هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للصحفية، أبي سيويل، حول كفاح الطلاب اللاجئين في لبنان، ولا سيما في ظل ظروف جائحة فيروس كورونا المستجد والتعلم عن بعد، الذي يثقل كاهل ذويهم.
وفي تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، تنقل "سيويل" عن "زينب عوض"، وهي لاجئة سورية في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، أنها تعاني بشكل كبير من النقص المزمن في الكهرباء وانقطاع الإنترنت، فضلا عن المصاعب الأخرى التي تفرضها هذه الظروف.
وتقول عوض: "في بعض الأحيان كان الإنترنت ينقطع ليوم كامل، وكان علي أن أعود في اليوم التالي لأشاهد التسجيل وأسأل المعلمين عنه".
وعلى الرغم من هذه الصعوبات، فهي تستعد لامتحان التخرج هذا العام وتتقدم بطلب للحصول على منحة دراسية في الجامعة الأمريكية ببيروت.
وتشرح قائلة: "نيتي أن أستمر في الدراسة وأن أصبح طبيبة بإذن الله وأن أساعد المحتاجين وأن أعود لإعادة بناء بلدي كما كان.. ولإعالة والدي ومنحهم حياة جيدة ومنح أشقائي [الأصغر] مواصلة تعليمهم".
ونجاح عوض حالة نادرة حتى الآن بين اللاجئين السوريين في المنطقة، لا سيما في لبنان، البلد الذي يضم أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة لعدد سكانه.
اقرأ أيضا: مصرع رضيع بحريق مخيم للاجئين السوريين في لبنان (شاهد)
وهو أمر غير مألوف بشكل خاص خلال الجائحة، فقد غادر معظم زملائها الطلاب السوريين مقاعد الدراسة واحدا تلو الآخر - للعمل، مثل شقيقها الأكبر، أو للزواج، كما فعلت بعض صديقاتها في المدرسة في سن 14 أو 15 عاما. وغادرت أخريات بسبب مشاكل في الوصول إلى الفصول الدراسية عبر الإنترنت.
ولن يعود الكثيرون عند إعادة فتح المدارس على الأرجح.
يقول حسن النابلسي، المتحدث باسم مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إنه قبل الوباء، كان حوالي 750 ألف طفل سوري لاجئ في سن الدراسة خارج المدرسة في جميع أنحاء المنطقة، و2.4 مليون طفل آخر، كانوا خارج المدرسة في سوريا.
وتشمل الأسباب الضغوط الاقتصادية، ونقص المساحة في أنظمة المدارس المحلية، والمخاوف الأمنية والعقبات البيروقراطية للتسجيل.
وكان لبنان يعاني من أزمة سياسية واقتصادية قبل الجائحة. وفقدت الليرة اللبنانية ما يقرب من 90% من قيمتها منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وقالت الأمم المتحدة إن 89% من اللاجئين السوريين في البلاد يعيشون تحت خط الفقر المدقع.
وفي آب/ أغسطس الماضي، انفجر مستودع مليء بنترات الأمونيوم في ميناء بيروت، مما تسبب في واحد من أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ الحديث، مما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة الآلاف وإلحاق أضرار بأجزاء كبيرة من المدينة، بما في ذلك المدارس.
وتقول ناتالي لاهير، كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي وتعمل في مجال التعليم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "أعتقد أنه سيكون من الصعب للغاية فصل أزمة كوفيد-19 عن الأزمات الأخرى... في لبنان. ومع ذلك، فإن الآثار المشتركة على الخسارة التعليمية كبيرة".
اقرأ أيضا: القضاء اللبناني يحقق بتعذيب الأمن للاجئين سوريين
وأفادت منظمة اليونيسف في تشرين الثاني/ نوفمبر أنه في جميع أنحاء المنطقة، كان حوالي 55% من الطلاب الذين التحقوا بالمدرسة قبل تفشي كورونا، يمكنهم الوصول إلى التعلم عن بعد. في لبنان، قالت وزارة التربية والتعليم إن نسبة الطلاب القادرين على المشاركة في التعلم عن بعد تبلغ حوالي 50%. لم تكن أدوات التعلم عبر الإنترنت مستخدمة إلا قليلا في لبنان قبل الوباء، لا سيما في المدارس الحكومية.
وفي حين أن الدراسة عن بعد كانت فعالة في بعض الحالات، أضافت لاهير أن "النتائج مختلطة، حيث أن أكثر من 20% من المدارس الحكومية [في لبنان] لا تستطيع الوصول إلى أي شكل من أشكال التعلم عبر الإنترنت".
