هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إعلان رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم هاني أبو
ريدة عن ملكية الدولة المصرية لشركة "برزينتشن للتسويق الرياضي"، الكثير
من التساؤلات، خاصة وأن الشركة التي ستتولى تسويق الرياضة المصرية ملكا لشركة "إعلام
المصريين" وهذه أصبحت تحت سيطرة شركة "إيجيل كابتل" المملوكة لجهاز
المخابرات المصرية.
ما كشفه أبو ريدة تزامن مع إعلان رئيس لجنة المسابقات
بالدوري المصري عن الملاعب التي سمحت الجهات الأمنية بإقامة مباريات الدوري عليها
والتي جاء بمقدمتها استاد الجيش المصري ببرج العرب، واستاد الدفاع الجوي، واستاد
السلام التابع للانتاج الحربي وأخيرا استاد الكلية الحربية، بينما منح اتحاد الكرة
إجازة مفتوحة لاستاد القاهرة المملوك للدولة.
الاستادات الأربعة لم تكن الوحيدة التي تمثل الجيش في
الرياضة المصرية، بل هناك ثلاثة أندية تابعة للقوات المسلحة تشارك في منافسات
الدوري المصري للعام المقبل، وهي أندية طلائع الجيش، وحرس الحدود، والانتاج الحربي،
وهو ما أثار تساؤلات متعددة عن توسع القوات المسلحة وأجهزتها المختلفة على الساحة
الرياضية.
من جانبه أكد عضو اتحاد الكرة المصري السابق بهاء رحاب
في تصريحات لـ"عربي21" أن سيطرة الجيش لم تكن بالشكل الكبير منذ خمس
سنوات عندما كان عضوا بمجلس اتحاد الكرة، إلا أنه أشار إلى وجود كثير من الشخصيات
المؤثرة والعاملة بالوسط الرياضي لهم علاقات مميزة بالقوات المسلحة، ومن خلالهم
يتم التصدي لاية انتقادات يمكن أن توجه ضد الجيش أو قياداته.
"الاستحواذ والسيطرة"
بينما أشار الباحث المتخصص في علم الاجتماع السياسي
إسماعيل عبد الوهاب لـ"عربي21" إلى أن الجيش المصري يسيطر على كل مفاصل
الدولة بما فيها الرياضة المصرية، وهي سيطرة قديمة وإن كانت غير ملموسة حتى ظهور
رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي يهدف للسيطرة على كل المجالات وخاصة التي
يمكن أن تضيف ربحا اقتصاديا.
ويضيف عبد الوهاب أن وزير الدفاع السابق المشير محمد
حسين طنطاوي كان مهتما بالرياضة، ولكنه كان اهتماما من أجل المشاركة، وفي عهده
شاركت أندية حرس الحدود وطلائع الجيش والإنتاج الحربي بالدوريات المصرية سواء كرة
القدم أو غيرها، ولكنه كان مهتما بالمشاركة وليس السيطرة.
وعن الهدف من هذه السيطرة يشير عبد الوهاب إلى أنها تأتي في
ظل التحكم الذي يمارسه السيسي على كل مؤثرات الرأي العام، ولذلك كانت أولى خطواته
السيطرة على الإعلام من خلال الشركات المملوكة للأجهزة المخابراتية التابعة للقوات
المسلحة، وبالتالي لم يكن غريبا أن تكون الشركة الراعية للمنتخب المصري ولمعظم
الأندية الأخرى وهي شركة برزينشن مملوكة لإحدى شركات المخابرات التي تسيطر أيضا
على الإعلام المصري.
ويضيف عبد الوهاب أنه يجب دراسة شخصية السيسي وأسلوب
تفكيره حتى نستطيع التعاطي مع مجريات الأحداث، فالسيسي كما يرى الباحث بعلم
الاجتماع السياسي، يعتمد على أسلوب الاستحواذ والسيطرة، وهو أسلوب له فوائد عديدة
لترسيخ أقدامه منها السيطرة على صناعة الرأي العام وتوجيهها كما يريد، فضلا عن
الاستفادة الاقصادية من كل ما يراه السيسي يمكن أن يمنحه مالا.
"سيطرة سياسية"
ويشير المتخصص في التسويق الرياضي الدكتور سعد البسيوني
لـ"عربي21" إلى أن الرياضة تساعد في تشكيل النظام الاجتماعي والاقتصادي ليس
بمصر وإنما على مستوى العالم، وهو ما فطنت إليه الدولة المصرية مؤخرا بالسيطرة
المباشرة على الرياضة باعتبارها نشاطا اقتصاديا وتجاريا يحقق عوائد متنوعة، وهو ما
أكده السيسي في أكثر من مناسبة بأن الرياضة وخاصة كرة القدم واحدة من أهم المكونات
الرئيسية للأمن القومي المصري.
ويشير البسيوني إلى أن القوات المسلحة تتعامل مع الرياضة من
هذا المنطلق، فهي من الناحية الاقتصادية تسيطر على حقوق الرعاية والبث والتسويق،
كما أنها تسيطر على الملاعب التي تجري عليها المباريات وهو عائد اقتصادي كبير في
حد ذاته، وخاصة في ظل عودة الجماهير للمدرجات، كما أنها تقدم خدمات أخرى مثل
الفنادق والأندية التي يمكن من خلالها تنظيم المعسكرات الداخلية، مثل مدينة الدفاع
الجوي التي أصبحت المفضلة لمعظم الأندية.
ويعتبر البسيوني أن الأهم من السيطرة الاقتصادية، هو السيطرة
السياسية والتحكم في مفاصل الرياضة، فمعظم المديريين التنفيذيين بالنوادي والأندية
قيادات سابقة بالقوات المسلحة، وكل تجهيزات مراكز الشباب التي تتجاوز 60 ألف مركز
على مستوى الجمهورية يتحكم فيها قيادات سابقة بالجيش والشرطة، كما أن عددا كبيرا
من النقاد الرياضيين لهم علاقات بالمؤسسات العسكرية، ما جعل الرياضة في النهاية
تحت تحكم هذه المؤسسات.
ويضيف البسيوني أنه طبقا لنظام الاعتمادات الإضافية في
الموازنة، فإن هذه الاعتمادات تذهب بالأمر المباشر لوزارة الانتاج الحربي أو
الهيئة العربية للتصنيع وكلاهما يتبع القوات المسلحة، كما أن وزارة الإنتاج الحربي
هي المسيطرة على تجهيز ملاعب مراكز الشباب بالنجيل الصناعي وهو ما يحقق لها عائدا
اقتصاديا كبيرا.