قضايا وآراء

العمل الخيري الإسلامي في بريطانيا بين دعم جونسون وتضييق العرب!

عدنان حميدان
1300x600
1300x600

        هل لك أن تتخيل رئيس الوزراء البريطاني المحافظ بوريس جونسون المعروف بتصريحاته العدائية للمسلمين وهو يقرر دعم المؤسسات الخيرية في بلاده بما فيها الإسلامية بينما يزداد التضييق على تلك المؤسسات في دول عربية عدة؟!

       هذه المؤسسات التي تقوم بدور كبير في العمل الخيري في دول العالم الثالث، ويقطف المعوزون ثمارها في معظم دول العالم، والتي أصبحت ذات حضور في معالجة قضايا محلية داخل بريطانيا مثل العناية بالمشردين وكبار السن، وبدعمها فتحت المساجد والمراكز الإسلامية أبوابها خلال الشهر الكريم -مع إغلاق كورونا- لجمع التبرعات وتأمين المساعدات للمستحقين، وهي ذاتها كانت ولا زالت جزءا من حملة أطلقها مسلمو بريطانيا للمشاركة في حملة تبرعات للتخفيف من الأضرار الناتجة عن فيروس كورونا.

      وقد حظيت إثر ذلك بتكريم رسمي ومنح القائمون عليها جوائز وأوسمة تقديرية من الدولة - تجدها يضيق عليها في عدد من الدول العربية! حيث يمنع تحويل الأموال إليها ويجبر المتبرعون في الدول العربية الغنية على عدم دعمها حتى لو كانت لهم حسابات خارج دولهم ويرغمون على تقديم زكاتهم من خلال قنوات الدولة الرسمية -رغم عدم ثقتهم بها - بحجة محاربة الإرهاب؛ والمفارقة في هذا السياق أن المؤسسات الخيرية في بريطانيا مثل هيئة الإغاثة الإسلامية – على سبيل المثال - تحصل على دعم وتمكين من الحكومة في بريطانيا بينما هي موسومة بالإرهاب في بلد عربي خليجي يتزعم حاليا حملة دولية للصلاة من أجل الإنسانية! الوسم الذي انعكس إيجابا على المؤسسة بزيادة ثقة المتبرعين بها.

    وبحسب تقديرات منتدى المؤسسات الخيرية الإسلامية، فقد تبرع المسلمون في أنحاء بريطانيا خلال شهر رمضان 2018 بنحو 130 مليون جنيه إسترليني (165 مليون دولار)، وتقوم الحكومة بدعم التبرعات التي تجمعها المؤسسات من دافعي الضرائب البريطانيين بنسبة تتراوح بين 28 و100 بالمئة حسب مستوى المؤسسة وسمعتها، ولك أن تتخيل وجود أكثر من 400 مؤسسة خيرية إسلامية مرخصة في بريطانيا تحصل غالبها على هذا الدعم الحكومي، والآن تبحث حكومة جونسون دعم جميع المؤسسات الخيرية التي تضررت أنشطتها في جمع التبرعات بحكم جائحة كورونا.

مع ملاحظة وجود تضييق وتشديد منتقدين على العمل الخيري لفلسطين - قد نفصل الحديث عنه في مقال مستقل لاحقا.

    الأمر  الإيجابي في دعم العمل الخيري بصفة عامة لم يكن حكرا على المؤسسات فقط بل إن البيئة المشجعة على التعاون  والداعمة له شجعت كهلا مسلما تجاوز المئة عام من عمره اسمه "دابيرول تشاودري"، لإطلاق حملة تبرعات لدعم متضرري كورونا وعمل على غرار الجندي القديم توم مور ( عمره 100 عام أيضا ) مطلقا حملة تبرعات عبر تحدي المشي مئة دورة في حديقة منزله، وقرر "تشاودري" المشي كل يوم في رمضان أمام منزله، ليتمكن من جمع أكثر من 142 ألف جنيه إسترليني حتى الآن، توم مور يقوم بالتحدي وهو غير صائم بطبيعة الحال بينما يفعلها تشاودري رغم الصيام.

      النجوم والمشاهير من المسلمين كان جهدهم حاضرا أيضا فها هو النجم الألماني من أصل تركي مسعود أوزيل لاعب فريق آرسنال الإنجليزي يتبرع بأكثر من 80 ألف جنيه إسترليني، للمساعدة في توفير إفطار الصائم والمساعدات خلال شهر رمضان المبارك، ويقال إن أوزيل يتبرع بحوالي مليوني جنيه إسترليني سنويًا للأعمال الخيرية.

يذكر أن دراسة لجريدة التايمز البريطانية أجريت عام 2015 اعتبرت المسلمين في بريطانيا أكثر الفئات الدينية تبرعا للأعمال الخيرية، حيث بلغ متوسط تبرع المسلم نحو 400 جنيه إسترليني في العام.

بينما حل اليهود في المرتبة الثانية بعد أن وصل متوسط تبرع الفرد إلى 270 جنيها أما المسيحيون البروتستانت فوصل متوسط تبرع الفرد منهم نحو 200 جنيه، أما غير المتدينين فوصل متوسط تبرع الفرد منهم 116 جنيه إسترليني.

المحزن أن المؤسسات الخيرية الإسلامية في بريطانيا رغم هذه الإنجازات تكافح وحدها تماما – خصوصا في السنوات الأخيرة – ولا تجد دعما عربيا يذكر لمشروعاتها الخيرية الضخمة التي تحتاج تمويلا دوليا، بينما تذهب مساعدات تلك الدول الغنية لمنظمات دولية أخرى لا علاقة لها بالعمل الخيري الإسلامي.

0
التعليقات (0)