كتاب عربي 21

نقاط ضرورية على جدل المقاومة في فلسطين ومحور إيران

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600

في الوقت الذي كانت فيه جماهير الأمة، ومعها أحرار العالم، يحتفلون بالمقاومة البطولية التي أبداها الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال الصهيوني؛ إن كان في القدس والضفة الغربية ومناطق 48، أم في قطاع غزة الذي أوجع الاحتلال؛ ليس بصواريخه وحسب، بل قبل ذلك والأهم، بإصراره على ربط مقاومته بما يجري في القدس، وتأكيد وحدة الشعب في المواجهة.. في هذا الوقت بالذات، كان قلة من الناس ينسون ذلك، ويخرّبون العرس (إذا جاز التعبير) بهجاء "حماس" وشتمها بسبب تصريحات تتعلق بإيران صدرت من بعض قياداتها.


بعضهم فعل ذلك قبل أن تصدر التصريحات، وفي خضم المعركة؛ عبر اعتباره "حماس" تابعة لإيران، ورفضه الانضمام لجماهير الأمة في نصرتها، فيما فعل البعض ذلك بعد صدور تصريحات؛ بعضها عادي، وبعضها إشكالي من قادة في "حماس"، ولن ندخل في النوايا، لأن من فعلوا ذلك ليسوا سواءً بكل تأكيد.


نشير هنا إلى أن أحدا لا يتوقف عند تصريحات قادة حركة الجهاد، ولا لمواقفهم، رغم أنها ممولة بالكامل من إيران، ورغم أن زعيم الحركة الجديد (زياد نخالة) يختلف كثيرا عن الراحل (رمضان شلح) في تماهيه مع إيران، وصولا إلى مشاركته في لقاء بشار بعد المعركة الأخيرة.


لم يكن هذا الجانب أعلاه هو الذي استدعى هذه السطور، رغم أهميته الكبيرة، فقد سبق أن تطرّقنا إليه في سياقات سابقة، عبر مقالات أو تغريدات تهاجم تصريحات لبعض قادة "حماس"؛ رأينا أنها تتجاوز منطق الشكر العادي لإيران، إلى "الابتذال" الذي يستفزّ الغالبية الساحقة من جماهير الأمّة التي تابعت وما زالت تتابع عدوان إيران في سوريا (المجزرة الأكبر)، وفي اليمن والعراق.


ما استدعاها أكثر من ذلك، هو الخطاب الموغل في التباهي الذي تبناه عناصر المحور الإيراني، وأبواقهم في الإعلام ومواقع التواصل، والذي كان ينسب الانتصار الذي حققته المقاومة في غزة إلى إيران، كأنها هي التي قاتلت وهي التي انتصرت، ولم تكن "حماس"، ومن معها سوى "كومبارس" في المشهد، فلا تكاد تكتب تغريدة عن الانتصار، حتى يطلّ عليك متسائلين عن الصواريخ ومن أين جاءت، كأنما يطلبون منك إقرارا بأن كل شيء يعود لإيران، ولولاها، لما كانت هناك مقاومة من الأصل.

 

وللتذكير، فهؤلاء أنفسهم هم من نزعوا عن "حماس" صفة المقاومة، حين انحازت للشعب السوري في مواجهته مع نظام القتل، وخرجت من سوريا تبعا لذلك.


لا يحدث ذلك عبثا بالطبع، إذ "يكاد المريب أن يقول خذوني"، فهؤلاء، وهم بين مذهبيين وطائفيين ومؤدلجين وحزبيين، و"كائنات سياسة"؛ يدركون أن الغالبية الساحقة من الأمّة، ومن ضمنها أهل فلسطين في الداخل والشتات، في حالة تناقض مع إيران بسبب عدوانها في سوريا واليمن والعراق، فيما هم يريدون أن يغسلوها من كل ذلك عبر نسبة المقاومة في فلسطين إليها، مستغلّين قداسة القضية ومركزيتها، مع أنها في الأصل جزء من الدعاية لمشروع التمدد المذهبي.


في هذا الجزء من المعضلة ينبغي القول إن الشعب الفلسطيني لم يبدأ مقاومته منذ عقد أو عقدين أو بعد ثورة إيران، فهو يقاوم منذ مئة عام.

 

كما أن "حماس" قاومت، وسجّلت أروع البطولات قبل أن تقدّم لها إيران شيئا يذكر على صعيد المال والسلاح، وكل ذلك بفضل العزيمة والإصرار.

 

وإذا جئنا نؤرخ للنقلة المهمة في الدعم، فهي التي جاءت بعد الانسحاب الصهيوني من القطاع في 2005، ثم بعد الحسم العسكري في 2007.


ولكي يوضع الدعم في سياقه الصحيح، فإن خطاب إيران ومحورها يكاد يلغي كل شيء ما عداها، مع أن الأمر ليس كذلك بحال، فدعم الآخرين المالي يتحوّل إلى قدرات عسكرية، إن كان رسميا كما هو حال قطر وتركيا وسواهما، أم كان من أبناء الأمّة الذي ذكرهم يحيى السنوار في خطابه الأخير، والذين كانوا أساس تمويل الحركة منذ نشأتها.


