هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت الذي تتسارع فيه
الخطى الإسرائيلية والتركية لإتمام زيارة الرئيس يتسحاق هرتسوغ إلى أنقرة لترميم
علاقات الجانبين، فإن هناك أصواتا إسرائيلية ما زالت تتردد إزاء هذه الخطوة، في ضوء
تقديرها أن توجهات تركيا نحو إسرائيل ليست جدية، بل هي تكتيكية لأغراض انتخابية،
وتحسين الوضع الاقتصادي، وتقريب المسافات مع واشنطن.
ويستند أصحاب الرأي
الإسرائيلي الرافض لاستعادة العلاقات مع تركيا إلى تاريخ طويل من العداء معها،
بدءًا بتصويتها ضد مشروع التقسيم في الأمم المتحدة عام 1947.. صحيح أن العلاقات
لاحقا تحسنت، لكن الاستعراض التاريخي الإسرائيلي للمواقف التركية يظهر أنه كلما
اندلعت حرب إسرائيلية مع الفلسطينيين والعرب، كان الأتراك يدعمون
"أعداء" إسرائيل، وصوتوا لصالح قانون "الصهيونية مساوية
للعنصرية"، ويتبنون مواقف حماس ضد إسرائيل.
عضو الكنيست آرييه
إلداد، ذكر في مقال بصحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أنه "بين عامي
1986 و2000 حدثت بالفعل علاقات خاصة وعاصفة من تحت الطاولة بين أنقرة وتل أبيب،
تخللتها صفقات أسلحة وتدريبات عسكرية مشتركة، إلى أن جاء أردوغان، الذي يكره
إسرائيل، ومنذ ذلك الحين، فقد دخلت العلاقات أطوارا مختلفة من التوترات المتلاحقة..
وقد تم طرد سفيرنا
مرارا من أنقرة، بجانب رحلة سفينة مرمرة لرفع حصار غزة، ولم يتردد الأتراك في
وصفنا بأننا "نازيون"، ما تسبب في تدهور العلاقات من رفض إلى رفض، رغم
إجبار أوباما لنتنياهو على الاعتذار عن ضحايا مرمرة، ودفع 21 مليون دولار كتعويضات
لأسرهم".
ولم تتوقف الماكنة
الدعائية الإسرائيلية المعادية لتركيا عن سرد مواقف من شأنها كبح جماح أي تقارب
بينهما، ومن ذلك الحديث عن تهديد الأتراك بإتلاف منصات الغاز الإسرائيلية، وطرد
السفير الإسرائيلي من أنقرة عقب مجزرة مسيرات العودة في 2018..
إضافة إلى التوعد بمرافقة
سفنهم الحربية إلى شواطئ غزة، فضلا عن منح حماس قاعدة نشاط هناك، وتقديم التمويل
السخي والدعم السياسي، وتحويل عشرات ملايين الدولارات لمنظمات إسلامية لشراء
عقارات في القدس، ووضع الأعلام التركية عليها، تمهيدا للسيطرة على المسجد الأقصى،
وإثارة التوترات الأمنية فيه.
في الوقت ذاته، تحاول
الأوساط الإسرائيلية التعرف على دوافع الأتراك لطرق أبواب تل أبيب مجددا، ومنها
تراجع اقتصادها، ورفض قبولهم من الاتحاد الأوروبي، وعدم حصولهم على دعم من الإدارة
الأمريكية، ورغبتهم بتحسين العلاقات مع إسرائيل ومصر والإمارات والسعودية، وخلال
ذلك إرسال بوادر حسن نية مثل إطلاق سراح الزوجين الإسرائيليين بعد اعتقالهما بتهمة
تصوير منزل الرئيس، ثم الاتصالات المكوكية بين أردوغان وهرتسوغ.
رغم ذلك، لا تكتفي
المحافل اليمينية الإسرائيلية الرافضة لتحسين العلاقة مع تركيا بهذه الخطوات،
زاعمة أنه كان من الصواب رفض الدعوة التركية لزيارة هرتسوغ، بسبب ازدحام المواعيد،
أو كورونا، بزعم أن الرغبة التركية غير جدية، فهي تسعى فقط لتحسين اقتصادها،
وإبرام صفقات الأسلحة، والحصول على حصة من الغاز الطبيعي، والانضمام لنادي دول
الشرق الأوسط الناشئ المعارض للتمكين الإيراني، ما يستدعي من إسرائيل أن تطالب
أنقرة بوقف مساعداتها لحماس، وطرد مسلحيها من تركيا.
حتى هذه الخطوات، لا
يبدو أنها تقنع المعارضين الإسرائيليين في حقيقة التوجه التركي نحو تل أبيب، فمثل
هذه الخطوات، كإغلاق مكاتب حماس، أو إعادة السفير، "سلوكيات مائعة، وقابلة
للتراجع، اليوم يغلقون، وغدا سيفتحون من جديد".