سياسة عربية

محللون: المهمة "سيرلي" فضيحة تحرج مخابرات نظام السيسي

كشف التقرير الاستقصائي ضلوع مصر وفرنسا في عمليات قتل مدنيين بين عامي 2016 و2018- الأناضول
كشف التقرير الاستقصائي ضلوع مصر وفرنسا في عمليات قتل مدنيين بين عامي 2016 و2018- الأناضول

قامت السلطات المصرية بحجب موقع "ديسكلوز" الفرنسي، أمس، بعد يومين من قيامه بنشر وثائق سرية خاصة تتعلق بتورط مصر في انتهاكات وجرائم ضد مدنيين على حدود ليبيا يشتبه في تورطهم بعمليات تهريب بعد استخدام معلومات وفرتها الاستخبارات الفرنسية من خلال مهمة عسكرية سرية في مصر تحت مسمى "سيرلي".

وشجبت منظمة "مراسلون بلا حدود" حجب موقع "ديسكلوز" للصحافة الاستقصائية في مصر، وقالت المنظمة في تغريدة على موقع تويتر: "كما هو متوقع تم حظر الموقع، بعد الكشف عن أوراق مصرية حول التعاون مع فرنسا، وفي هذا الصدد، تدين مراسلون بلا حدود عمليات حظر المواقع الإخبارية التي تنشر معلومات تستأثر باهتمام الرأي العام، وهي ممارسة أضحت مألوفة لدى السلطات".

 

 

 

 

وكشف التقرير الصحفي الاستقصائي، الذي أحرج السلطات المصرية والفرنسية، عن ضلوعهما في عمليات قتل مدنيين بين عامي 2016 و2018، بعد استخدام الجيش المصري معلومات استخباراتية وفرتها فرنسا من خلال مهمة عسكرية سرية في مصر لاستهداف مسلحين على الحدود المصرية الليبية، لكنها بدلا من ذلك استهدفت مهربين.

وذكر موقع "ديسكلوز" أن المهمة العسكرية المشتركة بين البلدين أطلق عليها اسم "سيرلي" كان هدفها توفير معلومات استخباراتية عن المسلحين الذين يشكلون خطرًا إرهابيًا على مصر على حدودها الغربية، لكن الجانب المصري استخدمها لاستهداف مهربين لا علاقة لهم بالإرهاب.

وبحسب "ديسكلوز"، فإن مهمة "سيرلي" التي تم إخفاؤها عن الجمهور، قد انحرفت عن مسارها الأصلي، وهو مراقبة الأنشطة الإرهابية، لصالح حملة من عمليات الإعدام التعسفي من قبل دولة مصر، مشيرا إلى أنه تم إبلاغ مكتب الرئاسة الفرنسية بها باستمرار لكنه لم يحرك ساكنا.

 

اقرأ أيضا: تحقيق حول ضلوع فرنسا بمقتل مدنيين بمصر يثير غضبا حقوقيا

مصر.. مرتع المخابرات الأجنبية

وصف رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، الدكتور عمرو عادل، ما تم الكشف عنه "بالفضيحة"، وقال: "ما حدث في فضيحة قتل المصريين في الصحراء الغربية هو فقط إظهار غير مقصود لما يحدث في مصر منذ عقود طويلة، فلم تكن حياة الشعب في أي وقت لها أي قيمة عند النظام المصري العسكري منذ نشأته".

وأضاف لـ"عربي21": "الحديث عن أنهم مهربون لا يعطي الحق لأي دولة أو نظام بقتلهم لأن المفروض أن هناك قانونا يحمي العلاقة بين الدولة والشعب"، مشيرا إلى أن "فرنسا ليست الدولة الوحيدة التي تتعاون مع النظام المصري لقتل الشعب بل إن الكيان الصهيوني يشارك في عمليات ضد أهل سيناء".

وكشف الضابط السابق بالجيش المصري، أن "المخابرات المصرية جزء من الجيش المصري الذي ليس له علاقة بالشعب ولا بمصالحه، ولا الحفاظ على أرض الوطن وإنما السيطرة على البلاد والعباد؛ لذلك لا توجد أي مشكلة بالنسبة لها من التعاون مع أي جهة أجنبية تحفظ لها أهدافها سواء فرنسا أو الصهاينة".

المخابرات المصرية.. مهام أخرى

اعتبر الباحث بالشأن العسكري في المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، محمود جمال، أن التقرير يكشف حقيقة تراجع دور المخابرات المصرية، وقال: "أجهزة المخابرات لم تستطع حتى الآن أن تؤدي دورها في القضاء على المسلحين في شمال سيناء رغم إطلاق العديد من العمليات العسكرية من وقت لآخر منذ عام 2013، ناهيك عن وقوع عشرات العمليات المسلحة ضد الجيش المصري ما يؤكد أن هناك فشلا استخباراتيا كبيرا".

