تقارير

"غزة هاشم بوابة الشام".. لحفظ الموروث الحضاري الفلسطيني

إطلاق الدليل الأثري "غزة هاشم" في غزة حفظا للتراث الفلسطيني- (عربي21)
إطلاق الدليل الأثري "غزة هاشم" في غزة حفظا للتراث الفلسطيني- (عربي21)

على مدار عام كامل عكف عدد من الباحثين في التاريخ والآثار على جمع كل ما يخص المواقع الأثرية والتاريخية من مقابر ومساجد وكنائس وقصور ومقامات من أجل جمعه في دليل واحد لحفظ المورث الحضاري والتراثي الفلسطيني لقطاع غزة والذي يمتد إلى آلاف السنين.

هذا الجهد الرائع أثمر عن "الدليل الأثري.. غزة هاشم بوابة الشام" والذي أعلن عنه حديثا في قطاع غزة ليكون مرجعا للباحثين ومفتاحا لكل المواقع الأثرية في قطاع غزة، كدليل أثري يوثق كل المعالم الأثرية في قطاع غزة ويوضح أهميتها التاريخية التي تجذر الحق التاريخي للشعب الفلسطيني على أرضه.

وقال عصام الدعاليس، رئيس متابعة العمل الحكومي في غزة والذي قدم هذا الدليل وأعلن عن انطلاقه ودعمه بشكل كبير: "إن هذا الدليل يأتي من منطلق النهوض وتعزيز استثمار الوعي المجتمعي بأهمية وعظم وسمو الحضارة الفلسطينية، وتاريخها وشواهدها المتجذرة، التي تنطق بالحق الفلسطيني منذ بدء الخليقة على هذه الأرض المباركة".

 

                   عصام الدعاليس، رئيس متابعة العمل الحكومي في غزة

وأضاف الدعاليس في حديثه لـ "عربي21": "إطلاق (الدليل الأثري ..غزة هاشم بوابة الشام) يأتي للحفاظ على الموروث الحضاري والتراث الوطني الفلسطيني تعزيز التمسك بالهوية".

وشدد على أن هذا الدليل يحمل في طياته حكاية عشق شعب لأرضه ومقدساته وشرف الرباط عليها، كأول دليل أثري في قطاع غزة .

واعتبر الدليل الأثري كنزاً أثرياً استراتيجياً ومعرفياً، عن المعالم الأثرية، والشواهد العمرانية التاريخية في قطاع غزة، ويفصح عن أسرار المقتنيات الحضارية المكتشفة من واقع الحفريات، والتنقيب الأثري، في باطن الأرض وظاهرها، والتي بقيت تعاند الزمن.

وأشار الدعاليس إلى أن الدليل يعتبر نافذة علمية توعوية للمواطن والمجتمع عن تاريخ غزة وإرثها الإنساني، ويسهم في تعزيز شغف انتماء المواطن لأرضه وتاريخه وعراقة مجده التليد، ومرجعاً فكرياً وثقافياً، ونموذجاً عملياً وعملياً، عن الحضارة الغزية منذ أن استوطن الإنسان الكنعاني الأول فيها وبما يزيد عن 6000 عام.

وأوضح أن الدليل يفرد مساحة مفصلة عن تاريخ المواقع الأثرية يشقيه الإسلامي والمسيحي، ويوثق جزءاً من الحضارة الإسلامية الأيوبية والمملوكية والعثمانية، إضافة إلى نماذج عن أنماط الحياة التعليمية والاجتماعية، من خلال دراسة تاريخ القصور والبيوت الأثرية.

وقال: "يسعى عدونا جاهدا لإثبات أن أرض فلسطين ملك له، وهو يعلم يقينا أنه ليس له فيها مكان، فمن باب أولى بنا ونحن أصحاب هذه الأرض وأبناؤها أن نجد ونجتهد للمحافظة على أحقيتنا فيها والمحافظة على موروثنا الثقافي الذي يعتبر عنوانا لحضاراتنا وهويتنا وتاريخنا وامتدادا لجذورنا الراسخة في هذه الأرض المباركة".

