صحافة تركية

هل يؤدي التوتر بين صربيا وكوسوفو إلى نشوب حرب؟

تتمتع التشكيلات شبه العسكرية بإمكانية عالية جدا للتسبب في الصراع- جيتي
تتمتع التشكيلات شبه العسكرية بإمكانية عالية جدا للتسبب في الصراع- جيتي

نشرت صحيفة ''يني عقد'' التركية مقال رأي للكاتب ''أيهان ديمير''، سلط من خلاله الضوء على التوترات الأخيرة في منطقة البلقان، بين حكومتي كوسوفو وصربيا.

وقال الكاتب في تقريره، الذي ترجمته ''عربي21''، إنه حتى وقت قريب، كانت صربيا تعمل كما تشاء في البلديات الصربية في شمال البلاد في كوسوفو. لكن، مع وصول حكومة ''ألبين كورتي'' إلى السلطة عام 2020، لم تعد صربيا قادرة على تحقيق جميع رغباتها في المنطقة. ومن الأمثلة على ذلك، فشل إدارة بلغراد في التصويت في البلديات التي يسيطر عليها الصرب في كوسوفو، على استفتاء التعديل الدستوري في 16 كانون الثاني/ يناير عام 2022، وانتخابات 3 نيسان/ أبريل عام 2022. وكذلك تنفيذ اتفاقية حرية تنقل المواطنين، واتفاقية لوحات تسجيل السيارات بين كوسوفو وصربيا.

وذكر أنه ضمن نطاق الاتفاقية الموقعة عام 2011، لم يسمح لمركبات تحمل لوحات ترخيص غير القانونية التواجد داخل كوسوفو، وسوف تعترف صربيا باللوحات المرخصة التي تحمل ''جمهورية كوسوفو'' بدلاً من لوحات ''كوسوفو''، التي تعود إلى عهد بعثة الأمم المتحدة للإدارة المؤقتة في كوسوفو. بالإضافة إلى ذلك، ستتوقف وزارة الداخلية الصربية عن إصدار لوحات ترخيص للصرب الذين يعيشون في كوسوفو، والسجلات مثل ''بريشتينا'' و''بريزرن'' و''كوسوفسكا متروفيسا'' الصادرة من صربيا لمدن كوسوفو ستُعتبر من الآن فصاعدًا غير قانونية.

وأضاف أنه لم تنفذ أي حكومة في كوسوفو، أو تمكنت من تنفيذ هذا الاتفاق؛ لأن المجتمع الدولي طالب بعدم تفعيل الاتفاقية حفاظاً على الوضع الراهن، وقررت حكومات تلك الفترة تأجيل الاتفاقية كل خمس سنوات، اعتبارًا من عام 2016 أولا، ثم عام 2021.

وأشار الكاتب إلى أنه في 15 أيلول/ سبتمبر عام 2021، كان يحل تاريخ انتهاء الاتفاق الذي تم تنقيحه وتأجيله للمرة الثانية، بموافقة وتوقيع إدارة بلغراد، وكان غرض رئيس الوزراء الصربي آنذاك ''ألكسندر فوسيتش'' من التوقيع على هذه الاتفاقية، فكرة أن النزاع على الأرض بين البلدين سيتم حله بحلول التاريخ المذكور أعلاه. وكان رئيس كوسوفو في ذلك الوقت ''هاشم تاتشي''، مع الرأي نفسه. ومع ذلك، فإن حسابات هذين الاثنين لم تتناسب مع أوضاع المنطقة، بتغير الظروف السياسية في كوسوفو، تطورت الأمور بشكل مختلف، وألغيت الخطط.

