ملفات وتقارير

المغرب العربي يتربع على عرش "البوكر".. لماذا تأخر المشرق؟

"في مصر للأسف أصبحنا نفتقد هذه النوعية من الروايات الاجتماعية رغم براعتنا فيها فيما مضى"- موقع جائزة البوكر
"في مصر للأسف أصبحنا نفتقد هذه النوعية من الروايات الاجتماعية رغم براعتنا فيها فيما مضى"- موقع جائزة البوكر

أعلنت الدورة 14 للجائزة العالمية للرواية العربية، قبل أيام، عن 16 رواية مرشحة للقائمة الطويلة للعام 2021، جرى اختيارها من 11 دولة عربية، من بين 121 رواية صدرت بين تموز/يوليو 2019 وحتى آب/أغسطس 2020.

وتصدرت دول المغرب العربي قائمة المنافسة، مع اختراق مشرقي محدود عبر الحضور العراقي.

 

ومن الروايات الـ16 المرشحة، ثلاث منها للجزائر هي: "عين حمورابي" للروائي عبد اللطيف ولد عبد الله، و"طير الليل" للروائي عمارة لخوص، و"جيم" للروائية سارة النمس.

وضمّت القائمة الطويلة روايتين من المغرب هما: "الملف 42" للروائي عبد المجيد سباطة، و"حياة الفراشات" للروائي يوسف فاضل، ومن تونس، روايتا "الاشتياق إلى الجارة" للروائي "الحبيب السالمي"، و"نازلة دار الأكابر" للروائية أميرة غنيم.

وتساوت العراق مع المغرب وتونس، بروايتين هما "بنت دجلة" للروائي محسن الرملي، و"وشم الطائر" للروائية دنيا ميخائيل، فيما ضمت قائمة الترشيحات رواية واحدة لأدباء سبع دول عربية أخرى.

والروايات الأخرى هي: "بساتين البصرة"، للمصرية منصورة عز الدين، و"حفرة إلى السماء" للسعودي عبد الله آل عيّاف، و"قاف قاتل.. سين سعيد" للكويتي عبد الله البصيص، و"عُلب الرغبة" للبناني عبّاس بيضون، و"دفاتر الورّاق" للأردني جلال برجس، و"عينان خضراوان" للسوداني حامد الناظر، و"فاكهة الغربان" لليمني أحمد الزين.

اقرأ أيضا: روائيون ومسؤولون بـ"البوكر" يطلبون وقف تمويلها من الإمارات

ولجنة التحكيم للجائزة التي بدأت عام 2007، وترعاها "مؤسسة جائزة بوكر" في لندن، وتدعمها "دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي"؛ يرأسها الشاعر اللبناني شوقي بزيع، وعضوية أستاذة الأدب بجامعة ساو باولو صفاء جبران، والكاتب المغربي محمد آيت حنّا، والروائي اليمني علي المقري، والكاتبة الإماراتية عائشة سلطان.

وتعالج الروايات المرشحة 2021، قضايا العالم العربي الآنية، وبينها انتشار الجماعات المتطرفة بالعراق، إلى وضع المرأة في العام العربي، فيما تتناول ثلاث روايات أحداثا بوليسية ارتكبت جرائمها وسط حروب وصراعات المنطقة، كما اتخذت أحداث روايات القائمة الطويلة فضاءات عدن، وعمّان، والدار البيضاء، ووهران وغيرها من المدن العربية.  

"ولادة مغاربية جديدة"

وفي رؤيتها لأسباب تفوق دول المغرب العربي على مصر ودول المشرق العربي في ترشيحات البوكر، قالت الكاتب المغربية حنان اليوسفي، إن "ترشيحات البوكر تحظى بسمعتها الأدبية، أولا لما يمكن أن تمنحه للكاتب من شهرة بالوطن العربي".

وفي حديثها لـ"عربي21"، أوضحت أن "الأمر الثاني هو أن هناك سباقا محموما بين المبدعين العرب على الترشح لهذه الجائزة، وبالطبع بينهم الكتاب والأدباء المغاربة".