وأضاف: "لذا نسعى جاهدين ومن خلال وزاره السياحة والآثار أن نحافظ على هذا الإرث الثقافي الهام من خلال حماية المواقع الأثرية وترميمها وتوثيق القطع الأثرية، كما أننا نسعى لحفظ هذا الموروث في ذاكرة الأمة وحمايتها من الضياع والنسيان".

 

                         خلال إطلاق "الدليل الأثري.. غزة هاشم بوابة الشام"

ولفت الدعاليس إلى أن الدليل الأثري يسجل الشواهد التاريخية للحياة العامة والاقتصادية والسياسية والدينية، من أسواق وخانات وأسبلة وحمامات عامة، وأسبطة وزوايا، ومقامات ومقابر أثرية.

وقال: "نستحضر اليوم تعزيز احد أساليب التشبث في الأرض وهو الحفاظ على مورثنا الحضاري والثقافي من خلال الاهتمام ونشر الوعي المجتمعي المعرف عن قطاع غزة وارثها وقيمها ومقتنياتها وكنوزها الحضارية التي تدحض المزاعم الصهيونية في طمس الهوية وترفض مسلسلات التهجير الممنهج وتوثيقه بالأدلة الدامعة والشاهدة والمتعاقبة للأجيال حول أحقية الشعب الفلسطيني بأرضه ومقدساته كأحد أساليب الكفاح والنضال من اجل عدالة شعبنا وقضيته".

ومن جهته أكد الدكتور محمد خلة، وكيل وزارة السياحة والآثار في غزة أنه سيتم توزيع الدليل على المواطن الفلسطيني والمؤسسات التعليمية، والمكتبات العامة، ومؤسسات المجتمع المدني بكافة الوسائل.

 

 

                    محمد خلة وكيل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية في غزة


وقال خلة لـ "عربي21": "يعتبر هذا الدليل موسوعة يشمل بعض ما حملته أرض فلسطين من رصيد الإنسانية جمعاء وازدادت به مدينه غزة هاشم ".

وأضاف: "الاستراتيجية الخاصة بالوزارة عنيت بتعريف الجمهور الفلسطيني بالإرث التاريخي والحضاري الفلسطيني لإدراك أهمية تلك المواقع الأثرية والمحافظة عليها من الاندثار والتعديات وكي يفخر أبناء فلسطين أن أرضهم التي يعيشون عليها وتنسمون هوائها إنما هي ارض مقدسه لها تاريخ غائر القدم ومجد تليد شاهد على الحضارات الإنسانية التي مرت عليها منذ أقدام العصور".

واعتبر أنه كان لموقع فلسطين الاستراتيجي دور كبير في كتابة تاريخها كونها ملتقى الأديان السماوية وارض الأنبياء والرسل فتميزت بإرث تاريخي وحضاري مميز جعلها مصنفة عالميا بأنها واحدة من دول العالم التي تمتلك مقاصد وجوانب سياحية تاريخيه من مبان ومواقع إثرية يعتز المرء بها.

وقال وكيل وزارة السياحة والآثار: "لذا كان لزاما علينا أن نقوم بواجبنا تجاه تاريخ فلسطين عامه وتاريخ مدينه غزه بشكل خاص في أن نعمل على نشر الثقافة والمحافظة على المواقع الأثرية والتعريف بها لكل الأجيال وذلك من خلال هذا الدليل الرائع".

وأضاف: "فلسطين هي أرضنا عاش عليها أجدادنا ومرسوم على أرضها أجمل لوحه فنيه بأبدع ريشة عرفتها البشرية منذ فجر التاريخ شاملة هذه التراكمية الحضارية الرائعة في كل العصور".

وتابع: "إن بعض المواقع في هذا الدليل تحتوي على آثار من عدة عصور كالفرعونية والبيزنطية والإسلامية وغيرها، وهي لوحه قل أن تجد مثلها في مواقع أخرى".

واعتبر خلة الدليل بمثابة مرجع تاريخي وفكري وثقافي للدارسين والباحثين وكذلك لكل الفلسطينيين في كافة مستوياتهم العلمية قد يعرفه الكثيرون ويجهله الآخرون.

