هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا، تحدثت فيه عن "تنامي حجم مبيعات أسلحة المملكة المتحدة الموجهة إلى السعودية، التي يتم استخدامها في عمليات القصف التي تنفذها قوات التحالف ضد اليمنيين".
وبحسب الصحيفة "تعتمد المملكة المتحدة تراخيص بيع أسلحة غير دقيقة لتقنين هذه التجارة، مما يجعل تعقب هذه العمليات غاية في التعقيد".
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الكشف عن وجود صفقات أسلحة بين المملكة المتحدة والسعودية تسبب في توجيه المجتمع الدولي لأصابع الاتهام للحكومة البريطانية. وقد شددت جميع الجهات المعنية على أن الحكومة تحاول إخفاء القيمة الحقيقية لهذه الصفقات، وهو ما نفته وزارة التجارة الخارجية البريطانية.
ويثير الدور الذي تلعبه الأسلحة البريطانية في خضم عمليات المملكة العربية السعودية في اليمن الكثير من الجدل، حيث يتم استخدامها لترهيب الملايين من المواطنين ودفعهم إلى النزوح، ناهيك عن إزهاق أرواحهم.
وبينت الصحيفة أن منظمات حقوق الإنسان الدولية تعتبر ممارسات حكومة بن سلمان في اليمن جرائم حرب، حيث ترتكب قوات التحالف التي تقودها السعودية جرائم شنيعة في حق المواطنين اليمنيين في مدينة الحديدة، التي تعد ساحة لمعارك دامية بين الحوثيين المدعومين من إيران وهذه القوات. والجدير بالذكر أن اليمن بات على مشارف أزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل في العالم.
من جهتها، أكدت السلطات البريطانية أنها تسلط رقابة لصيقة على مبيعات الأسلحة الخاصة بها، كما أنها لا تمنح تراخيص البيع إلا بعد دراسة كل صفقة على حدة. في المقابل، يكشف تقرير حديث أن بريطانيا دأبت على بيع عدة صواريخ جوالة طويلة المدى من نوع ستورم شادو وبريمستون إلى السعوديين على مدى السنوات الخمس الفارطة، فضلا عن قنابل بيفواي الرابعة ثنائية الوضع والتوجيه.
وتتم جميع هذه الصفقات تحت ما يعرف باسم "ترخيص التصدير الفردي المفتوح".
وتطرقت الصحيفة إلى الصلاحيات التي يمنحها ترخيص التصدير الفردي المفتوح في المملكة المتحدة، حيث يسمح للشركات بالقيام بعدد غير محدود من الصفقات خلال فترة محددة، التي تتراوح في العادة بين ثلاث وخمس سنوات.
ولا يُلزم هذا الترخيص الجهات المصنعة بنشر تكلفة الحصول على الترخيص بعد انتهائه. وقد أفاد ناشطون حقوقيون بريطانيون أن حكومتهم منحت شركات صناعة الأسلحة تراخيص استثنائية لبيع أسلحة استراتيجية لصالح النظام السعودي.
وأحالت الصحيفة إلى تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام بشأن كمية الأسلحة التي يتم بيعها كل سنة، لتجد أن السعودية اشترت حوالي 100 صاروخ من نوع ستورم شادو بريطاني الصنع بقيمة تتجاوز 80 مليون جنيه إسترليني منذ سنة 2013 فقط.
بالإضافة إلى ذلك، اشترى النظام السعودي 2400 قنبلة من نوع بيفواي الرابعة تناهز قيمتها 150 مليون جنيه إسترليني، فضلا عن ألف صاروخ بريمستون بتكلفة تقدر بحوالي 100 مليون جنيه إسترليني خلال الخمس سنوات الفارطة.
ونوهت الصحيفة إلى أن التراخيص المفتوحة لبيع الأسلحة صدرت قبل سنوات من التدخل العسكري السعودي في اليمن، ولا تزال معتمدة إلى اليوم على الرغم من تغيُر الخارطة السياسية في منطقة الشرق الأوسط. كما يوظف هذا النوع من التراخيص لتصدير العديد من القنابل التي تقدر قيمتها بملايين الجنيهات الإسترلينية بصفة يومية.
وحيال هذا الشأن، صرح عضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال، لويد راسل مويل، أن العديد من الجهات الحكومية لا تملك أدنى فكرة عن حيثيات عمليات تصدير هذه الأسلحة بالأساس.
وأفادت الصحيفة أن عملية إصدار تراخيص التصدير الفردي المفتوح تم تحديثها سنة 2015 بهدف التشجيع على استخدامها على نطاق أوسع، وهو ما قابله استهجان شديد من طرف اللجان المسؤولة عن التحكم في صادرات الأسلحة في المملكة المتحدة. فقد أشارت هذه اللجان إلى أن مثل هذه الحركة ستحد، من دون شك، من الشفافية التي تحيط بمبيعات الأسلحة البريطانية.
ومن جهتها، شددت وزارة الأعمال والابتكار والمهارات على أن التحديث شمل التراخيص المتعلقة بالسلع الأقل حساسية التي تباع لجهات لا تشهد توترات كبيرة حول العالم.
وعلى الأرجح أن شركات الأسلحة البريطانية لا تنتقي عملائها بدقة، حيث أكدت الحكومة البريطانية أن أنظمة الأسلحة الثلاث التي بيعت للسعودية تم استخدامها في اليمن.
وتمكنت منظمة هيومن رايتس ووتش من تأكيد استخدام قنابل بيفواي الرابعة بريطانية الصنع في هجمات استهدفت المدنيين في اليمن. كما عمل مراسلون تابعون لقناة سكاي نيوز على تمشيط منطقة تعرضت لهجوم من طرف قوات التحالف، ليعثروا على شظايا من صاروخ ستورم شادو يحمل علامات تثبت أنه صنع في المملكة المتحدة.
وفي الختام، نقلت الصحيفة على لسان متحدث باسم وزارة التجارة الخارجية البريطانية أن مبيعات القنابل والصواريخ تمت بموجب اتفاقية بين الحكومة البريطانية ونظيرتها السعودية.
وأضاف المصدر ذاته أن تراخيص التصدير الفردي المفتوح ليست بالسهولة التي يتخيلها المجتمع الدولي، حيث يتطلب إبرام صفقات الأسلحة عدة أشهر حتى تفي بجميع شروطها، ناهيك عن كونها تخضع لرقابة المفتشين التابعين للوزارة.