أخبار ثقافية

"موراكامي" الروائي يغتال موراكامي القاص

الرواية تطوير لقصة قصيرة كتبها موراكامي عام 2014 بعنوان "شهرزاد"- تويتر
الرواية تطوير لقصة قصيرة كتبها موراكامي عام 2014 بعنوان "شهرزاد"- تويتر

"مقتل الكومنداتور" هي آخر أعمال الروائي الياباني هاروكي موراكامي المترجمة إلى العربية. صدرت بجزئيها الأول والثاني عن دار الآداب العام المنصرم.

 

ويكرر فيها وصفته السردية، ويقدمها لقرائه من دون تغيير يذكر في الحِيل المبهرة، التي لا يجد الحاوي البارع ضرورة لتغييرها ما دام الجمهور لا يملّ من تلقّيها بوصفها سحراً أكثر واقعية من الواقع.


والرواية تطوير لقصة قصيرة كتبها موراكامي عام 2014 بعنوان "شهرزاد"، ونشرتها مجلة نيويوركر الأمريكية، ونقلها إلى العربية المترجم أحمد شافعي، وأردفها بحوار أجراه محرر المجلة مع الروائي حول القصة وأجوائها ودلالاتها.


يكتب موراكامي القصص في الأوقات التي لا يكون فيها مشغولاً بكتابة رواية، فيخلع العباءة الطويلة ويلبس العباءة القصيرة.

 

اقرأ أيضا : مفاتيح الأبطال: دليل العقّاد إلى الضلال والرشاد

 

لكنه يفعل ذلك مؤقتاً، فالقصة من وجهة نظره "حقل تجربة لكتابة رواية جديدة". وبذرة صغيرة قابلة للنمو لتغدو شجرة كبيرة.


يُعرف موراكامي، المولود في طوكيو سنة 1949، بغزارة إنتاجه، وضخامة أعماله الروائية، التي يضاهي فيها الأعمال الكلاسيكية من حيث الاسترسال السردي، والاعتماد على الوصف التفصيلي، والحوارات المطوّلة.


والمتعة الذاتية هي السرّ الكامن وراء الإنتاج المتدفق بلا انقطاع منذ قرر موراكامي أن يخوض في الكتابة الروائية وهو في الأربعين من عمره، فكان دخوله عالم الرواية أشبه ما يكون بموجة تسونامي لا تصدّ، ولا يقف عائق أمام رغبتها العنيدة في فرض نفسها على خارطة الكتابة الروائية العالمية. 

 

ويركن موراكامي إلى طبقة واسعة من القراء المخلصين لأسلوبه السردي، والمتعاقدين معه على مبدأ متعة التحليق في ألعاب مدينة الملاهي، التي تستغل قوانين الفيزياء إلى أبعد الحدود، فتصعد وتهبط وتدور وتتشقلب في سرد بهلواني يخطف الأنفاس ويتلاعب بالحواس. ويقع هذا التلاعب في إطار المراوحة المحسوبة بين الأحداث الواقعية واللاواقعية. 

 

بلغته الأم، وبأربعين لغة حية، يتلقف قراء موراكامي كل ما تجود به قريحته السيّالة، وينجذبون إلى وصفته الروائية المطبوخة على نار هادئة، والمشبعة بعناصر التشويق الذي يحبس أنفاسهم، ويجعلهم يلهثون ولا يتعبون من الركض وراء الحبكة المثيرة في كل رواية حتى لو تجاوزت صفحاتها الألف، بل وينتظرون على أحرّ من الجمر صدور الجزء الثاني والثالث والرابع منها، بعد أن تذوقوا طعم الطبق الفاتح للشهية في الجزء الأول.


هذا النوع من القرائح السيالة يشكل خطراً كبيراً على القصة القصيرة، حتى وإن كانت صادرة عنها، فتعمد إلى تدمير بنيتها المحكمة، بملء الفراغات الذكية والغامضة فيها، والتي تعدّ عنصراً جمالياً أساسياً في القصة. 


فالروائي الشغوف بتناسل الحكايات، وصناعة الحبكات المشوقة، وممارسة ألعاب الخفة والسحر، أبى أن يترك قصة "شهرزاد" على حالها بعد أن أبدع في صنعها، وتمسّك بدور الساحر الذي لا يرضى بحمامة واحدة جميلة في يده، بل يدخلها في قبّعته لتتحوّل إلى سرب من الحمامات المشابهة المتطايرة، إرضاء لغروره، وإمتاعاً لجمهوره. 