وقال: "هذه المواقع الأثرية جزء من الهوية الحضارية لهذه الأمة وليس لفلسطين وحدها، وذلك لإدراك الأبعاد المتعددة لمثل هذه الهوية ولما هو وراء ذلك بل ولربما ابعد من ذلك كثيرا".

وأضاف: "الدليل وثيقة وإضافة نوعية ومعرفية للتراكمية الحضارية للشعب الفلسطيني"، معربا عن أمله أن تكون هذه الوثيقة لبنة في المشروع التحرري لفلسطين.

ويقع الدليل الأثري والذي حصلت "عربي21" على نسخة منه في 144 صفحة من الحجم الكبير الملون والمقوى، ويضم 145 موقعا أثريا في قطاع غزة مع الصور والشرح.

وأوضحت الباحثة في التاريخ والآثار نريمان خلة إحدى الذين شاركوا في إعداد الدليل أنهم عملوا قرابة العام على إعداد هذا الدليل وجمع وتوثيق معظم المواقع الأثرية والتراثية في قطاع غزة، وكذلك أهم الأحداث التاريخية التي مرت على القطاع.

 

                               نريمان خلة.. باحثة في التاريخ والآثار

وقالت خلة لـ "عربي21": "إن هذا الدليل يضم عشرات المواقع من مساجد، وأديرة وكنائس، وقصور، ومدارس، وخانات، وأسواق، وأسبلة، وحمامات، وأسبطة، وزوايا، ومقامات، ومقابر، وبيوت أثرية وتلال".

وأضافت: "هذا الدليل سيكون مرجعا مهما للباحثين ولكل من أراد أن يعرف تاريخ فلسطين، وهو وثيقة تدحض كل الروايات الإسرائيلية حول أحقيتهم في هذه الأرض".

وأوضحت أن الدليل يفرد مساحة عن تاريخ مساجد وجوامع غزة الأثرية وأهمها المسجد العمري ومسجد السيد هاشم، وأيضا يقدم معلومات عن نتائج التنقيب في العديد من المواقع الأثرية، وأهمها موقع دير القديس هيلاريون، والكنيسة البيزنطية.

وأشارت الباحثة في التاريخ والآثار إلى إن الدليل يشرح أنماط الحياة الاجتماعية في غزة، ويبرز ذلك  من خلال دراسة تاريخ القصور وأهمها قصر الباشا.

وشددت على أن الدليل يبحث الكثير عن المواقع الأثرية المختلفة الموجودة داخل قطاع غزة سواء في جنوبه أو وسطه أو شماله.

وأكدت خلة على أن إعداد هذا الدليل استغرق معهم عاما كاملا من  العمل والتنقيب والبحث حتى خرج بهذا الشكل الرائع.

وقالت: "دوري كباحثة في التاريخ قمت مع زملائي بالبحث في كتب التاريخ والآثار عن تاريخ تلك المواقع الأثرية، وأيضا عدنا إلى نتائج الحفريات والتنقيب لكي نكتب عن تاريخ المواقع المكتشفة واهم الآثار التي استخرجت منها ونعطي كل موقع حقه".

وأضافت: "بعد عمليه البحث تمت عمليه تجميع المواد والتقارير وقد أخذ هذا الأمر مجهودا كبيرا منا لكي يظهر هذا الدليل بهذا الشكل النهائي".

وتطرقت خلة إلى أهم العقبات والمصاعب التي واجهتهم خلال عملهم في إعداد هذا الدليل والتي كانت من أهمها قلة الإمكانيات سواء البشرية أو المادية في توفير بعض الاحتياجات للدليل كطباعته وأيضا ضغط الوقت الذي كانوا يعيشونه نظرا لان كل باحث منهم بيده أكثر من ملف وكان هذا عائق في إعداد الدليل بشكل أسرع.

وأعربت خلة عن رضاها عن الطريقة التي خرج فيها الدليل ليكون مرجعا معها للباحثين، مطالبا بضرورة توزيعه بشكل كبير في داخل فلسطين وخارجها.

 

 


التعليقات (0)