مقالات مختارة

عن كورونا و"الإسلام السياسي"

عريب الرنتاوي
1300x600
1300x600

هل تتحول "جائحة كورونا" إلى فرصة جديدة لحركات "الإسلام السياسي" في المنطقة؟ سؤال يقفز إلى الأذهان ونحن نراقب الجدل الدائر حول مرحلة "ما بعد كورونا"، ونرقب تحولات العالم الذي لن يبقى كما كان عليه من قبل.


ليس ثمة من إجابة واحدة على هذا السؤال، بيد أن كاتب هذه السطور، يجادل بما يلي:
من بين المؤشرات كافة، التي تزحم الدراسات والتحليلات عن "عالم ما بعد كورونا"، يبدو أن واحدا منها، بات شبه مؤكد، ويحظى بإجماع الباحثين والمحللين: جيوش العاطلين عن العمل، ستفاقم أزمات الفقر والجوع والعوز، الانكماش الاقتصادي سيوسع جيوب الفقر، بل ربما يكون من الصعب استخدام مصطلح "جيوب" بعد أن "يتسع الفتق على الراتق". بعض حكومات الإقليم وأنظمته، أظهرت بؤسا في أدائها لكبح الجائحة، والمرجح أنها ستبدي بؤسا أشد في السعي لاحتواء تداعياتها على الاقتصاد ومعاش الناس.


يخلق ذلك، أسبابا موضوعية لعدم الاستقرار، بل ويعزز من فرص اندلاع الاحتجاجات والانتفاضات، في سياق "الربيع العربي" بموجاته المتعاقبة، أو ربما في سياقات جديدة، قد تشق طريقها، تحمل في طياتها من معاني الفوضى والفلتان، أكثر مما تعد به من بشائر التغيير والإصلاح المنشودين.


فراغ الحكومات والأنظمة، وعجزها عن توفير الخدمة والمعاش اللائق، سيشجع حركات "الإسلام السياسي" على اختلاف مدارسها ومذاهبها، على القفز فوق خشبة المسرح، وتجديد حضورها الذي انحسر كثيرا منذ المنقلب الثاني للعام 2013، وتحت ضربات عواصم إقليمية ودولية مقتدرة، نفذت من شقوق سوء الإدارة وبؤس "نظرية التمكين" الإخوانية، وانكشاف المجاميع السلفية الجهادية، بوصفها قوى مجرمة،كـ"النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله".


وهي القوى صاحبة الموروث التاريخي والخبرات المتراكمة والتجربة الأطول والأعمق، في مجال العمل الإغاثي/الاجتماعي/التربوي/ الخيري/ الدعوي، المتوفرة برغم التضييق، على "بنية تحتية" قابلة للإنعاش والانتعاش، ما أن تتاح لها الفرصة لفعل ذلك، وما أن تخف "القبضة الأمنية" التي تحيط بها من جهاتها الأربع.


ولأن القوى المدنية والحركات الشبابية والاجتماعية الحديثة، التي أدت دورا "تفجيريا" و"تمهيديا" في موجتي الربيع العربي الأولى والثانية، عجزت عن التنظيم والانتظام في تحالفات وائتلافات عريضة، لـ"تخرج من المولد بلا حمص"، ولأنها ما زالت كذلك برغم الدروس الصعبة لتجربة السنوات العشر الفائتة، فإن التاريخ مرشح لأن يعيد نفسه من جديد. وعندما ستكون الفرصة الذهبية قد توفرت لهذه الحركات، من قام منها بمراجعة تجربته، ومن "لم تبدّل تبديلا"، لكي تعاود نشاطها، وتسعى في "ملء الفراغ القاتل" لمؤسسات الدولة المترهلة، عندها سنكون أمام موجة جديدة من موجات "الإسلام السياسي"، بعد أن ظن البعض منا، أن العالم العربي قد دخل مرحلة "ما بعد الإسلام السياسي"، وهي النبوءة التي اعتبرناها في حينه، سابقة لأوانها.


ليس هذا السيناريو قدرا لا رادّ له، إن تعلمت الأطراف دروس الحقبة السابقة، إن استيقظت الأنظمة والحكومات على الحاجة للحكم الرشيد وتوسيع المشاركة وقبول التعددية ومحاربة الفساد وتوظيف الموارد في مطارحها. ليس هذا السيناريو قدرا، إن أدرك الفاعلون المدنيون والديمقراطيون الضرورة الوجودية للتنظيم والانتظام وتوحيد الصفوف وتغليب المشتركات. لكننا غير متفائلين لا بالتطور الأول على مسار الحكومات والأنظمة ولا بـ"يقظة العقل" عند الفريق الثاني، وربما لهذا السبب بالذات، نعتقد بأن "كورونا" التي حملت أصعب التحديات لدولنا ومجتمعاتنا، تحمل في طياتها أهم الفرص لتيار "الإسلام السياسي" بعد سنوات سبع عجاف من التراجع والانكماش.

 

(الدستور الأردنية)

2
التعليقات (2)
عبدالرحيم
الثلاثاء، 16-06-2020 11:27 م
به عقدة الاخوان،اسأل لك العافية
أبو محمد
الخميس، 28-05-2020 02:00 م
يتحدثون عن الإسلام السياسي كأنه تيار اتي من المريخ لاستعمار الدول العربية الفاشلة . من تتحدث عنهم مواطنون لهم رأيهم ولهم الحق كل الحق في المنافسة وعلي الشعب ان يختار ما يريد .الاسلام السياسي تيار أصيل من رحم هذه الأمة وعودته بقوة إلى دفة الحكم حتمية لما نراه من بؤس في الرؤيا والتفكير وحتي إدارة الأشياء والتفرق والتناحر في لا شي. اذا وصل التيار الاسلامي للسلطة سينعم المواطن بالحرية والرفاهية وحتي المشاركة العادلة في السلطة والثروة . ولن تبدد مقدرات الأمة في الحروب العبثية .وسيتم التعامل مع الجهات الخارجية بما يخدم مصالح الأمة لا ان تكون الأمة تدار من قبل استخبارات الغرب . سيظل الإسلام السياسي في جهاد دايم بالطرق السلمية حتي يأخذ حقه الطبيعي في المنافسة للوصول لدفة الحكم. ومهما مر من زمن لن يهتم لذلك لكن سيصل في النهاية في كل هذه الدول الفاشلة وفشلها وحده سيرفعه لقمة السلطة وهذا ظاهر لمن يري بعين فاحصة منصفة. ليش هناك ما بعد الإسلام السياسي لأنه لم يأتي بعد وبروزه حتمي لمن بعقل

خبر عاجل