ملفات وتقارير

حديث عن توغل عسكري روسي بـ6 دول أفريقية بينها مصر والسودان

وقعت مصر وروسيا في نوفمبر 2017 اتفاقية بشأن الاستخدام المتبادل للأجواء والبنية التحتية لمطارات القاهرة وموسكو- جيتي
وقعت مصر وروسيا في نوفمبر 2017 اتفاقية بشأن الاستخدام المتبادل للأجواء والبنية التحتية لمطارات القاهرة وموسكو- جيتي
في الوقت الذي تموج فيه منطقة الشرق الأوسط بالصراعات التي تتداخل فيها قوى عالمية، قالت صحيفة "بيلد" الألمانية الثلاثاء، إن روسيا أخذت تصاريح لإقامة قواعد عسكرية بـ6 دول أفريقية بينها مصر والسودان، وأريتريا.

وحسب الصحيفة، فإنه وفقا لتلك الاتفاقيات فإن موسكو حصلت على ضمانات لإقامة قواعد عسكرية بمصر، والسودان، وأفريقيا الوسطى، وأيضا أريتريا على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ومدغشقر، وموزمبيق، بجنوب شرق القارة.

وأشارت الصحيفة لزيادة التوغل الروسي بالقارة السمراء، ونقلت عن تقرير سري لوزارة الخارجية الألمانية، الثلاثاء، أن روسيا عقدت اتفاقيات تعاون عسكري مع 21 دولة إفريقية منذ 2015، من أربعة دول فقط قبل هذا التاريخ.

وبينت "بيلد" أن روسيا تدرب سرا وبشكل رسمي قوات بتلك البلاد، ولها 180 جنديا بأفريقيا الوسطى، كما أنها تقوم بنشاط بهذه الدول عبر قوات شركات أمنية مثل "فاغنر".

ووفقا لخبراء ألمان قالوا للصحيفة إن موسكو تهدف عبر قوات الشركات الأمنية الروسية تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية بأفريقيا.

وبدا الدور الروسي جليا بالقارة السمراء عقب قمة "سوتشي" الروسية الأفريقية تشرين الأول/ أكتوبر 2019، بمشاركة 34 دولة أفريقية.

وظهر الوجود العسكري الروسي بالأزمة الليبية متوائما مع الجارة الشرقية مصر، وداعما لقوات اللواء خليفة حفتر، وبمواجهة قوات حكومة الوفاق الليبية المدعومة من تركيا، فيما اعتبر مراقبون تلك القواعد خطوة لدعم الوجود الروسي بليبيا.

والحديث عن قاعدة عسكرية روسية بالأراضي المصرية ليس الأول الذي تتناوله الصحافة الغربية؛ حيث قال التلفزيون الروسي في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، إن الجيش الروسي يجري مفاوضات مع السلطات المصرية لاستئجار قاعدة جوية عسكرية روسية بمدينة "سيدي براني" غرب البلاد.

وأضاف أن روسيا ستقوم بتجديد المنشآت العسكرية المصرية بالبحر المتوسط، وأن العمل بالقاعدة يبدأ عام 2019، مع نشر وحدة عسكرية دائمة لموسكو؛ لتعود روسيا إلى "سيدي براني" بعد 45 سنة من مغادرتها عام1972، بعد دخولها في عهد الرئيس جمال عبدالناصر.


ونشرت وكالة "رويترز" في 14 آذار/ مارس 2017، عن مصادر أمريكية ومصرية ودبلوماسية أن روسيا نشرت قوات لها بقاعدة جوية قرب حدود ليبيا، وأن روسيا استخدمت قاعدة مصرية أخرى بمرسى مطروح أوائل شباط/فبراير 2017.

وكانت مصر وروسيا قد وقعتا في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، اتفاقية بشأن الاستخدام المتبادل للأجواء والبنية التحتية لمطارات القاهرة وموسكو، ما أشار حينها لوجود عسكري روسي بمصر، رغم نفي العاصمتين.


وجاء نفي تلك الأنباء على لسان المتحدث العسكري تامر الرفاعي الذي قال حينها: "لا يوجد جندي أجنبي من أي دولة أجنبية على الأراضي المصرية. هذه مسألة سيادة".

