن على أن كوريا الشمالية تحوّل عملاتها الرقمية المشفرة إلى عملة حقيقية وأغراض مادية معينة، تصب في مصلحة برنامج الصواريخ النووية والباليستية الذي تنتهجه وتعمل على خدمة أهدافه.
كما أكدت موريوتشي أنه في حال اجتمعت بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو سفيرة الأمم المتحدة نيكي هالي، فإنها ستناشدهما لحشد المزيد من الدول التي تؤيد زيادة اللوائح المتعلقة بالمبادلات ومزودي المحافظ الرقمية، لرصد النشاطات الكورية الشمالية ومنعها.
وفي الختام، أشارت موريوتشي إلى ضرورة الحذر من تطور النشاط الكوري الشمالي في مجال مربح مثل العملات الرقمية المشفرة، نظرا لكونه عاملا حاسما في سباق التسلح النووي. ويبدو أن كوريا الشمالية قطعت شوطا هاما في هذا المجال في ظل غياب قيود دولية تحد من حرية حركتها في مجال مبادلات العملات الرقمية المشفرة أو تكنولوجيا المعلومات.