نشر موقع "لوبلوغ" الأمريكي مقالا للكاتبة شيرين هنتر، ناقشت فيه إمكانية حصول
روسيا على حقوق ملاحة حصرية في أحد موانئ منطقة الخليج. ومع زيادة التوترات في المنطقة، تسعى الدول الكبرى لضمان سلامة طرق الشحن والتجارة عبر مضيق هرمز، وردع أي محاولة
إيرانية لتعطيل سير عمليات الملاحة، فيما تكثف روسيا أنشطتها الدبلوماسية، وتسعى لعقد صفقة سرية مع طهران للحصول على موطئ قدم في بعض موانئها.
وقالت الكاتبة، في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأوضاع في الخليج العربي تشهد توترا كبيرا خلال الأسابيع الماضية، وهو ما دفع اللاعبين الدوليين لتكثيف جهودهم في المنطقة. وهنالك تركيز كبير من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية على تطوير قوات بحرية مشتركة، بهدف ضمان سلامة الملاحة وطرق التجارة التي تمر عبر مضيق هرمز، وبشكل خاص ردع إيران عن التدخل في حركة السفن.
وأوردت الكاتبة أن روسيا من جانبها تحرص في الأثناء على تكثيف جهودها الدبلوماسية، حتى لا يتم استبعادها من المشهد، أو إقصاؤها من أي تطورات قد تشهدها المنطقة في الأشهر القادمة. وعلى المستوى الدبلوماسي، قدمت موسكو العديد من المقترحات المتعلقة بتسويات الأمن الجماعي في منطقة الخليج، بمشاركة كل الدول الإقليمية، وإشراف الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
وأضافت الكاتبة أن روسيا اقترحت أيضا إطارا أمنيا للمنطقة، يشبه منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وتسعى روسيا أيضا لتقديم نفسها على أنها وسيط بين إيران ودول الخليج العربي، حيث تحدثت وسائل إعلام على أن
بوتين سيكون الوسيط المثالي بين إيران والسعودية؛ بفضل علاقته الجيدة بالطرفين.
وأشارت الكاتبة إلى أن الأنشطة الروسية في منطقة الخليج لا تقتصر على الدبلوماسية وتقديم المقترحات الأمنية، بل إنها تسعى بالتوازن مع ذلك إلى اتخاذ إجراءات عملية لفرض نفسها في شؤون المنطقة، والحصول على مكان فيها، ودور أساسي في القرارات المستقبلية المتعلقة بالأمن الإقليمي، جنبا إلى جنب مع القوى العظمى، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، تمثل إيران جزءا أساسيا من هذه الاستراتيجية الروسية، حيث إن طهران تربطها علاقات تقارب كبيرة بموسكو، وخلال الحرب الأهلية في سوريا أثبتت طهران دورها الأساسي في دعم الموقف الروسي المساند لبشار الأسد، كما أنها كانت مناسبة لإيران للسماح للطيران الروسي باستخدام قواعدها لتسيير الطلعات الجوية فوق سوريا.
وذكرت الكاتبة أن القائد في البحرية الإيرانية داريادار حسين خنزادي، كان قد أجرى زيارة لمدة أسبوعين إلى موسكو، جاء على إثرها في الصحافة الإيرانية أن البلدين وقعا على اتفاق عسكري سري، لم ترشح تفاصيله بعد.
وبقطع النظر عن مدى صحة هذه الأخبار أو تفاصيل الاتفاق، فإن زيارة خنزادي إلى موسكو ستكون لها نتيجة ملموسة واحدة، وهي أن إيران وروسيا سوف تنفذان مناورات عسكرية مشتركة في الخليج بنهاية العام الجاري.
وذكرت الكاتبة أن الصحفي سايمون واتكينز كان قد كشف عن أن إيران وافقت على أن تقدم لروسيا حقوق استغلال قواعد عسكرية في ميناء بندر بوشهر وميناء شاباهار. كما قال هذا الصحفي إن موسكو تخطط لوضع أسلحة متطورة في هذه الموانئ. وتسعى موسكو أيضا لوضع غواصة في ميناء شاباهار. وإذا صحت هذه التقارير، فهذا يعني أن فلاديمير بوتين حقق أخيرا حلم القيصر بيتر العظيم، بالوصول إلى المياه الدافئة في المحيط الهندي والخليج.
وأشارت الكاتبة إلى جملة من العوائق التي قد تعرقل حصول روسيا على مبتغاها، وهي أولا الدستور الإيراني الذي يمنع منح موسكو هذا الامتياز، وثانيا حرص الجمهورية الإسلامية على التباهي دائما بأنها مستقلة عن كل القوى الكبرى، وبالتالي فإن السماح بحضور عسكري روسي في موانئها سوف يقوض مصداقيتها كدولة مستقلة عن القوى العظمى.
وأكدت الكاتبة أنه رغم كل هذه العوائق، فإنه يجب أبدا عدم استبعاد تحقق هذه الفرضية، حيث إن إيران تئن تحت وطأة العقوبات الأمريكية، وهي تشعر بالخوف من هجوم عسكري وشيك. ولذلك فإنها قد تقرر تجاوز الشكليات المتعلقة بالاستقلالية، وتسمح بحضور روسي قوي من أجل ردع واشنطن. خاصة أنها شاهدت كيف أن الحضور الروسي في سوريا جعل الولايات المتحدة تفكر أكثر من مرة قبل التدخل عسكريا ضد بشار الأسد.
وترى الكاتبة أنه بقطع النظر عما إذا كانت روسيا ستنجح في تحقيق رغبتها القديمة في الحصول على ميناء في الخليج، فإنه من الواضح أن السياسة العدائية الأمريكية تجاه طهران هي التي فتحت الفرص أمام موسكو لتعزيز نفوذها وحضورها في هذا البلد.
واعتبرت الكاتبة أن الوقت لم يفت بعد لتتدارك الولايات المتحدة وأوروبا هذا الوضع، وتمنع تحقق هذا السيناريو. وقد يتم ذلك من خلال تخفيف حدة اللهجة الأمريكية تجاه إيران، والعودة إلى الاتفاق النووي الموقع في 2015، وتخفيف ثم رفع العقوبات، والتشجيع على المصالحة العربية الإيرانية في منطقة الخليج، وهي كلها إجراءات قد تخفف من حدة التوتر، وبالتالي تحد من قدرة روسيا على تعزيز حضورها في المنطقة.
والأهم من ذلك، بحسب الكاتبة، هو أن تحافظ الولايات المتحدة على موقعها الفريد، بوصفها الحكم الوحيد في إدارة شؤون المنطقة الخليجية.