هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يأخذ موضوع تحالفات الإسلاميين السياسية حظّه من البحث والدراسة، وذلك لأسباب عديدة منها طول أمد العزلة السياسية التي عاشها الإسلاميون بسبب تحالفات النظم الحاكمة مع بعض القوى السياسية، واستثناء الإسلاميين من هذه التحالفات، بناء على قواسم أيديولوجية مشتركة بين الأنظمة ونلك التيارات.
لكن، مع ربيع الشعوب العربية، ومع تصدر الحركات الإسلامية للعمليات الإنتخابية في أكثر من قطر عربي، نسج الإسلاميون تحالفات مختلفة مع عدد من القوى السياسية داخل مربع الحكم، وترتب عن هذه التحالفات صياغة واقع سياسي موضوعي مختلف، ما جعل هذا الموضوع يستدعي تأطيرا نظريا على قاعدة رصد تحليلي لواقع هذه التحالفات: دواعيها وأسسها وصيغها وتوافقاتها وتوتراتها وصيغ تدبير الخلاف داخلها، وأدوارها ووظائفها، وتجاربها وحصيلتها بما في ذلك نجاحاتها وإخفاقاتها.
يشارك في هذا الملف الأول من نوعه في وسائل الإعلام العربية نخبة من السياسيين والمفكرين والإعلاميين العرب، بتقارير وآراء تقييمية لنهج الحركات الإسلامية على المستوى السياسي، ولأدائها في الحكم كما في المعارضة.
يواصل القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين السوريين، مدير مركز الشرق العربي الدكتور زهير سالم، في الجزء الثاني من عرضه لتيار الإسلام السياسي السوري في علاقته بالثورة التي انطلقت مطلع العام 2011، متسائلا عن سرّ تحويل الثورة السورية من سلمية إلى مسلحة، وموقف قادة الإسلاميين من ذلك.
إسلاميو سوريا لم يستفيدوا من معاركهم مع الاستبداد في الثورة
كثيرا ما تساءل العقلاء والراشدون :في أي هيئة راشدة عاقلة تم اتخاذ قرار تحويل الثورة السلمية في سوريا إلى ثورة مسلحة؟! وهل هناك قرار من أي هيئة شرعية أو علمية أو سياسة سورية يمنح هذا القرار شرعيته الدينية والاستراتيجية. أم إن عسكرة الثورة كان مطلبا أسديا إقليميا دوليا، وتمت الاستجابة له دون وعي ولا دراسة ولا تمحيص. نسأل عن وجود قرار مع إقرارنا بإمكانية أن يخطئ المقرر؟!!!
من الإصلاح إلى إسقاط النظام
في أي هيئة راشدة عاقلة وضعت استراتيجية المعركة العسكرية التي فرضت على الشعب السوري والثورة السورية أن تخوضها؟!! فبينما كان الخبراء العسكريون الدوليون، الروس والإيرانيون، يرسمون للطرف الآخر استراتيجيته، كانت العفوية والتلقائية هي سيدة الموقف على الطرف الآخر، فلا رؤية ولا استراتيجية ولا تكتيك بل فوضى في كل شيء، في ظل غياب القيادة الراشدة التي كان ينتظر منها أن تمسك وأن تُحكم وإن خرج عليها خارج من هنا وهناك.. القيادة التي نتحدث عن غيابها في هذا المقام.
خرج الشعب السوري يريد الإصلاح ثم هتف: الشعب يريد إسقاط النظام.. فهل إسقاط النظام المتمثل في شخص بشار الأسد في دمشق، وفي مفاصل عملية يعرفها كل من شدا شيئا من علم الاستراتيجية، بالسيطرة على ظل شجرة في الشمال أو على تلة (عَليَة) في الجنوب. والحديث عن كل ما سمي تحرير المواقع والبلدات والمدن وتحويل المحرر إلى عبء، ومرتع، وطريقة إلى إراحة النظام من القوى المجتمعية الأكثر حيوية ..
بينما كان الخبراء العسكريون الدوليون، الروس والإيرانيون، يرسمون للطرف الآخر استراتيجيته، كانت العفوية والتلقائية هي سيدة الموقف على الطرف الآخر
ما تزال سورية وطنا للمأساة، وما تزال أسباب الثورة فيها تتعاظم وتتفاقم وتشتد الحاجة إليها.
إقرأ أيضا: قيادي إخواني سابق: الإسلام الوسطي يمثّل عامة أبناء سوريا