هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الحقيقة التي لا مناص منها، أن طرح مفهوم “الهويّة الوطنية الجامعة” لا يتم مناقشته بشكل موضوعي، ولكن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية تتهرب منه تحت غطاء الإصلاح، وفي إطار واسع من النفاق والجبن السياسي ويدخل من باب التآمرسواء عن قصد أو غير قصد ، الذي ينطوي على الاعتراف الكامن في النفوس، بالهزيمة الكاملة أمام المشروع الصهيوني، بالرغم من أن الكل على يقين أن المشروع الصهيوني يهدف إلى ابتلاع فلسطين كلها، وتحويل الأردن إلى وطن بديل؛ لاستيعاب مخرجات تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يحدث فعلياً على أرض الواقع.
إن هذا المفهوم الخطير الذي يعبث بالهوية الذي جاء في ديباجة مخرجات هذه اللجنة لعب بالنار، وألقى بظلال كثيفة من الشك على الهدف ومخرجات هذه اللجنة، ولم يُقصد به الذين تأردنوا بصورة طبيعية، وانصهروا في المجتمع الأردني كالشركس والشيشان والشوام والحجازيين والفلسطينيين وغيرهم، وإنما قُصد به الإخوة الفلسطينيين الذين حملوا الهوية الأردنية منذ أن تمت الوحدة بين الضفتين ومن حقهم الطبيعي الاحتفاظ بهويّتهم الفلسطينية، حفاظاً على حقوقهم الخالدة في وطنهم الأصلي فلسطين، ولتبقى القضية الفلسطينية حية على كل الأصعدة فلسطينياً وعربياً وإقليمياً وإنسانياً، فلم يسجل التاريخ أن شعباً تخلى، مهما كانت الدوافع والأسباب، عن هويته وحصل على هويات أخرى، فكيف إذن يريد البعض من ذوي الأذهان الصدئة، أن يرسّخ واقعا يرفضه العقل والمنطق، والدفع باتجاه إقناع الفلسطينيين على الساحة الأردنية بالقبول بالأمر الواقع، وكما خططت له الصهيونية العالمية من ناحية، ومن ناحية ثانية الذوبان في المجتمعات التي يتواجدون فيها، وخاصة الذين يعيشون في الشتات. ولا تدرك هذه الصهيونية، ومن يدور في فلكها، أن الشعب الفلسطيني، الذي قاسى وعانى وكابد، وتحمل ما تحمل، لن يتخلى عن هويته وفلسطينيته، مهما كان الثمن.
إن طرح هذا المفهوم الملغوم قبل تحرير الأرض الفلسطينية، ووصول المشروع الوطني الفلسطيني إلى أهدافه، يحاكي أهداف الحركة الصهيونية ويساهم فعلياً في المؤامرة على الوطن الأردني والقضية الفلسطينية معاً.
وإذا صح ما أورده أحد الكتّاب بأنه “سمع شخصياً من الراحل الملك الحسين، قالها له مباشرة، وأعادها في حوار صحفي لاحق إننا أخطأنا عام 1950 حينما تمت عملية الوحدة بين الضفتين بدون الحفاظ على الهوية الفلسطينية، وقد حاولت تصويب هذا الوضع، ولكن التطورات المتلاحقة حالت دون ذلك “، فإن الوقت الآن، يحتم العمل على تصحيح الوضع في هذا الاتجاه، لقطع الطريق نهائياً أمام المشروع الصهيوني، وعلى أحرار الأردن وفلسطين أنفسهم أن يأخذوا زمام المبادرة في هذا الشأن، وأن لا يسمحوا للمتآمرين على الهويتين الأردنية والفلسطينية، إعطاء المبرر للكيان الصهيوني، وادعاءاته بأن الأردن هو وطن الفلسطينيين، وبغير ذلك تتهيأ الفرصة أمام اسرائيل لصيد عصفورين بحجر واحد، فمن ناحية تكريس المقولة والوضع الحالي بأن وطن الفلسطينيين هو الأردن، وتستكمل احتلالها لما تبقى من فلسطين، ومن ناحية ثانية وضع الفلسطينيين في مواجهة مع أشقائهم الأردنيين لا سمح الله عز وجل، وهو كذلك ما يرفضه بالمطلق كل أردني حر سواء كان من أصل شرق أردني أو من أصل فلسطيني.
إن فكرة اعتبار الأردن كوطن بديل للفلسطينيين ما كان يمكن أن تبرز لولا الخطأ التاريخي الذي أشار إليه الراحل الملك الحسين، والذي حاول تصويبه ولم يتمكن كما قال بسبب التطورات المتلاحقة.
إن الوطنية لا تتجزأ، وكذلك النضال والحفاظ على الهوية، سواء كانت أردنية أو فلسطينية، ومن هذا المنطلق فقد آن الأوان لأحرار الأردن وفلسطين أن يتحدوا في جبهة واحدة ليقطعوا الطريق على كل المتأمركين والمتصهينين، الذين انيطت بهم، مهمة التطبيق الفعلي لبروتكولات حكماء صهيون وصفقة القرن بثوبها الجديد، إن كان في سر أو في علن، كحال بعض المرتزقة، الذين خرجوا علينا أخيراً، بنظريات عدمية، تارة باسم الهوية الجامعة، وتارة أخرى باسم السلام التائه، عبر مقابلات مدفوعة الثمن، ونقول لهؤلاء: إن أحرار الشعب الأردني والفلسطيني بالمرصاد لكل مؤامراتكم وأكاذيبكم، وسيسقطون كل الآباطيل التي تتشدقون بها.. وأن القضية الفلسطينية ستبقى حية في الضمائر النقية، ولن تدفن في الرمال، ما دام الشعب الفلسطيني ثابتاً على أرضه، وما دام الدم الفلسطيني يسري في تراب فلسطين، وما دام حق العودة ينبض في وجدان كل فلسطيني، ولن يضيع حق ما دام وراءه مُطالب، طال الزمن أو قصر.