خطاب إيران وحلفها تجاهل أن هنا بطولات وإرادة صنعت وطوّرت السلاح. كما أن أهمية الدعم الإيراني التسليحي، لا تحذف المصادر الأخرى، مثل ليبيا بعد الثورة، ومن سوريا (بعد الثورة أيضا)، ومن السودان ومن دول أخرى، وإلا، فهل قتل محمود المبحوح، وهو يتواصل مع إيران لأجل الدعم، أم لأنه كان يتواصل مع مصادر أخرى؟!


الخبراء الصهاينة أقرّوا بأن معظم صواريخ "حماس" بعد مجيء النظام الجديد في مصر هي من صناعة ذاتية، بعد إغلاق ممرات التهريب، وهؤلاء لا يقولون ذلك لكي يهمّشوا دور إيران، بل تحريضا على الحركة كي تُمنع عنها أموال إعادة الإعمار.


أيا يكن الأمر، فإن نسبة الانتصار لإيران، وتجاهل من وصلوا الليل بالنهار، وقدموا جحافل الشهداء، وصنعوا وطوّروا هو عمل معيب، لا يقوم به سوى مأزوم يريد أن يغسل عارا آخر، مع أن ذلك لن يحدث، لأن هناك إجراما لا يمكن غسله، فضلا عن تكون أداة الغسيل غير بريئة أصلا.


في سياق آخر، لا ينبغي التوقف كثيرا عند من يرفضون أي علاقة بين "حماس" وإيران، فهؤلاء أقلية هامشية، ويصبحون أكثر هامشية حين يتجاهلون حصار بعض أنظمة العرب للحركة، وعدم توفّر بديل لها، وما يعنينا هم أولئك الذين يعترضون على بعض التصريحات.


لا وجود لحركة ثورية لا تبحث عن دعم خارجي، خصوصا إذا أصرّت على الاستقلالية، وهذا حال حماس. وفي سوريا طالب كثيرون بتدخل عسكري أمريكي، وأمريكا أسوأ من إيران في الإجرام بحق الأمّة (وهي سبب في معاناة السوريين أيضا بانحيازها كما الصهاينة لإطالة النزيف مع الإبقاء على النظام)، وحدث تدخل غربي في ليبيا صمت عنه الناس، تبعا لإجرام القذافي، وحصل الثوار الأفغان على دعم أمريكي أيضا، والأمثلة لا تحصى، بما في ذلك تعاون "القاعدة" مع إيران في وقت من الأوقات.


هنا نقول إن الشكر على الدعم أمر عادي، لا سيما حين يأتي مع شكر آخرين، ولكن على قادة حماس أن ينتقوا كلماتهم بعناية في هذا السياق، ولا ينسوا أن الحفاظ على حاضنة الأمّة، ليس بالأمر الهامشي (مع مراعاة دول داعمة أخرى)، وأنها هي التي ستبقى أساس الدعم، وهي الأهم، ولا بأس من التذكير بأن تلقي الدعم من أي جهة (إيران أو سواها) لا يعني الاتفاق معها على كل شيء، وهذا صحيح، بدليل خروج حماس من سوريا إكراما للشعب، وبدليل تأييدها لـ"عاصفة الحزم" في اليمن، وضد تابع لإيران (الحوثي)، رغم أن التدخل في شؤون الآخرين ليس واجبها، ويكفيها أن تكون على ثغرة كبيرة في فلسطين.


هذه السطور هي من باب النصيحة الضرورية لمن يحملون راية القضية المركزية للأمّة، وإن كانت ردا على طرفين متناقضين أيضا. وعلى الله قصد السبيل.

