هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلها ريتشارد سبنسر، يقول فيه إنه لا يمكن للغرب أن يسحب قواته من الشرق الأوسط، فمهما قال القادة فلن تسحب أمريكا ولا بريطانيا جيوشهما من المنطقة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى قرار البرلمان البريطاني الحاسم في عام 2013، الذي رفض فيه النواب بغالبية ساحقة المشاركة في حملة عسكرية ضد سوريا بعد الهجوم الكيماوي قرب دمشق، فبريطانيا لا تريد تورطا جديدا في حروب المنطقة، مهما كانت تصرفات نظام بشار الأسد، الذي استخدم السلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة وفرق الموت والتهديد الجهادي.
ويقول سبنسر إنه لن يتسامح أحد اليوم مع سلاح الجو الملكي وهو يقصف المدنيين، أو أن الجنود البريطانيين يموتون جراء القنابل المزروعة على الطرقات، مشيرا إلى أن تصويت البرلمان كان مهينا لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون ووزير خارجيته ويليام هيغ، لكنه حظي بشعبية واسعة بين الرأي العام البريطاني.
وتستدرك الصحيفة بأن تصويت البرلمان والدعم الشعبي له لم يمنع الطيران البريطاني من القيام بغارات في سوريا، فيما لا يزال الجنود البريطانيون يتجولون في الصحراء السورية.
ويلفت التقرير إلى أن الجنود البريطانيين في المنطقة منذ سنوات يمثلون صورة عن "حرب لا نهاية لها"، التي لم تنته حتى بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الامريكية من سوريا الشهر الماضي.
ويقول الكاتب: "ربما كانت تصريحات الساسة مفاجئة وغريبة، لكنها تتبع الأشكال السابقة ذاتها، فقد تعهد كاميرون في 2014 بعدم العودة أبدا إلى أفغانستان، وهو البلد الذي تدخلت فيه بريطانيا لمدة 13 عاما حتى ذلك التاريخ، وفي العام الماضي ذكرنا مسؤول أفغاني بأن القوات البريطانية لا تزال هناك".
وتنوه الصحيفة إلى تقرير لصحيفة "التايمز"، قالت فيه إن "مسؤولا أفغانيا يناشد القوات البريطانية"، وتبعه إعلان عن إرسال 400 جندي إضافي إلى هناك.
ويفيد التقرير بأنه في الولايات المتحدة أصبح التفاخر بهذا الكلام جزءا من الخطاب الانتخابي الذي يروج له المرشحون للناخبين، في بلد يحتفظ بـ11 أسطولا من الطائرات حول العالم، "فماذا تفعل هذه في ظل شعار دونالد ترامب (أمريكا أولا)؟".
ويبين سبنسر أنه في موسم الحملات الانتخابية هناك تسابق بين المرشحين حول من سبق الآخر بالدعوة إلى سحب القوات، فبعد قرار ترامب قال المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز إنه كان "معارضا قويا للحروب التي لا تنتهي"، فيما دعت المرشحة الديمقراطية إليزابيث وارن إلى خروج الولايات المتحدة بشكل كامل من الشرق الأوسط.
وتعلق الصحيفة قائلة إن "لا أحد يلوم المرشحين بعد الأرواح التي سقطت في أفغانستان والعراق، والدمار على المنطقة بشكل عام، لكن المسألة ليست بهذه البساطة، فقضى باراك أوباما ثمانية أعوام محاولا الوفاء بوعده، وهو إخراج القوات الأمريكية من الشرق الأوسط".
ويشير التقرير إلى أن أوباما رفض ضرب سوريا في تحد واضح لمستشاريه، ورفض دعم حلفاء الولايات المتحدة، مثل حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة في مصر، لكنه أوفى بوعده بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وحصل على جائزة نوبل للسلام، وألقى خطابا وجهه للعالم الإسلامي عام 2009، واستخدم كلمات تشبه ما قاله بيرني ساندرز لمعارضته الحروب التي تشن من أجل تغيير الأنظمة.
ويلفت الكاتب إلى أن بيان ساندرز الانتخابي اشتمل على "توضيح التزامات (إدارته) بالديمقراطية في الخارج"، والعمل مع الحلفاء لمعالجة القضايا الأمنية.
وتتساءل الصحيفة: "لكن ماذا لو كان الحلفاء هم السعودية ومصر؟ فبعد ثلاثة أعوام من خروج القوات الأمريكية من العراق عادت، وبعد عام شنت السعودية حربا في اليمن، حيث بدأت المقاتلات الأمريكية توفر الوقود للمقاتلات السعودية وهي في الجو".
ويجد التقرير أن هذا كله ليس مصادفة، فمن تفكيك الدولة العثمانية على يد البريطانيين والفرنسيين إلى صعود آل سعود إلى إنشاء دولة إسرائيل، ظلت الدولة الغربية موجودة في البنية الأمنية للشرق الأوسط، وعندما تقول هذه الدول أنها تريد الخروج فهي تفتح المجال أمام أنظمة أكثر بشاعة.
ويرى سبنسر أن "الضحية الوحيدة لتعهدات كهذه هي الأقليات، وعلى المدى البعيد فإن كراهية السعودية وإسرائيل هي انعكاس لأهميتهما للأمن الغربي، لكن لن يؤثر غياب الغرب على الطريقة التي يديرون فيها بلادهم، ويبدو أن مطلب نهاية الحرب اللانهائية مشابه لشعار (دعونا نخرج من أوروبا) وفي كلتا الحالتين فإن الخطاب الشعبوي متجذر بالتحيز".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الدعوة للخروج شيء والعثور على الباب للخروج منه شيء آخر.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)