صحافة دولية

المجلس الأطلنطي: مخاوف من عدم إحراز تقدم بين واشنطن وطهران

جميع المراقبين يدركون أن رغبة أمريكا بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة- جيتي
جميع المراقبين يدركون أن رغبة أمريكا بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة- جيتي

نشر موقع "أتلانتك كاونسل" مقالا للدبلوماسي الفرنسي السابق والزميل فيه مايكل داكلوس قال فيه إنه بعد شهرين من تولي إدارة جو بايدن السلطة، تتزايد المخاوف بشأن عدم إحراز تقدم بين أمريكا وإيران.

وقال إنه لم يحدث اختراق على أي من الجانبين في العودة إلى الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).

 

وتزايدت التوترات الإقليمية مرة أخرى. وأصابت الصواريخ التي أطلقتها المليشيات المدعومة من إيران أو وقعت بالقرب من قواعد في العراق تضم القوات الأمريكية.

 

ويشن الحوثيون في اليمن هجمات صاروخية متكررة على السعودية. وتعرضت سفينة إسرائيلية لحادث في الخليج ولوث تسرب نفطي شواطئ إسرائيلية.

وردا على الصواريخ التي أطلقتها مليشيا شيعية مدعومة من إيران على منشأة عسكرية أمريكية في أربيل وقتلت متعاقدا أمريكيا، شنت أمريكا غارة على وحدة من تلك المليشيا في البوكمال، سوريا، في 25 شباط/ فبراير.

وكان جميع المراقبين يدركون أن رغبة أمريكا بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، التي أظهرها بايدن خلال حملته الرئاسية، ستواجه صعوبات في التنفيذ.

 

وكانت المشكلة المزعجة المتمثلة في "التسلسل" متوقعة - من سيتخذ الخطوات الأولى وكيف سينسق البلدان تزامن الإجراءات اللازمة لإحياء الاتفاقية؟

وتركيز الإدارة الجديدة، باعتراف الجميع منصب على فيروس كورونا، والأزمات الاقتصادية، وتأكيد مرشحيها في مجلس الشيوخ المنقسم بهامش بسيط، مما أدى إلى بطء تعاملها مع إيران.

واستغرقت تحركات الإدارة الأولى عدة أسابيع. وتراجعت أمريكا في 18 شباط/ فبراير عن الإعلان الذي أصدرته إدارة دونالد ترامب في 20 أيلول/ سبتمبر 2020، مؤكدة أن عقوبات الأمم المتحدة على إيران قد أعيد فرضها من خلال آلية "snapback". وفي نفس اليوم وخلال اجتماع بين وزير الخارجية أنطوني بلينكن ونظرائه في مجموعة E3 - ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة - أعلنت أمريكا عن استعدادها لاستئناف المباحثات مع طهران دون جعل عودة إيران المسبقة إلى الامتثال الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة شرطا مسبقا.

 

اقرأ أيضا: MEE: أمريكا عاجزة عن مواجهة القوى العالمية الصاعدة

ومع ذلك، توقع الإيرانيون المزيد من الإجراءات الملموسة مسبقا لتخفيف العقوبات - مثل تحرير بعض أصولها المجمدة في البنوك الأجنبية وإعفاءات من بعض الصادرات – وهو ما لم يحدث.

 

وقد رفضوا حتى الآن عرض حضور محادثات برعاية أوروبية.

كما أن السلطات الإيرانية، في نفس الوقت، جعلت جهود واشنطن لتحقيق اختراق أكثر صعوبة، فبينما أرسل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعض الإشارات الإيجابية، إلا أن القانون الذي تبناه البرلمان الإيراني في 3 كانون الأول/ ديسمبر 2020 - وهو في جوهره إنذار لأمريكا برفع العقوبات في غضون ثلاثة أشهر وإلا ستتوقف إيران عن السماح بعمليات تفتيش دقيقة لمنشآتها النووية – جعل من الصعب على واشنطن تقديم تنازلات.