"إثارة في توقيت صعب"

وفي تعليقه، قال الخبير الأمني والإستراتيجي اللواء محمود زاهر إن "هذا الخبر لا يعدو كونه إثارة في توقيت تواجه فيه مصر أزمة السد الإثيوبي التي سوف تنتهي بلاشك قريبا وبطرق مقبولة".

وأضاف لـ"عربي21" أن "هذا الحديث يتزامن أيضا مع الأزمة الليبية وموقف مصر الواضح منها وتحديدها لخط سرت الجفرة كخط أحمر لأمنها القومي"، موضحا أن "نيران الجيش المصري قادرة على الوصول لأبعد من هذا الخط بمائة كيلو متر".

وأكد أن "إثارة الحديث عن قواعد عسكرية روسية بمصر غير مقبول بالمرة وتم نفيه مرارا عام 2017، كما أن الجيش المصري قادر بما لديه من إمكانات وخبرات من حماية حدود الدولة المصرية ومصالحها ولا يحتاج لقواعد عسكرية من أية دولة".

وقال إن "قضية القواعد العسكرية على أرض مصر محسومة تماما؛ فلم ولن تسمح بها مصر وجيشها على الإطلاق، كما أنه قادر على أداء مهامه ولا يحتاج مساعدة من أحد".

"شائعات مكررة"

وفي تعليقه قال الباحث المصري في الشؤون الدولية محمد حامد: "لا أتوقع أن تقدم القاهرة على بناء قاعدة عسكرية روسية بأراضيها؛ فمصر تتبع سياسة عدم بناء القواعد سواء مع أمريكا أو روسيا وغيرهما".

وفي حديثه لـ"عربي21" أوضح أن "مصر تتبع سياسة التعاون الأمني الاستراتيجي ما يتيح لكل الدول الاستفادة بالتعاون مع القاهرة".

وأضاف أن "مثل هذا الشائعات تنطلق على القاهرة ببناء قاعدة روسية بحرية بسيدي براني وأخرى برية بالصحراء الغربية؛ وهو أمر يتكرر والقاهرة لا تلتفت إليه لأنه غير حقيقي وغير واقعي".

وحول أهداف روسيا من التمدد بأفريقيا ومدخل البحر الأحمر الجنوبي والسودان يرى حامد أن "التمدد الروسي مستمر بخطوات محسوبة وغير عنترية ودون قفز بالهواء".

وأشار إلى أن "روسيا انتزعت نفوذا بكل هدوء في سوريا صعب تكراره بدول أخرى، وبرغم أنها تريد دورا ولكنها لا تريد أن تتمدد حتى تتقطع كالاتحاد السوفيتي، وليس لديها شراهة لمواجهة أمريكا بسبب اقتصادها المنهك وعقوبات واشنطن وأوروبا ضدها".

وحول احتمالات انتقال الصراع الأمريكي الروسي لأفريقيا ومدخل البحر الأحمر الجنوبي، توقع الباحث بالشؤون الدولية أن "يبقى كل بمكانه ولا يحدث توسع روسي غير محسوب"، مذكرا بطلب الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير بناء قاعدة عسكرية بالسودان وعدم استجابة موسكو".

ولفت إلى أن "السياسة الخارجية الأمريكية منذ نهاية عهد باراك أوباما، تركز على وسط آسيا كأوزبكستان وكازخستان، وتهتم بجنوب شرق آسيا حيث ترى أن الصراع القادم مع الصين".

وكانت "عربي21"، قد توجهت إلى الخبير العسكري والاستراتيجي وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي لمجلس النواب اللواء حمدي بخيت بالتساؤل حول حقيقة وجود قواعد عسكرية روسية في مصر، إلا أنه رفض الإجابة على التساؤل أو التعليق على الخبر دون ذكر أسباب.

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي اعتبر نشطاء أن وجود قاعدة روسية بمصر خطوة من السيسي على خطى جمال عبدالناصر التي انتهت بـ"نكسة كبرى"، فيما وصفه البعض بأنه "احتلال روسي وشيك لمصر".

0
التعليقات (0)