وأوضح في تصريحه لـ"عربي21": "الجيش المصري يعتمد على إسرائيل لتزويده بالمعلومات عن الأوضاع في شمال سيناء، وفي المنطقة الغربية تنشط المخابرات الفرنسية على الأراضي المصرية، إلى جانب وجود فشل استخباراتي في الجنوب مع الحدود المصرية السودانية، وكان من المفترض أن مصر في منطقة صراعات يجب أن تمتلك القوى الشاملة على رأسها جهاز استخباراتي قوي، لكن السيسي لجأ إلى تفكيك جهاز المخابرات العامة المحسوب على نظام مبارك، وأضعف جهاز الاستخبارات العسكرية".

 

اقرأ أيضا: تفاصيل مشاركة فرنسا مع مصر بقتل مدنيين على حدود ليبيا

وأرجع جمال سبب تراجع دور المخابرات المصرية إلى عدة أسباب، "فإلى جانب اتفاقية كامب ديفيد وتحييد دور الجيش المصري، انخرط بشكل موسع في الصراعات السياسية وتأمين السلطة للحاكم العسكري منذ عام 2013، كما حدث في عهد عبد الناصر (الرئيس الأسبق)، الذي صب كل اهتمامه على السيطرة على البلاد ما أدى إلى خسارته جميع الحروب على أرضه وفي الخارج، وهذا هو ما يجري الآن"، لافتا إلى أن "المخابرات المصرية هي أذرع السيسي من أجل السيطرة الداخلية والسيطرة على خصومه".

تحقيق فرنسي وتجاهل مصري

من جانبها، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورانس بارلي، إنها طلبت فتح تحقيق بشأن المعلومات التي نشرها ديسكلوز، بحسب ما نقل موقع قناة "فرانس 24" الفرنسي، بينما طالب عدد من نواب المعارضة في البرلمان الفرنسي بتحقيقات أخرى، حسبما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية.

أما على الجانب المصري، فلم يصدر أي تعليق رسمي حتى الآن سواء من قبل الحكومة أو حتى البرلمان، سوى القيام بحجب موقع "ديسكلوز".
 