الأمر الثالث، وفق اليوسفي، هو "ما تعيشه الرواية العربية بدول المغرب العربي من ولادة جديدة، ومن تحولات لافتة في الكتابة، وإقبال كبير على الإبداع بلغة الضاد من طرف كتاب من مختلف المشارب والأعمار بين روائيين وقصاصين وشعراء ونقاد وصحفيين".

وأضافت أن "الرواية في حد ذاتها متعة أدبية خاصة ويستطيع من خلالها الكاتب الدخول إلى بوابة الحضور الأدبي العربي والمغربي".

وألمحت إلى وجود "إقبال كبير في المغرب العربي على قراءة الرواية سواء كانت مغربية أو عربية أو أجنبية، ومن أجيال مختلفة؛ ما يمنح هذا الزخم في عدد المشاركات بالبوكر العربي التي تعد للأديب في نهاية المطاف مدخلا كبيرا لمنحه مزيدا من الحضور العربي".

"تراجع مقابل نهضة"

الأديب والكاتب المصري أسامة الألفي، من جانبه قال: "طبيعي أن تتفوق دول المغرب على مصر والمشرق؛ فبعد تراجع الدور الثقافي المصري عربيا تراجعت القراءة والإبداع وبات مجال النشر مفتوحا بالواسطة لأنصاف المبدعين وأرباعهم".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "دول المغرب العربي شهدت نهضة واعية نتيجة الاحتكاك المباشر مع الغرب الذي قاد بدوره إلى تألق رواياتها ونضوجها الفني".

هنا الأزمة

أما الكاتب والروائي المصري خالد عبد الجابر، فقال إنه "بالنظر إلى عناوين القصص المرشحة يمكننا التأكيد على فكرة أن معظمها يدور في قالب اجتماعي يعبر عن الحياة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية لأزمنة ليست حديثة".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد "أننا في مصر للأسف أصبحنا نفتقد هذه النوعية من الروايات الاجتماعية رغم براعتنا فيها فيما مضى بمجموعة كبيرة من الكتاب مثل نجيب محفوظ، وإبراهيم أصلان، وإحسان عبد القدوس، حتى نصل إلى بهاء طاهر".

 

اقرأ أيضا: كاتب فلسطيني رفض المشاركة بجائزة في الإمارات لهذا السبب

وأعرب عن حزنه لترشيح رواية واحدة فقط من مصر، وأوضح أنه "لكي تعود الريادة لابد أن يرعى الكتاب الكبار بالساحة المواهب الشابة بالاشتراك مع دور النشر"، داعيا لتبني "كل كاتب كبير موهبة وصقلها ومراجعة ما يكتب وقراءة النصوص قبل عرضها للنشر، وأن تنظم دور النشر دورات تثقيفية وورش عمل".

ويعتقد الكاتب المصري، أن "دور النشر لا تهتم إلا بكبار الكتاب وهي سبب رئيسي فيما وصل له الحال بمصر تحديدا من انهيار للأدب، ما أعتبره نتيجة مباشرة لعدم ترشح أعمال مصرية للجوائز الكبرى مثل البوكر وكتارا، رغم أن هناك الكثير من الأعمال تحقق نجاحا وصدى داخليا لا يتجاوز حدود مصر".

قول في الجوائز

وتحدث الكاتب والروائي‏ المصري محمود قنديل، لـ"عربي21"، ‏عن المسابقات والجوائز الأدبية مثمنا "كل مجهود يبذل ويكون من شأنه تحريك الركود، وإثراء الواقع الثقافي العربي، ولا يمكن أن يكون تحفظنا تجاه ما نراه إخفاقًا يمثل مجابهة ضد القائمين على أي عمل يخدم ثقافتنا الراهنة، فينبغي -في كل الأحوال- أن نحسن الظن، وأن نستلهم الاحترام، ونستدعي التحضر والرقي، لأننا -جميعا- نحمل مسؤولية القلم والحرف والكلمة".

