سياسة عربية

لماذا رفض رموز المعارضة المصرية بالداخل مبادرة أيمن نور؟

باحث سياسي: بعض رموز المعارضة في الداخل يفضلون نار السيسي على جنة الإخوان- أ ف ب/ أرشيفية
باحث سياسي: بعض رموز المعارضة في الداخل يفضلون نار السيسي على جنة الإخوان- أ ف ب/ أرشيفية

أثارت ردود الأفعال الصادرة عن عدد من رموز المعارضة المصرية بالداخل، ضد مبادرة المرشح الرئاسي الأسبق أيمن نور، لعقد مؤتمر للمعارضة المصرية بكل أطيافها، لتوحيد الجهود ضد رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، الكثير من علامات الاستفهام لدى الخبراء والمختصين السياسيين. 


وحسب المختصين الذين تحدثوا لـ"عربي21" فإن المعارضة المصرية في الداخل، ليس لديها أزمة مع استمرار السيسي، والحكم العسكري، طالما حافظوا على مكتسباتهم الخاصة، وإنما مشكلتها الأساسية مع الإسلام السياسي، لعدة اعتبارات أبرزها الخلاف الإيديولوجي.


ووفق تقديرات المختصين، فإن رموز المعارضة التي شاركت بانقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، ودعمت الحل الدموي في فض اعتصام رابعة العدوية، طمعا بأن تكون الوريث الطبيعي لكل من الحزب الوطني والإخوان المسلمين، خرجت من المشهد السياسي خاسرة برغبة شعبية ورسمية.

 

اقرأ أيضا: مبادرة أيمن نور تثير جدلا بالأوساط السياسية في مصر

وكان عدد من قيادات المعارضة المصرية بالداخل، شنوا هجوما حادا على مبادرة أيمن نور للوفاق الوطني، كما شنت الحركة المدنية هجوما ضد جماعة الإخوان المسلمين (المكتب العام)، بعد أن وجهوا التحية للأصوات الرافضة للتعديلات الدستورية، واعتبروا أن ذلك يمكن أن يمثل نقطة التقاء هامة في توحيد جهود المعارضة المصرية.


ويشير المختصون إلى أن المعارضة المصرية في الداخل وجدت في مبادرة نور وبيان الإخوان، فرصة للمزايدة السياسية، وهو ما يوضح موقفها في مواجهة الحكم العسكري، ورؤيتها لأي حراك شعبي ضد السيسي، كما أنه كشف مدى الضعف الذي أصابها بعد أن بدت في المشهد الداخلي عارية من أي دعم شعبي.


ضعف التأثير


وفي تقييمه لموقف هذه المعارضة، يؤكد الباحث بعلم الاجتماع السياسي سيف المرصفاوي لـ"عربي21" أن هناك خلافا جوهريا بين المعارضة الموجودة في الخارج، والأخرى المتواجدة في الداخل، وهي مشروعة نظامي محمد مرسي وعبد الفتاح السيسي، وكل جبهة من الجبهتين لديها وجهة نظر صارمة في هذا الشأن، وهو ما يعني في النهاية صعوبة الوصول لنقطة التقاء مشتركة.


ويضيف المرصفاوي: "المشكلة ليست في مبادرة أيمن نور، أو الاعتراض عليها، لأنه أمر طبيعي في ظل حالة التشرذم السياسي الذي تعاني منه مصر، وإنما في أسباب رفض المبادرة، واستخدامها فرصة للمزايدة على معارضي السيسي، وفي الوقت نفسه استخدامها فرصة للتقرب منه، والظهور أمامه في دور الشرفاء الذين يرفضون طعنه من الخلف، وفقا لوصفهم".

 

اقرأ أيضا: سياسيون يرحبون بدعوة "نور" معارضين مصريين لحوار وطني

وحسب رأي خبير الاجتماع السياسي، فإن النقطة الفاصلة في "شرف" المعارضة المصرية بالداخل، كانت في موقفهم من فض اعتصام رابعة العدوية، ثم الإعدامات التي جرت ضد معارضي السيسي، سواء كانت وفقا لإجراءات قانونية (بصرف النظر عن نزاهتها)، أو بالتصفيات الجسدية، أما تزوير الانتخابات أو تقليص فرص المشاركة السياسية، أو اعتقال عدد من رموز المعارضة، فإن كل ذلك يمثل قضايا هامشية وليست أساسية.


ويشير المرصفاوي إلى أن تركيبة المعارضة في الداخل الآن، تجعلها أضعف من أن تقود الشارع المصري، في أي حراك جماهيري، بعد أن أصبحت عارية تماما نتيجة سقوط غطاء الحشد الشعبي الذي كانت تقوم به الإخوان المسلمين، وهو الغطاء الذي صنع رمزية عدد كبير منهم خلال السنوات التي سبقت ثورة 25 يناير 2011.


السيسي أهم


ويتشارك الباحث في العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أسامة أمجد مع الرأي السابق، موضحا أن الخلاف الأيديولوجي لأطراف المعارضة المصرية، يكشف كراهيتهم للتيارات الإسلامية بشكل عام والإخوان المسلمين بشكل خاص، وهو ما ينطبق كذلك على الداعمين للإخوان أو المؤيدين لفكرتهم، وهو ما جعل أزمتهم مع الإخوان، وليس السيسي، رغم أن الذي قام بتهميشهم كان السيسي وليس الإخوان.


ويؤكد أمجد لـ" عربي21" أن مكونات جبهة الإنقاذ التي قادت المعارضة خلال حكم الرئيس محمد مرسي، تحولت الآن لأحزاب على الورق، ليس لها تمثيل في البرلمان أو حتى في الشارع، ولا يعني على الإطلاق أن تصويت مليوني مواطن ضد التعديلات الدستورية، يرجع لقوة تأثيرها، أو لأنه انعكاس لتأثيرها الإيجابي في الشارع المصري.

 

اقرأ أيضا: أيمن نور يدعو 100 شخصية مصرية لبدء حوار وطني (أسماء)

ويضيف أمجد: "المعارضة اليسارية والناصرية والعلمانية في مصر، ترى أن نار السيسي أفضل لها من جنة الإخوان، وهو ما يرجع في الأساس، إلى أنها معارضة خرجت من رحم الحكم العسكري الذي أسسه الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، حيث تخرج معظمهم من مدرسة التنظيمات الطليعية والاشتراكية، وعندما سقط حكم مبارك ثم الإخوان، ظنوا أنهم الورثة الطبيعيين لهم سواء في الحكم أو الشارع، ولكن النتائج خيبت ظنهم، حيث رفضهم النظام العسكري، كما رفضهم الشعب أيضا".


ويشير الباحث السياسي إلى أن التعويل على رموز المعارضة العلمانية التي تتصدر المشهد الداخلي في مصر، لن يكون ذات جدوي، لأن مفهوم الدولة المدنية لديهم، وهو المقابل للدولة الدينية، وليس للحكم العسكري، كما تشير المفاهيم السياسية المتعارف عليها في العلوم السياسية.

التعليقات (0)