هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ترك الخريجون الأفارقة من الجامعات التركية، بصماتهم في القارة السمراء، في القطاعين السياسي والاقتصادي، وكان لهم دور بارز في سوق العمل أيضا.
ويستعرض التقرير أمثلة على طلاب من القارة السمراء درسوا في مختلف الجامعات التركية، وكان لهم نجاحات بارزة في بلدانهم، جعلت المسؤولين الأتراك يمتدحون دورهم في جعل تركيا تدخل إلى السوق الأفريقية، ووصول بعضهم إلى مراكز سياسية.
وبحسب الأرقام التي نشرتها "رئاسة شؤون أتراك المهجر"، يوجد في تركيا آلاف الطلاب الأفارقة الذين يدرسون على نفقتهم الخاصة، وقرابة 4 آلاف طالب أفريقي يواصلون تعليمهم الجامعي في جميع المراحل الجامعية في تركيا، و8 آلاف و786 طالبا أفريقيا من 51 دولة تخرجوا من الجامعات التركية.
وفي مقال للمختص بالشأن التركي- الأفريقي، قاسم إبراهيم، جاء فيه أن "الطلاب الأفريقيين مكنوا التجار والمستثمرين الأتراك من دخول السوق الأفريقية"، مضيفا أن "الطلاب يفهمون سوق عمل وثقافة الدولة التركية، ما يسهل على المستثمرين التعامل بثقة معهم".
جاء ذلك في مقاله الذي نشره في مركز أبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا، عن تأثير الطالب الأفريقي الذي يتحدث التركية ولغته الأم في بلاده، مؤكدا أنه "كان لخريجين أفارقة دور في مساعدة الشركات التركية في بلدانهم الأفريقية على التنافس مع الشركات الأجنبية التي لها تاريخ عميق الجذور في العديد من القطاعات".
وفي تصريح خاص لـ"عربي21"، أجاب إبراهيم، عما إذا كان الخريجون الأفارقة من الجامعات التركية يتلقون دعما مباشرا من الحكومة التركية، بالقول: "من الصعب نوعا ما إعطاء إجابة محددة لحقيقة أن الخريجين الأتراك الذين يعملون في السياسة في أفريقيا يتلقون دعما مباشرا من الحكومة".
وأضاف أنه "ومع ذلك، يمكننا القول إنهم يتلقون دعما
ماليا ولوجستيا واستشاريا من المنظمات غير الحكومية ورجال الأعمال الأتراك الأفراد".
وفي سؤال عما إذا كان هناك خريجون أفارقة شغلوا مناصب مهمة بعد تخرجهم، أجاب إبراهيم بأن "هناك من خريجي تركيا من يشغلون مناصب رفيعة في دول مثل ليبيا والسودان والصومال".
ويأتي
دور الطلاب الأفارقة في الاقتصاد بكونهم مزدوجي اللغة، حيث أن التركية ليست لغة
مشتركة مثل الفرنسية والإنجليزية في أفريقيا، فيكسب الطالب الأفريقي المتحدث
بالتركية ثقة الجانبين ما يسهل التعامل بينهما، وفق قوله.
ولفت إبراهيم إلى أن بعضا من طلاب الدراسات العليا الأفارقة الذين أسسوا أعمالهم التجارية الخاصة في تركيا،
أنشأوا شبكة تجارية عن طريق إرسال البضائع التركية إلى أفريقيا.
إقرأ أيضا: قمة تركية أفريقية ثالثة.. هل توسع أنقرة نفوذها بالقارة؟
وهناك بعض من الطلاب المتخرجين من الجامعات التركية، روجوا للمستشفيات التركية والقطاع الصحي في إطار عملهم، ما جعلها تحل مكان المستشفيات الأوروبية التي كان يرتادها الأفارقة من قبل، وكان لذلك أثر في تدفق العملات الصعبة مثل الدولار واليورو في تركيا.
وتطورت العلاقة الاقتصادية وحجم التبادل التجاري
بين تركيا والدول الأفريقية في السنوات الأخيرة، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري
بين تركيا والدول الواقعة في جنوب الصحراء الأفريقية من 742 مليون دولار في عام
2000 إلى 3 مليارات دولار في عام 2005 وإلى 5.7 مليارات دولار في عام 2008، بحسب أرقام أوردتها صحف تركية.
وبحسب تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإن حجم التبادل التجاري وصل إلى 25.3 مليار دولار مع القارة الأفريقية، مضيفا أنه في أول 11 شهرا من عام 2021، بلغ حجم التبادل التجاري 30 مليار دولار.
— رجب طيب أردوغان (@rterdogan_ar) December 18, 2021
وقال
أردوغان إن تركيا تبني علاقات اقتصادية على أساس تفاهم يربح فيه الجميع على
أساس الشراكة المتكافئة، وأن الشركات التركية نفذت أكثر من 1150 مشروعا بقيمة
إجمالية تتجاوز حوالي 70 مليار دولار في جميع أنحاء أفريقيا.