أجمل ما في قصة "شهرزاد" هو ذلك الغموض الذي يكتنف حياة بطلها الشاب، المقيم إقامة جبرية في بيت ناء، والمقطوع الصلة بالعالم الخارجي، إلا من خلال امرأة شابة تزوره مرتين في الأسبوع لخدمته وتوفير حاجياته الضرورية. 


وتنشأ بينهما علاقة جنسية غير عاطفية، كجزء من الحاجات الضرورية التي تقدمها له. وتتكشّف شخصية المرأة عن مهارة في سرد الحكايات المدهشة، فتتوطّد صلته بها، ويزداد اعتماده على الوجبات الخيالية الغريبة التي تطرد إحساسه بالملل. 


ولا تنتهي القصة نهاية واضحة، بل تظلّ معلّقة عند شعور الشاب بالقلق من أن تغيب المرأة التي تربطه بالعالم ربطاً مادياً واقعياً، وفي الوقت نفسه تفصله عن الواقع بحكاياتها الخيالية. 

حوّل موراكامي هذه القصة المتكاملة البناء، إلى بؤرة مركزية لروايته الطويلة "مقتل الكومنداتور". وأخذ يوسعها بالتفاصيل، وينفخها بالأحداث، فأظهر ما كان مخفياً من حياة الشاب، وقتل الفضول المثير المحيط بشخصيته، وفضح سرّ إقامته في البيت المنعزل. وحوّل "شهرزاد" إلى عشيقة عادية، تنقل له أخبار المجتمع المحيط بمكان إقامته، وتزوده بأخبار الجيران، فتغدو مجرّد مُخبرة بعد أن كانت مؤلفة مدهشة.

ويلجأ الروائي المغرم بعوالم "ألف ليلة وليلة"، بما توفره من إمكانيات هائلة، وحريات منفلتة، لتناسل الحكايات من أكمام الساحر، إلى إخراج المارد من قمقمه، فعلياً وليس مجازياً، على هيئة كائن عجيب يخرج من بئر عميقة ظل محبوساً فيها لمئة عام "لم أكن أستطيع الخروج منها لسبب ما.

 

لكنّ هذا لا يعني أنني كنت مسلوب الإرادة. فلقد خلقت بحيث لا تتغلّب على مشاعر الحبس والآلام، حتى لو بقيت في قاع حفرة مظلمة آلاف السنوات. ومع ذلك، أشكركم على إخراجي من هناك".


ولا يبدو أن موراكامي يشعر بالقلق تجاه أشياعه من القراء، وهو يكرر في "مقتل الكومنداتور" نفس الحيل السردية التي استعملها في روايته السابقة المعنونة "1984"، والواقعة في أربعة أجزاء طويلة. 

 

ولم يكد القارئ يستوعب العرض السحري الطويل الذي قدمه موراكامي في تلك الرواية، على هيئة كائنات صغيرة تتفتق من أجساد الشخصيات، يسميهم "الناس الصغار"، ويتمتعون بقدرات خرافية في معرفة بواطن الشخصيات، وتغيير مجرى الأحداث، حتى فوجئ بالراهب البوذي القزم، يخرج من قعر حفرة، بعد مئة عام، حاملاً جرساً يرن ويصمت على هواه.  

 

يبدأ موراكامي لعبته السردية باستخدام عناصر واقعية؛ شخصيات عادية تخوض في زحمة الحياة العصرية، وتخضع لقوانيها المادية، لكن حدثاً تافهاً، أو خطأ بسيطاً مثل النزول من سيارة الأجرة في المكان الخطأ على الطريق السريع (رواية 1984)، سرعان ما ينقلها من يد الواقع المرئي إلى يد الواقع المخفي، لتبدأ قوانينه المريبة والغريبة بالتكشف عن عالم مواز كل شيء فيه ممكن الحدوث وقابل للتصديق.