 

اقرأ أيضا: المعارضة اليسارية تفوز بالانتخابات التشريعية في كوسوفو

وبين الكاتب أن رئيس وزراء كوسوفو ''ألبين كورتي'' اتخذ إجراءات المعاملة بالمثل مع انتهاء هذه الاتفاقية، التي لم تنفذها أي حكومة من قبل، وبعث برسالة إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي تفيد بأن صربيا لم تمتثل للاتفاقيات، وقام بإبلاغ سفراء دول ''الكوينت'' المتواجدين في العاصمة ''بريشتينا''، أنه اعتبارًا من 20 أيلول/ سبتمبر عام 2021، سيكون على المركبات التي تحمل لوحات ترخيص صربية أن تدخل البلاد، من خلال الحصول على لوحة ترخيص مؤقتة من كوسوفو. وتماشيا مع هذا القرار، تم منع المركبات التي تحمل لوحات تسجيل صربية من دخول كوسوفو، مع عرض تعبيرات ورموز الدولة الصربية بوضوح، وستكون هذه المركبات قادرة على دخول كوسوفو بلوحة ترخيص مؤقتة لمدة 60 يوما مقابل 5 يوروهات، وهو الأمر نفسه ينطبق على جوازات السفر ووثائق الجنسية.

في هذا السياق، أفاد الكاتب بأن رئيس وزراء صربيا في ذلك الوقت ''ألكسندر فوسيتش'' رد بتعبيرات قاسية ضد هذا القرار، الذي طبقته بلاده تمامًا على كوسوفو منذ عام 2011. ودعا مجلس الأمن القومي إلى الانعقاد، ثم قام بنشر وحدة عسكرية على بعد كيلومترين من حدود كوسوفو، وبدأت المروحيات وطائرات الميغ الحربية التحليق في المنطقة القريبة من الحدود. وفي غضون ذلك، قام صرب كوسوفو الذين يعيشون في شمال البلد بإغلاق الطرق المؤدية إلى نقطتي الحدود 1 و31 في ''جارينجي'' و''برنجاك'' بحواجز وشاحنات مختلفة، كما بدأت القوات شبه العسكرية الصربية المنظمة في الاحتجاج على فرق العمليات الخاصة التابعة للشرطة، المكلفة بضمان أمن المنطقة.

وأضاف الكاتب، أن الاتحاد الأوروبي والجهات الفاعلة الدولية الأخرى مارست ضغوطا شديدة على حكومة ''ألبين كورتي'' الكوسوفية، للتخلي عن هذا القرار، وتم الاتفاق بتأجيل تنفيذ القرار إلى 1 أغسطس/ آب عام 2022. بالمقابل، حصلت حكومة كوسوفو على ما تريده.

وذكر أن سبب التوتر المتجدد بين كوسوفو وصربيا هو إصرار حكومة ''ألبين كورتي'' على المعاملة بالمثل، أي أنه على جميع مواطني صربيا أو المركبات التي تحمل لوحات ترخيص صربية، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في كوسوفو، التواجد في البلد بوثيقة هوية ولوحة السيارة ''كوسوفو''.

 

وبيّن أنه يحق لجمهورية كوسوفو التي تريد أن تصبح دولة حقيقية أن تفعل ذلك، ولا أحد يستطيع أن يدعي خلاف ذلك، إلا أن صربيا تريد زعزعة استقرار المناطق الخارجة عن سيطرتها، ولها إصبع وراء التوترات التي تنشأ من وقت لآخر بين البلدين.. وفي هذا الاتجاه، يتخذ رئيس الحكومة خطوات لزيادة التوتر، ويصدر تصريحات عدائية؛ لأنه سيكون المستفيد الأكبر من التوتر وعدم استقرار المنطقة.

وأوضح أن إدارة بلغراد لا تملك وحدها القوة لتحقيق بيئة عدم الاستقرار التي تريدها، إلا بدعم من روسيا. وقد ثبت ذلك الأمر باعتقال اثنين من المواطنين الروس والبيلاروسيين من قبل شرطة كوسوفو عند مدخل حدود كوسوفو في عام 2021، كما ثبت أن الجماعات شبه العسكرية في صربيا متعاونة مع روسيا في هذه المهمة.

وفي النهاية، أشار الكاتب إلى أن احتمال تحول التوتر إلى صراع بين الدولتين ضئيل للغاية، من ناحية أخرى، تتمتع التشكيلات شبه العسكرية بإمكانية عالية جدا للتسبب في الصراع. ومع ذلك، فإن المعتدي أو الأطراف سيتراجعون، ويتم دفعهم بالتأكيد خطوة إلى الوراء من قبل داعميهم.

التعليقات (1)
ناقد لا حاقد
الأربعاء، 03-08-2022 10:08 م
نعم للأسف الشديد روسيا تقف وراء التحريض و التوتر في مناطق كثيرة ....