وكانت قد انطلقت فعاليات منتدى الأعمال التركي
الأفريقي الثالث في تشرين الأول/ أكتوبر من هذا العام، واستمر ليومين بمشاركة
حوالي 3 آلاف رجل أعمال، بينهم حوالي ألف و600 رجل أعمال من 45 دولة أفريقية،
والبقية من تركيا، إضافة إلى وزراء ومسؤولين رفيعي المستوى من 34 دولة أفريقية.
نموذج ناجح من طلاب المنح التركية
ويشغل
الطلاب المتخرجون من تركيا في مجالات السياسة والدبلوماسية مناصب على مستوى الدولة
والسفارات لأنهم يعرفون اللغة التركية ولغتهم الرسمية، ويُعد الطلاب الأفارقة
الذين درسوا في تركيا سفراء شرفيين لتركيا، كما صرح الرئيس التركي في لقائه الأخير
مع الطلاب الأفريقيين.
إقرأ أيضا: نجم تركيا الصاعد في أفريقيا
ومن
بين النماذج الناجحة للطلاب الأفريقيين، وزير العدل الصومالي، عبد القادر محمد
نور، حيث درس نور في كلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة الحكومية التركية، بمنحة
من رئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى، وتم تعيين عبد القادر محمد نور
في الحكومة الجديدة التي أعلنها رئيس الوزراء، محمد حسين روبلي، في شهر تشرين الأول/ أكتوبر
الماضي.
— Eyüp Sağcan أيوب صاغجان🇹🇷 (@eyupsagcan) October 20, 2020
وقال
الوزير إن مكانة تركيا في الصومال لم تكن أبدا سياسية، والعلاقات بين البلدين لم
تكن أبدا قائمة على أساس المصالح والفوائد.
وفاز خريج منحة تركية بمنصب رئيس بلدية في الكاميرون، بعدما شغل منصب السكرتير الثاني في سفارة تركيا في الكاميرون.
وقام منصور إله أماني، وهو خريج من جامعة يلدريم بيازيد في أنقرة، بتأسيس حزب سياسي له في النيجر، بعدما أجرى فترة تدريب في سفارة النيجر في أنقرة.
وشغل منصور مناصب عدة بعد تخرجه، مثل رئيس "TRT Hausa" في أنقرة، ومدرس اللغة التركية والإنجليزية في مدارس الصداقة النيجيرية التركية التابعة لمؤسسة المعارف التركية في النيجر وغيرها من الأعمال.
وأشار
رئيس شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى، عبد الله أرن، إلى أن
"الطلاب الأفارقة يمثلون الجسر الذي يصل بين تركيا وأفريقيا، لدينا خريجون هم
أمثلة ناجحة في مختلف المجالات في أفريقيا من التعليم إلى التجارة ومن
السياسة إلى البيروقراطية".
لقاء أردوغان مع طلاب المنحة الأفارقة
والتقى
الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بمجموعة من الطلاب الأفارقة عقب القمة الأفريقية
الثالثة التي حصلت في إسطنبول بين 15 و18 كانون الأول/ ديسمبر.
— رجب طيب أردوغان (@rterdogan_ar) December 18, 2021
وفي
سؤال طرحه طالب أفريقي في اللقاء، قال: "ما هي توصياتك لأن نكون ناجحين في
مواجهة النظام العالمي، ماذا يجب أن نفعل عندما نعود لبلادنا؟"، ورد أردوغان
قائلا: "أريدكم أن تمارسوا السياسة، الدول الأوروبية تأخذ كل ثرواتكم، يجب
عليكم أن تواجهوها بالسياسة".
— Recep Tayyip Erdoğan (@RTErdogan) December 17, 2021
وأشار
أردوغان إلى أن هناك أكثر من 70 ألف خريج تخرجوا بفضل المنح الدراسية التي قدمتها
تركيا والذين يخدمون بلادهم كسياسيين ورجال أعمال وأكاديميين وبيروقراطيين.
وطلب
أردوغان من الطلاب الأفارقة قبول تركيا كوطن ثان لهم.
وبحسب بيانات "رئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى"، فتحت تركيا باب المنح على أوسع نطاق للطلاب الأفارقة، إذ إن آلاف الطلاب يتقدمون سنويا للاستفادة من المنح الدراسية التي تقدمها الحكومة التركية.
وقدم أكثر من 314 ألف طالب من 54 دولة أفريقية للحصول على منح دراسية في تركيا، فيما حصل قرابة 14 ألف طالب منهم عليها بالفعل.
وتعد المنح الدراسية إحدى أدوات القوة الناعمة التي تستخدمها تركيا للتوسع في أفريقيا بحسب محللين في الشأن التركي.