13
التعليقات (13)
سالم سليم
الخميس، 29-07-2021 10:45 ص
غريب امر بعض الكتاب الذين يستيقظون في الصباح ولانهم ارزقيه يبحثون عن اي عنوان اوقضيه يكتبون فيها وعنها.الكاتب ياسر الزعاتره نموذجا .يكتب عن حماس ويبرر لها فهو حر في ذلك .اما ان يدخل الجهاد فجأه في مقاله ويقول لماذا لا تنتقدون حركه الجهاد وكل تمويلها من ايران ؟وهي تشكر ايران .من تريد ان تشكر الجهاد؟تشكر الاردن مثلا او قطر او الامارات او السعوديه وغيرهم .لماذا تشكرهم هل لانهم يقدمون مساعده للمقاومه او للشعب الفلسطيني مثلا .وهل اذا قابل الامين العام رئيس دوله يجلس فيها يصبح ذلك جرما .ماذا لودعيت للقاء الملك عبدالله والاردن الموقعه علي سلام مع العدو وانت تجلس فيها .هل ترفض ام تلبس افضل ما عندك وتذهب .او اذا دعيت لمقابله امير قطر وهي الدوله التي لا تنقطع عن زيارتها هل ترفض ؟لماذا الكيل بمكيالين وانت تتربح من مقالاتك من دول وحكومات وصحف كلها تعتبر اسرائيل العدو الذي يحتل فلسطين دوله جاره وتقر لها باحتلال فلسطين عبر مهادنتها او عقد اتفاقيات معها.هل يحرم علي الجهاد ان تاخذ مساعدات من ايران وحماس تاخذ .وكل دوله لديها استعداد ان تساعد الشعب الفلسطيني فلتتفضل .وبدل ان يقول الكاتب ان علي الدول العربيه التي تغرق بالاموال مساعده الشعب الفلسطيني ومقاومته حتي لا يضطروا لقبول المساعدات من ايران .يلوم الذين اذا لم يأخذوا من ايران لا يجدوا ما يحاربون به العدو .عيب يا كتاب المقالات .وايضا لان الاستاذ الزعاتره كاتب موالي لحماس فهو يبرر لحماس ولكن يطلب منها ان تخفف من جرعه الشكر .وهو بطبيعه الحال ككاتب يأخذ من حماس ويأخذ من الجزيره القطريه.وغيرها .هو يبرر لنفسه ان يأخذ ممكن يريد ويلوم وينتقد من هو ليس علي شاكلته طالما هو عايش ومبسوط وشغلته توزيع الاحكام علي الناس.يا ناس انظروا لانفسكم قبل ان تنظروا للاخرين وللحديث بقيه.
عبد الفتاح الخطيب
الثلاثاء، 08-06-2021 10:27 ص
أولا: انظر الى امريكا وحكام العرب ماذا فعلوا بالبلاد العربية، ولماذا تريد من ايران او غيرها ان يكونوا خداما بالمجان للعرب أو لغير العرب، ايران ايام حكم الشاه كانت الحارس والوصي الاميركي على العرب، ولم نسمع في الاعلام العربي كلمات سنة وشيعة، وظهرت التسميات بعد تغير الحكم في ايران لكونه غير منقاد لاميركا ويريد بناء دولته الحديثة، وبالمناسبة هل تعرف شيء عن صناعات واقتصاد ايران، لا اظن. ثانيا: لماذا الافتراض ان ايران او غيرها لها سياسات معادية وتظهر غير ما تبطن، هل خوفاً من العرب، ومن في هذا الكون من يقيم للعرب حسابا، خذ اثيوبيا الدولة الافريقية الفقيرة على على سبيل المثال. ثالثاً:لماذا لم تحدثنا بالتفصيل عن المؤامرات الغربية الأمريكية الاوروبية على العرب، وتعقد مقارنة بين ما يفعله وفعله الغرب وما فعلته ايران، حتى تكون حيادية في التقييم والتعليق. رابعا": من الذي أنشأ داعش واخواتها ومولهم بمليارات الدولارات والذين اعتبروا انفسهم سنية سلفية و بسببهم تحولت الثورة السورية من ثورة مطلبية سلمية الى تكفيرية داعشية تدميرية، واحيلك الى تصريح رئيس وزراء قطر السابق والذي اعترف بتمويل الحرب على سوريا بمبلغ مائة وأربعين مليار دولار. خامسا اذا كانت ايران تتآمر فلماذا تتجاهل التآمر العربي على فلسطين ومقاومتها وموالاة دولة الاحتلال والتطبيع والتماهي معها ودعمها بمليارات الدولارات من بعض الدول العربية. أخيراً الموضوعية تتطلب قراءة الصورة من كل الجوانب بناءاً على معلومات حقيقية وليس بطريقة الظن وباسلوب بيتهيأ لي، وليس بالإستماع والركون الى فضائيات الأنظمة العربية التي صارت تسمي الشهداء الفلسطينيين بمجموعة من القتلى أو قتلى حماس وغير حماس.
علي
الإثنين، 07-06-2021 03:06 م
على الكاتب التخلي عن طائفيته وتحليله المذهبي. الكثير من قيادات المقاومة الفلسطينية وخاصة حماس هم أبعد عن الطائفية, ولا ينظرون للأحداث في المنطقة على طريقتك وتحليلك المذهبي. التحليل الصحيح يجب ان يبدأ من وجود نظام هيمنة واحتلال خارجي في المنطقة, ويجب مواجهته ومقاومته. هناك أطراف سنية-شيعية تشارك وتساعد هذا العدوان, وهناك من يقف ضده, وهؤلاء أيضا هم من طوائف وملل وأيدولوجيات متعددة.
قاطع البرهان
الأحد، 06-06-2021 12:33 م
طيب، نتخيل فقد الدعم الايراني للمقاومة فهذا بصالح الكيان الصهيوني أم المقاومة الفلسطينية؟ فمن يكتب لصالح الكيان الصهيوني؟ لعن الله المرتزقة و صهاينة العرب
ناقد لا حاقد الى حسن عبد الله
السبت، 05-06-2021 07:25 م
من يقتل المسلمين في سوريا و اليمن و العراق لا يمكنه ان يدعم المظلومين في فلسطين ............من يناصر ايران يناصر القتل و الظلم في سوريا .........هل نسيتم مجازر الحولة و حمص و الغوطة و و و ...............