بورتريه

صلاح.. لاعب تمكن من تغيير الإنجليز وتجاوز العنصرية (بورتريه)

محمد صلاح بورتريه
محمد صلاح بورتريه

لم يتوقف عن إبهار الجمهور الإنجليزي وعشاق "البريميرليج" منذ أن وطأت قدماه ملعب "أنفيلد".


يمتلك الأحقية والقدرة على نيل أهم وأكبر الجوائز العالمية في مجال كرة القدم.

أداء مؤثر في مباريات نادي "ليفربول" دفعت الإعلامي الشهير بيرس مورغان إلى القول إنه "أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي منذ تييري هنري".

فائز بجائزة أفضل لاعب إفريقي لعام 2017 بعد أن نجح في قيادة المنتخب العربي المصري إلى نهائيات كأس العالم في موسكو بعد غياب 28 عاما.

تألقه مع "ليفربول" تحت إدارة المدرب يورغن كلوب شكل تغيرا كبيرا في المزاج الإنجليزي، ما دفع بمعظم وسائل الإعلام إلى الحديث عن الظاهرة الجديدة، وترى صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الأغنية التي أطلقها مشجعو "ليفربول" والمغرمون بنجم الفريق محمد صلاح الملقب بـ"الملك المصري" ترسم صورة مغايرة تماما لحالة التعصب والعنصرية في المدرجات التي أظهرت في حقبة الثمانينيات والسبعينيات من القرن الماضي، مع حجم الإعجاب لمهاجم عربي مسلم في الوقت الحالي.

وساعد في تغيير الصورة النمطية نماذج من اللاعبين المسلمين الذين قدموا إسهامات إنسانية في بريطانيا ومنهم بول بوغبا لاعب "مانشستر يونايتد" الذي يعرف عنه تقديمه لتبرعات كبيرة من راتبه لصالح الجمعيات الخيرية. 

وهناك أيضا رياض محرز لاعب "ليستر سيتي" ونغولو كانتي لاعب "تشلسي" ومسعود أوزيل لاعب "أرسنال" وبابا توريه لاعب "مانشستر سيتي" وإسلام سليماني في "نيوكاسل" وغيرهم الكثير.

ولم يتوقف احتفاء جماهير "ليفربول" بصلاح عند أهدافه الغزيرة ومهارته في الملعب فقط، وإنما امتد إلى دينه وأصوله، وأكدوا أن هويته الإسلامية والتزامه بدينه لم تعد تمثل مشكلة، بل على العكس صارت إحدى مميزاته التي يتغنى بها الجمهور.

ويحرص صلاح، المولود عام 1992، في قرية نجريج التابعة لمدينة بسيون في محافظة الغربية على الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي داخل وخارج الملاعب عبر السجود لله بعد كل هدف يحرزه، وحمل القرآن الكريم معه في تنقلاته، وأدائه صلاة الجمعة بالمسجد.

وفي مقابلة مع قناة "بي بي سي"، أعرب إمام المسجد في مدينة ليفربول عن سعادته بالأخلاق الرفيعة التي يتمتع بها صلاح، التي جعلت جمهوره يحترمه، وانعكس ذلك على تصرفاتهم، حتى أنهم ألفوا له أغنية خاصة بعنوان "المسجد سيكون مكاني" وأحدثت ضجة كبيرة في إنجلترا.

وكشفت صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير لها أن محمد صلاح ساهم في تراجع الحوادث العنصرية في إنجلترا منذ انضمامه لفريق "ليفربول"، مشيرة إلى أن إشادة الجماهير الإنجليزية بالدين الإسلامي في هتافاتهم الرياضية يعد أمرا غير مألوف في الملاعب الإنجليزية.

ونقل عن المديرة التنفيذية لـ"منتدى مكافحة العنصرية في أوروبا" بيارا بوار قولها إن أغنية جمهور ليفربول لمحمد صلاح "هي المرة الأولى التي ترى فيها تعليقا إيجابيا وصريحا يتضمن الدين الإسلامي في الملاعب الإنجليزية، المعروفة بانتشار العنصرية فيها".

وأكدت تراجع حدة الإهانات العنصرية ضد الجالية المسلمة في بريطانيا منذ قدوم صلاح إلى "ليفربول"، واصفة الأمر بالخارق، مشددة على أن اللاعب الجيد مثل صلاح يكسر الحواجز، ويدفع الجماهير لتقبل عرقه أو دينه، حتى لو كانوا في الماضي ضد ذلك.

وألفت جماهير ليفربول أغنية لصلاح، يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "أغنية المسلم"، تقول كلماتها: "هو جيد بالنسبة لي.. جيد بالنسبة لك.. وإذا سجل المزيد من الأهداف قد أصبح أنا مسلما مثله، صلاح جيد بالنسبة لي، صلاح جيد بالنسبة لك، سيكون المسجد مكاني الذي أفضل التواجد به".