‏وأضاف عضو اتحاد كتاب مصر: "ومن هنا فإن التعاطي مع جائزة البوكر العربية وغيرها يجب أن يكون إيجابيًا، فلا يجوز رجم أي منطلقات تهدف -كما قلت آنفا- إلى إثراء الثقافة، وتحريك الركود العربي في ظل الخذلان الماكث فوق صدورنا، والقهر القاهر تجاه أمتنا، والتراجع المستمر عن دورنا وريادتنا، أضف إلى ذلك محنة الحرية التي كنا وما زلنا نعاني منها".

وأوضح أنه "كون البوكر العربية رشحت للقائمة الطويلة سبع روايات من المغرب العربي، وواحدة فقط من مصر، فإن هذا يضعنا -كمثقفين- أمام أمرين، أولا نهنئ دول المغرب العربي من منطلق مسؤوليتنا، لأن غير ذلك يساعد على مزيد من الانقسام الثقافي العربي بعد أن انقسمنا وتشرذمنا سياسيا، وهو ما لا نرضاه، بل يجب الوقوف ضده".

وتابع: "وثانيا: هذا الأمر لا يقلل منّا، فالكل يعلم الجذور والأصول لهويتنا المصرية، وحضارتنا الضاربة بجذورها في عمق التاريخ هي خير دليل على ذلك، وتاريخنا الحديث قدم للإنسانية أحمد شوقي، ومحمد حسين هيكل، وطه حسين، والعقاد، ونجيب محفوظ، ويوسف إدريس، ومحمد عبد الحليم وغيرهم من النوابغ".

وعبر قنديل عن امتعاضه الشديد "تجاه كل ما يصنفونه (رواية مغربية، ومصرية، وعراقية، وإماراتية... إلخ)، وأراني أستعيض عن ذلك بقولي: الرواية العربية بالمغرب، والرواية العربية بمصر، والرواية العربية بالعراق، وهكذا".

وختم بالقول إن "أي أعمال أدبية فائزة بأي جوائز فإن هذا لا يعني بأنها الأفضل، وكذلك فإن الأعمال التي لم تفز لا تعني أنها الأسوأ، وكما نقول دائمًا فإن الإبداع -دائما- وجهات نظر، ومحكمو المسابقات ليسوا بمنأى عن وجهات النظر هذه".

وفازت مصر بالجائزة مرتين متتاليتين عن رواية "واحة الغروب" لبهاء طاهر 2008، و"عزازيل" ليوسف زيدان 2009، ثم "ترمي بشرر" للسعودي عبده خال 2010، وتقاسم جائزة 2011 "القوس والفراشة" للمغربي محمد الأشعري، و"طوق الحمام" للسعودية رجاء عالم، و"دروز بلغراد: حكاية حنا يعقوب" للبناني ربيع جابر 2012.

وفي 2013 فازت "ساق البامبو" للكويتي سعود السنعوسي، و"فرانكشتاين في بغداد" للعراقي أحمد سعداوي عام 2014، و"الطلياني" للتونسي شكري المبخوت 2015، ومصائر (كونشرتو الهولوكوست والنكبة) للفلسطيني ربعي المدهون 2016.

وأما بوكر 2017 فقد ذهب لرواية "موت صغير" للسعودي محمد حسن علوان، و"حرب الكلب الثانية" للأردني إبراهيم نصر الله 2018، و"بريد الليل" للبنانية هدى بركات 2019، و"الديوان الإسبرطي" للجزائري عبد الوهاب عيساوي 2020.

التعليقات (1)
عبد السلام
الخميس، 04-03-2021 04:57 م
ورد في مقالكم: ((( الأديب والكاتب المصري أسامة الألفي، من جانبه قال: "طبيعي أن تتفوق دول المغرب على مصر والمشرق؛ فبعد تراجع الدور الثقافي المصري عربيا تراجعت القراءة والإبداع وبات مجال النشر مفتوحا بالواسطة لأنصاف المبدعين وأرباعهم"))) آه هكذا يعني ببساطة!! الوقاحة, الغرور والصلف أصبحت قيما عادية في مجتمعات مقهورة مغلوبة على أمرها...كما لو أن الإبداع وُجد ليكون مصريا...فعلا إنها الوقاحة.