التعليقات (2)
حنفي الغلبان
الخميس، 25-11-2021 04:48 م
حين يتبين للعقلاء المخلصين في بلد أن الجيش فاشل و أن المخابرات فاشلة و أن كلتا المؤسستين انحرفتا عن وظيفتهما الأصلية المتمثلة بتأمين البلاد و بأمن العباد ، يكون من واجب العقلاء المخلصين الممتلكين للقوة إزاحة رأس الفشل و يكون دور الشعب أن يختار رأساً غيره لديه كفاءة و أمانة و فعالية و يطرح برنامج إصلاح شامل قابل للتطبيق يزيل الفاسدين و يولَي الصالحين المصلحين في كافة القطاعات و من دون استثناءات أو امتيازات لأحد . لا يجوز غض الطرف عن أي شخص مدعوم في تعيينه من جهة مؤثرة أو شخصية نافذة – كائناً من كان – عديم الأهلية سيء الأداء في العمل الملقى على عاتقه . كل طاقم فاسد مفسد - من أعلى السلَم إلى أسفل السلم – ينبغي أن يتعرض للطرد من أجل مصلحة مصر و شعب مصر .
كمين الواحات
الخميس، 25-11-2021 02:32 م
فرنسا شريك رئيسى للعسكر فى مصر بالحرب على (الإرهاب) منذ وقوع الانقلاب على حكم الإخوان فى يوليو / تموز عام 2013 م ! فقد أدى سقوط نظام المخلوع الهالك / حسنى مبارك فى مصر ، و نظام الدجال الهالك / معمر القذافى فى ليبيا إبان ثورات الربيع العربى عام 2011 م ، و انهيار الرقابة الأمنية على الحدود البرية الطويلة بين مصر و ليبيا ، و التسرب الواسع للسلاح من مخازن جيش القذافى المنتشرة على إمتداد الصحراء الليبية إلى ازدهار نشاط التهريب ، و تجارة السلاح عبر الحدود المصرية - الليبية ، و بخاصة المتجهة إلى الجهاديين فى سيناء و قطاع غزة الذين يستهدفون الكيان الصهيونى و أعوانه ! و قد جاء تأسيس جماعات (أنصار الشريعة) المنتمية لتيار " السلفية الجهادية " فى شرق ليبيا بعد سقوط حكم القذافى لتتخذ عمليات تهريب السلاح أهدافا أكثر وضوحا و تهديدا لحكم العسكر ، تمثلت فى تسليح الخلايا الجهادية النائمة داخل العمق السكانى لمصر فى وادى النيل و دلتاه ، إلى جانب الجهاديين المنتشرين فى صحراء مصر الغربية ! فجاءت (عملية الكرامة) التى أطلقها عميل الاستخبارات المركزية الأمريكية " خليفة حفتر " فى مايو / آيار عام 2014 م لتكون نقطة البداية فى قطع طريق تهريب السلاح القادم من ليبيا إلى مصر ، و لتنال دعما واسعا من القاهرة و باريس ! وقد حاول " السيسى " بالتعاون مع واشنطن تنفيذ مشروع أمنى لاعتراض طرق التهريب برا عبر صحراء مصر الغربية ، و ذلك عن طريق استقدام و نشر وحدات من الدوريات الحدودية المتحركة التى تراقب الحدود البرية الطويلة بين الولايات المتحدة و المكسيك ، لكن ذلك المشروع انتهى نهاية كارثية فى سبتمبر / أيلول عام 2015 م حين اصطدمت تلك الوحدات بتشكيلات لتنظيم " داعش " فى صحراء مصر الغربية ، حيث قصفها الدواعش قصفا مدفعيا عنيفا ، قبل أن تقوم الطائرات الحربية المصرية بدورها بقصفها عن طريق الخطأ نتيجة لضعف التنسيق المعلوماتى ، و الإتصال بين الجانبين أثناء العملية ، ثم جرى لاحقا الترويج إعلاميا لتلك الحادثة على أنها استهدفت " سياحا مكسيكيين " ضلوا طريقهم فى صحراء مصر الغربية ! و بعد وقوع تلك الكارثة استقر رأى العسكر فى مصر على التعاون الاستخبارى مع فرنسا من خلال الاستطلاع الجوى بالطائرات التجسسية الحديثة لدى الفرنسيين ، و القادرة على اعتراض المحادثات الهاتفية عبر الهواتف الخلوية ، و الإتصالات عبر الأجهزة اللا سلكية ، و تحديد هويات المتحدثين على الأرض من خلال قاعدة بيانات هائلة و محدثة للبصمات الصوتية الخاصة بالمتحدثين بالعربية !!! و بحسب التقرير الفرنسى فإن عملية " سيرلى " انطلقت فى شهر فبراير/ شباط عام 2016 م من قاعدة " مرسى مطروح " العسكرية غرب البلاد ، و أن أغلب المهربين الذين تعرضت مركباتهم للقصف الجوى بمساعدة الفرنسيين كانوا ينحدرون من أبناء محافظة مطروح التى يعيش أكثر من نصف سكانها تحت خط الفقر ، و يعانى شبابها من البطالة ، و مثلت الأرباح المادية المرتبطة بالتهريب عبر الحدود مصدر رزق وافر لهم ! و رغم أن السلطات المصرية تبالغ كثيرا فى أعداد من قامت بتصفيتهم من المهربين حين تضعهم فى حدود 40 ألف شخص ، و ذلك كى تبتز دعم القوى الكبرى الداعمة للحرب على (الإرهاب) إلا أن 5 بالمئة أو أقل من ذلك الرقم الهائل كفيل باستعداء قطاع واسع من شباب مطروح ضد الجيش ، و تعاونهم مع الجماعات الجهادية ضد النظام ! و قد مثلت مذبحة " كمين الواحات " التى هلك فيها زمرة خبيثة من مجرمى الأمن الوطنى على أيدى الجهاديين بطريق الواحات البحرية فى شهر أكتوبر / تشرين أول عام 2017 م نقطة إخفاق واضحة للفرنسيين القائمين على عملية " سيرلى " ، و عجزهم عن أداء مهمتهم الرئيسية المتعلقة بالحرب على (الإرهاب) ، الأمر الذى دفع العسكر فى مصر للاستعانة بروسيا لمطاردة الجهاديين فى الصحراء الغربية ، فاستخدم الروس الطائرات بدون طيار فى تصفية من بقى من الجهاديين بعد مغادرتهم موقعهم ! و قد كشف متحدث مقرب من جماعة " أنصار الإسلام " - التى أعلنت مسؤوليتها عن عملية الواحات - فى إصدار إعلامى بعنوان : ( الواحات - الكمين القاتل ) أن الجهاديين يصولون و يجولون فى صحراء مصر الغربية بحرية تامة ، و يعقدون الاجتماعات التنظيمية مع أنصارهم فى غياب تام للوجود الأمنى ، و دون أن تنجح تقنيات الاستطلاع الحديثة فى رصد مواقعهم أو تحركاتهم !