وبدأت إيران في ارتكاب انتهاكات أخرى دعا إليها القانون الجديد، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى ما يقرب من 20 بالمئة وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة، مع التأكيد على أن كل هذه الخطوات قابلة للتراجع. وبينما أعلنت إيران أنها لن تلتزم بعد الآن بالبروتوكول الإضافي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تمكنت السلطات الإيرانية من التوصل إلى اتفاق تقني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يضمن استمرار المراقبة والتحقق من المنشآت الإيرانية حتى وقت متأخر من أيار/ مايو.


ومع زيادة تصلب الموقف الإيراني، حاول الأوروبيون لعب دور الوسيط النزيه لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.
وربما أثارت بعض التصريحات الألمانية والفرنسية نهاية العام الماضي وبداية عام 2021 الشكوك في طهران. فقد أكدت العاصمتان، في تصريحات ربما كانت في توقيت غير مناسب، على أن العودة إلى الاتفاق النووي يجب أن تمهد الطريق لمفاوضات أوسع، لا سيما بشأن الصواريخ والقضايا الإقليمية.

وستشمل هذه بالضرورة جهات فاعلة إقليمية أخرى.


منذ ذلك الحين، أوضح الأوروبيون أن الأولوية هي عودة إيران وأمريكا إلى الالتزام الكامل بخطة العمل الشاملة المشتركة. وقد يكون الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الذي يعمل كمنسق للجنة خطة العمل المشتركة الشاملة، قادرا على لعب دور مفيد في هذا الصدد. وقد يجد وزير الخارجية بلينكين، عند زيارته لبروكسل يومي 23 و24 آذار/ مارس لحضور اجتماع الناتو، أنه من المفيد التشاور مع مجموعة E3 والممثل الأعلى. ويجب أن تكون هذه فرصة للأوروبيين لمراجعة خياراتهم ومعرفة ما إذا كان يمكن فعل المزيد تجاه طهران.


والعامل الآخر الذي يعقد الأمور هو اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران/ يونيو. وقد حذر العديد من المراقبين من أن الفصائل المتشددة تفضل عدم رفع العقوبات قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع في 18حزيران/ يونيو لتجنب منح المرشح البراغماتي / الإصلاحي أي ميزة.

 

واتهم الرئيس حسن روحاني نفسه خصومه بصب الزيت على النار لتعزيز أوراقهم في السباق الانتخابي. ومن ناحية أخرى، فإن مجال المناورة المتاح للرئيس بايدن مقيد بالموقف السلبي للكثيرين في الكونغرس - بما في ذلك أعضاء مؤثرين في حزبه - تجاه الحوار مع إيران.


وتشير هذه الاختلافات حول التكتيكات إلى شكوك في واشنطن وطهران حول قيمة بذل جهود كبيرة لإحياء اتفاقية من الواضح أنها تعاني من عيوب وثبت أنها يمكن أن تتأثر بشكل كبير بأي تغير في الإدارة الأمريكية.

 

ومع ذلك، وبغض النظر عن مزايا الاتفاقية المتعلقة بعدم الانتشار، ينبغي النظر إلى الاتفاقية النووية في ضوء المخاوف بشأن صعود الصين. إن إطالة أمد الأزمة الإيرانية يهدد بزيادة تورط أمريكا في اضطرابات الشرق الأوسط، على عكس رغبتها في التركيز على منطقة المحيطين الهندي والهادئ.


بالنسبة لإيران، فإن استمرار العداء مع أمريكا والعلاقات المتوترة مع أوروبا قد يجبرها على التخلي عن هدفها التاريخي المتمثل في عدم الاعتماد على "الشرق ولا الغرب"، والاعتماد كليا على الصين في اقتصادها وإلى حد ما على روسيا من أجل الأمن الإقليمي.


وبالتالي، فإن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة توفر أفضل احتمال لتعزيز استقلال إيران وتحرير أمريكا من أعبائها في الشرق الأوسط. وما إذا كان لا يزال من الممكن تحقيق ذلك يبقى مصدر قلق متزايد.

 

للاطلاع على النص الأصلي (هنا)


التعليقات (0)