وبالنسبة للاجئين، كانت المشاكل أكثر حدة. وجد تقرير للأمم المتحدة العام الماضي أن 17% فقط من الأطفال السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 سنة من 4563 أسرة في لبنان تمكنوا من المشاركة في فصول دراسية عن بعد.
وعدا عن صعوبات الوصول الرقمي، تم تعليق الفصول الدراسية عبر الإنترنت للعديد من طلاب "الدوام الثاني" وذلك لأن المعلمين كانوا مضربين احتجاجا على الأجور غير المدفوعة. بينما كان بعض الأطفال السوريين مسجلين في فصول دراسية إلى جانب الطلاب اللبنانيين في المدارس الحكومية، حضر معظمهم فصولا خاصة بعد الظهر عقدت بعد فترة الدراسة العادية - وهو برنامج أطلق في عام 2013 بتمويل دولي.
وفي الوقت نفسه، أدى إغلاق المدارس أيضا إلى تعليق برنامج التعلم السريع الخاص الذي يعد حاليا الطريقة الوحيدة للأطفال السوريين الذين تركوا المدرسة لعدة سنوات.
بعد مرور أكثر من عام على انتشار الوباء، لم تصدر وزارة التعليم والتعليم العالي خطة رسمية للتعلم عن بعد، على الرغم من تعميم مسودة. تقول لاهير إن هذا قدم بعض الاستراتيجيات الواعدة - لا سيما في استخدام التكنولوجيا - للمدارس التي تخلفت عن الركب.
وبحسب الصحيفة، فإنه يبدو أن مشاكل توفر الخدمات تقلل من معدلات الالتحاق بين اللاجئين. هناك حوالي 190600 طفل سوري مسجلين في المدارس الابتدائية الحكومية اللبنانية هذا العام، انخفاضا من 196238 في 2019-2020، وهو أقل من 206.061 في العام الذي سبقه. وهناك حوالي 6400 طالب سوري فقط مسجل في المدارس الثانوية.
وبالنسبة لبعض الطلاب السوريين الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس الحكومية، أو الذين عانوا من صعوبة في المناهج الدراسية، ساعدت برامج التعليم التكميلي التي تديرها المنظمات غير الحكومية والمبادرات غير الرسمية على استمرارهم في التعلم.
وعندما جاءت الطالبة اللاجئة عوض إلى لبنان لأول مرة، في سن الثامنة، تمكن والداها من إلحاقها بالمدرسة الحكومية المحلية في قرية بقرزلا في شمال لبنان حيث استقروا للعمل في بساتين الزيتون. ولكن، مثل معظم الأطفال من سوريا، كافحت عوض لأنها لم تكن تعرف الأبجدية اللاتينية أو الفرنسية - لغة التدريس الرئيسية في المدرسة.
ولحسن الحظ، افتتحت منظمة غير حكومية صغيرة تسمى الإغاثة والمصالحة من أجل سوريا مركزا في القرية، حيث قدمت مجموعات من المتطوعين المساعدة في الواجبات المنزلية بعد ساعات الدوام ودروسا إضافية للغة الفرنسية، جنبا إلى جنب مع بولين سمعان عبود، وهي معلمة لبنانية تقوم أيضا بتدريس اللغة الفرنسية في المدرسة الحكومية. وخلال إغلاق المدارس، واصلت عبود العمل عبر واتساب لشرح الدروس للطلاب.
ومع ذلك، فإن الاستثمار بشكل أكبر في تعليم الأطفال اللاجئين - وخاصة في البرامج التي يحتمل أن تكون مكلفة لزيادة توفير الأجهزة الرقمية والإنترنت - قد يكون شاقا في وقت يعاني المانحون فيه الإرهاق.
وفي مؤتمر بروكسل السنوي الخامس الشهر الماضي لجمع الأموال للاستجابة للأزمة السورية، تعهد المانحون الدوليون بتقديم 5.3 مليارات يورو - أي أقل بنحو 1.6 مليار يورو عن العام الماضي، والذي كان أقل من العام الذي سبقه.
وعلى الرغم من الأولويات المتنافسة العديدة في المنطقة وخارجها في أعقاب الوباء، يقول النابلسي إنه يجب ألا يغيب الطلاب اللاجئون المعرضون لخطر التخلف عن الركب عن بال المجتمع الدولي.
وختم الكاتب بالقول: "سيكون هؤلاء الأطفال جيلا ضائعا ما لم يتلقوا التعليم وما لم يتم دعمهم - وهم يستحقون هذا الدعم".