في هذا العالم السحري تستسلم حواس القارئ لمبدأ اللذة، وهو أقوى الدوافع في النفس البشرية من وجهة علم النفس، وحين يقدمه السارد للقارئ على هيئة متوالية من الرغبات المتحققة من خلال إزاحة الحياة الواقعية، وتعطيل قوانينها، وإحلال الأحلام بوصفها واقعاً بديلاً قوانينه هلامية تسمح بخروج المارد من قمقمه ليقود السرد في رحلة سحرية.

إخضاع العمل الروائي لمبدأ اللذة ينفي إمكانية تأويلها على أي جانب آخر. ومهما كانت زاوية النظر إلى روايات موراكامي، لن نجد غير أحداث وشخصيات مقودة بفعل الصدفة، وتستمتع بحرية انعدام الإرادة، وتقاتل بشراسة لتفعل الأشياء المفروضة عليها من جهات غيبية، وتؤدي دورها بإتقان داخل الصناديق المعدة على مقاسها، وتستجيب لأمر الساحر في الاختفاء كلياً، أو الانقسام جزئياً، أو السقوط نهائياً في بئر، والرجوع بعد مئة عام.


2
التعليقات (2)
sandokan
الأربعاء، 10-03-2021 01:49 م
^^ قميص ياباني ^^ قميص ياباني بمثابة خطوة هامة لتسهيل متابعة الأحداث في قصة فيلم : مشكلة كبيرة في ليتل تشاينا (1986) إذا لم يكن هناك ما يكفي من الأدلة على أن الاقتران كاربنتر روسيل كان ذهباً ، فقد أثبتت كوميديا ??العمل ( Big Trouble في Little China ) ذلك ويلعب روسل دور جاك بورتون ، سائق الشاحنة الذي ينتهي به المطاف في إنقاذ امرأة مخطوفة احتجزها ساحر في العالم السفلي في الحي الصيني في سان فرانسيسكو. نجح كاربنتر في استخدام الفكاهة الفائقة وتأثيرات خاصة لا تنسى لجعل كوميديا ??الفنون القتالية كلاسيكية. على وجه الخصوص ، يحب المشجعون كيف يفسد رسل بيرتون بنفس القدر الذي ينجح فيه على مدار القصة و نجح جون كاربنتر في واحد من أفضل أفلامه في كل العصور من نوع فانتازيا أكشن مغامرات مشكلة كبيرة في الصين الصغيرة في سان فرانسيسكوا ، كاليفورنيا ، الولايات المتحدة الأمريكية يجب إرشاد الأباء ، لا يناسب الأطفال أقل 13 سنة نجح البطل مع قميصه الياباني ببراعة في أداء دوره في الفيلم فالقميص الياباني له علامة و شعار إن اتفسير البارز لتوضيح سبب اختيار شكل العلم الياباني هو تأثر اليابانيين باعتقاداتهم الدينية الشائعة من عهود بعيدة مضت، إذ ارتبطت عقائد اليابانيين بالشمس، وكان الحاكم له صلة وثيقة بالشمس حتى إن اليابانيين كانوا يرون فيه ابن الشمس، وهو ما انعكس على تصميم العلم الياباني بشكل واضح .
sandokan
الإثنين، 08-03-2021 11:40 ص
^^ يغسل ضوءُ الصَباح السّاطع كُلّ رُكنٍ من أركان العَالمِ دُون مُقابِل ^^ هاروكي موراكامي ( أدب ما بعد الحداثة ) هو كاتب ياباني من مدينة كيوتو . لاقت أعماله نجاح باهرّاً حيث تصدرت قوائم أفضل الكتب مبيعاً سواء على الصعيد المحلي أو العالمي و ترجمت إلى أكثر من 50 لغة حصل موراكامي أيضاً على عدة جوائز أدبية عالمية منها جائزة عالم الفنتازيا ( 2006 ) و جائزة فرانك أوكونور العالمية للقصة القصيرة ( 2006 ) و جائزة فرانز كافكا ( 2006 ) و جائزة القدس ( 2009 ) .. معلومات غريبة : الشوارع في اليابان لا يوجد لها أسماء .. اللغة التي تحتوي على أقل عدد من الحروف هي لغة هاواي 12 حرفاً فقط .. في مدينة أومن اليابانية شجرة عجيبة إذا غابت الشمس خرج من جوفها دخان سبحان الله من مكتشفات العلم .