هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، لم يثن من عزيمة بريطانيا عن محاولة عقد صفقات سلاح مع السعودية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه في الوقت الذي شجبت فيه الحكومة البريطانية مقتل خاشقجي في قنصلية بلاده، في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أنها بحثت في الأسابيع اللاحقة عن تأمين صفقات سلاح مع الرياض، رغم ما أحاط بجريمة القتل من شجب دولي ودعوات لوقف صفقات السلاح مع السعودية.
وتفيد الصحيفة بأنه في الوقت الذي طالبت فيه الحكومة البريطانية بأجوبة عن الظروف التي أحاطت باختفاء خاشقجي وقتله، فإن ممثلي الحكومة في شؤون التجارة واصلوا لقاءاتهم وعلى مستويات عالية مع المسؤولين السعوديين.
ويلفت التقرير إلى أن وفدا من منظمة الدفاع والأمن، وهي وحدة داخل وزارة التجارة الدولية، وتقوم بتسويق صناعات السلاح إلى الخارج، قام في 14 و22 تشرين الأول/ أكتوبر بزيارة الرياض، وذلك بحسب وثائق حصلت عليها صحيفة "ميرور"، بموجب حرية المعلومات، مشيرا إلى أن الزيارة الأخيرة كانت في اليوم ذاته الذي شجب فيه وزير الخارجية جيرمي هانت في كلمة له أمام البرلمان مقتل خاشقجي، "في أقوى العبارات الممكنة".
وتنقل الصحيفة عن هانت، قوله في 22 تشرين الأول/ أكتوبر: "في الوقت الذي اتسم فيه ردنا بالتفكير والحذر، إلا أنني كنت واضحا بأنه لو ثبتت صحة التقارير التي نقرأها فإنها تعد، وبشكل أساسي، متناقضة مع قيمنا، وسنرد بناء على ذلك"، مشيرة إلى أن وزير الخارجية كان واضحا في تأكيده هذا الموقف عندما أعلن عن إلغاء زيارة وزير التجارة ليام فوكس إلى الرياض، إلا أنه لم يكشف عن استمرار اللقاءات بشأن عقود السلاح.
ويفيد التقرير بأن بريطانيا كانت تتعرض لضغوط حتى قبل مقتل خاشقجي، لوقف صادراتها العسكرية إلى السعودية؛ بسبب ما قيل إنها جرائم حرب ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، لافتا إلى أن الرياض شنت حربا في عام 2015 لطرد المتمردين الحوثيين من العاصمة صنعاء، وإعادة الحكومة الشرعية لعبد ربه منصور هادي.
وتنوه الصحيفة إلى أن الحرب أدت إلى مقتل أكثر من 10 آلاف مدني، وشردت الملايين، ووضعت 16 مليونا على حافة المجاعة، فيما اعترف التحالف بمقتل مدنيين، لكنه نسب ذلك إلى "أخطاء غير مقصودة"، مشيرة إلى أن الحوثيين استهدفوا المدنيين أيضا، وذلك بحسب تقارير الأمم المتحدة.
وبحسب التقرير، فإن بريطانيا أصدرت منذ بداية الحرب رخص بيع أسلحة إلى السعودية، بقيمة 4.7 مليارات جنيه إسترليني، مشيرا إلى أن مقتل خاشقجي أدى إلى ضغوط جديدة على بريطانيا لتعيد تقييم علاقاتها العسكرية مع السعودية، وفي ضوء قرار كل من ألمانيا والنرويج تعليق صفقات السلاح إلى المملكة.
وتنقل الصحيفة عن أندرو سميث من الحملة ضد تجارة السلاح، قوله: "سارع جيرمي هانت للانضمام إلى من شجبوا القتل، لكنه لم يفعل شيئا لوقف صفقات السلاح. كم نحتاج لمذابح وانتهاكات حتى نتحرك؟"، وأضاف سميث: "استخدم النظام (السعودي) الأسلحة التي تركت مستوى عال من الأثر المدمر في اليمن، حيث تسبب السعوديون بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وكانت جريمة مقتل خاشقجي جريمة مروعة ترتكبها السلطات السعودية".
ويذكر التقرير أن بريطانيا لم تقم بتغيير علاقاتها مع السعودية، رغم استمرار ظهور الأدلة على تورط الحكومة السعودية في مقتل خاشقجي، وعقدت رئيسة الوزراء تيريزا ماي لقاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشهر الماضي، مشيرا إلى أن مساعدي الأمير يتهمون بالتخطيط للجريمة وتنفيذها ثم التستر عليها.
وتورد الصحيفة نقلا عن ماي، قولها إنها أكدت أهمية "الشفافية الكاملة وتحقيق موثوق به في جريمة القتل المروعة"، وذلك خلال لقائها مع ابن سلمان في قمة العشرين التي عقدت في الأرجنتين، إلا أن زعيم العمال جيرمي كوربن اتهمها بعدم قرن القول بالفعل، وقال: "بدلا من الموقف الشديد الذي وعدت به، علمنا أن رئيسة الوزراء قالت للديكتاتور: من فضلك لا تستخدم الأسلحة التي نبيعك إياها في الحرب التي يشنها، وطلبت منه القيام بالتحقيق بطريقة لطيفة في الجريمة التي يزعم أنه أمر بها"، وأضاف: "على القادة ألا يقدموا كلمات دافئة فقط ضد جرائم حقوق الإنسان، لكن عليهم دعم القول بالعمل".
ويفيد التقرير بأن هانت دافع عن العلاقة مع السعودية، التي قال إنها شريك استراتيجي وأنقذت حياة البريطانيين، لافتا إلى أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تتهم فيها بريطانيا بتقديم السلاح على حقوق الإنسان، فقد اعتقل طالب الدكتوراة ماثيو هيجز لعدة أشهر في الإمارات بتهمة التجسس، قبل أن تتحرك الحكومة وتطالب بالإفراج عنه، ورغم شجب هانت اعتقال هيجيز ووصفه بالمروع، إلا أن العلاقات التجارية ظلت تعقد خلف الأضواء وعلى مستوى عال.
وتشير الصحيفة إلى أن البارونة رونا فيرهيد، ووزير التجارة فوكس، ووزير شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية أليستر بيرت، التقوا مسؤولين إماراتيين من أجل الترويج للسلاح البريطاني.
وينقل التقرير عن الخبيرة في الشؤون الخارجية في منظمة "أمنستي إنترناشونال" بولي سكوت، قولها: "كان الانطباع القائم هو أن الأمن والتجارة يتقدمان على مصالح حقوق الإنسان في الإمارات.. وكان اعتقال هيجيز مفاجئا للحكومة، واعتقال الإمارات الأشخاص بعد محاكمات غير عادلة".
وتذكر الصحيفة أن صحيفة "ميرور" كشفت عن أن لقاء تم في 14 تشرين الأول/ أكتوبر، ركز على "مطالب مركز الرياض للعمليات"، في إشارة لعمليات الرياض في اليمن، مشيرة إلى أن متحدثا باسم الحكومة علق قائلا إن بريطانيا تتعامل مع المسؤولية عن الصادرات بجدية، ولديها نظام قوي ومتشدد لتصدير السلاح، فيما تعد مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان عاملا مهما في تقرير الصادرات والرخص.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن المتحدث أكد أن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين ستستمر؛ من أجل مواجهة التهديدات الإقليمية، ودعم الأمن الوطني المتبادل.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)