الكثيرون أبدوا إعجابهم بصلاح بسبب أخلاقه الحميدة والتزامه الديني، وجديته وتواضعه، وتألقه داخل الملعب، حتى أن شبكة "ESPN" الرياضية الأمريكية قالت إن شعبية محمد صلاح أصبحت طاغية لدرجة تؤهله ليكون عمدة مدينة "ليفربول".

ونشر زميله في "ليفربول" اللاعب الكرواتي ديان لوفرين صورة لصلاح، ووضع على رأسه تاجا، وكتب تحتها تعليق "رئيس مصر المقبل".

ومن المفارقات أن الجمهور البريطاني من أسوأ الجماهير سلوكا، وذلك بحسب ما تقول منظمة "كرة قدم بلا عنصرية" ومقرها بريطانيا، وتعمل على دراسات التمييز والعنصرية في رياضة كرة القدم.

وقالت المنظمة إنه من بين 539 حادثا تميز بالعنصرية، والتمييز، ومعاداة السامية، والإسلاموفوبيا، كان نصيب البريطانيين منها 59 حادثا وهي أكبر نسبة بين الجماهير المختلفة، وذلك في الفترة ما بين عامي 2015 و2016.

وتابعت المنظمة: "بعد ذلك جاء صلاح ليغير طريقة هتاف الجمهور".

"الفرعون الصغير" أو "ملك مصر"، محمد صلاح انضم إلى "ليفربول" الصيف الماضي قادما من نادي "روما" الإيطالي، مقابل 50 مليون يورو.

وكان المدير الرياضي الجديد لنادي "روما" مونتشي وافق على رحيل محمد صلاح ، ويبدو أن مونتشي أخطأ التقدير في التفريط في لاعب يملك مواهب ليونيل ميسي في برشلونة.

يستطيع صلاح اللعب بقدمه اليسرى، كما أنه يميل إلى الجهة اليمنى، إلا أن لديه من السرعة والإبداع ما يمكنه من زعزعة دفاع الخصم بأكمله، وليس من المبالغة، أن يكون صلاح أفضل صفقة في الدوري الإنجليزي الممتاز لهذا الموسم، بحسب الصحافة البريطانية.

من جانبه، يرى النجم الفرنسي السابق، تييري هنري، أن محمد صلاح "يقدم موسما استثنائيا، ويكتب قصة عظيمة مع ليفربول الإنجليزي".

فيما يقول النجم البرازيلي لنادي "باريس سان جيرمان" الفرنسي، نيمار عن صلاح: "يقدم مستويات جيدة للغاية، وهو لاعب عظيم وأعتقد أن بإمكانه صناعة الفارق في المونديال".

ويؤكد الأسطورة العربية لاعب "الأهلي" ومنتخب مصر السابق محمد أبوتريكة أن محمد صلاح "قدوة للشباب في العالم العربي، والجميع يدعو له بالتوفيق".

صلاح الذي بدأ مسيرته الكروية مع نادي "المقاولون العرب" ما بين عامي 2006 و2012 انتقل بعدها إلى فريق "بازل" السويسري، و"تشلسي" الإنجليزي، و"فيورنتينا" الإيطالي، ثم "روما" الإيطالي الذي غادره إلى فريقه الحالي "ليفربول".

رجل الأسرة الذي تزوج مبكرا في عام 2013 من ماجي محمد صديقته بالمدرسة، وأنجب منها فتاة سماها "مكة" بحثا عن الاستقرار، لا يترك كرة القدم لتسيطر علي حياته، فهو كما تقول سيرته الذاتية متبرع كبير لبناء مستشفى ووحدات صحية وحضانة ومدرسة لأبناء قريته ولـ"جمعية اللاعبين القدامى" وحتى للاقتصاد المصري.

ربما دون أن يخطط، ودون أن يقصد، فقد تحول محمد صلاح، الذي لم يستطع إكمال تعليمه الجامعي بسبب ظروف أسرته المالية الصعبة، إلى ظاهرة في بريطانيا، وإلى أداة تغير إيجابي في نمط تفكير جيل من المراهقين الإنجليز الذين يكبرون وهم يشاهدون محمد صلاح "أبو مكة" ونحو 30 لاعبا مسلما في الدوري الإنجليزي "البريميرليج " يشكلون النموذج الحقيقي للمسلم وللعربي، وينفضون الغبار الذي علق بصورة مزقها الخوف الوهمي والملتبس عن الإسلام ومنطقة الشرق الأوسط.

التعليقات (0)

خبر عاجل