قلل سياسيون ونشطاء سوريون، من أهمية خطوات
الانفتاح التي أطلقتها
بعض الدول
العربية على نظام بشار الأسد، واعتبروا ذلك استمرارا في خذلان الشعب
السوري وإطالة معاناته، مؤكدين أن هذا الانفتاح لن يفلح في إعادة الحياة لنظام فقد
شرعية وجوده على الأرض.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة السوربون برهان غليون في حديث
مع "عربي21"، أن الانفتاح العربي الرسمي على نظام بشار الأسد دليل ضعف
وعجز عربيين وليس دليل قوة.
وقال: "أشعر أن استقبال رموز نظام بشار الأسد لا يشرف أي عاصمة
في العالم، فهو مجرم حرب وقاتل أطفال بالكيمياوي، ومدمر بلده للبقاء في السلطة".
وأضاف: "لن يقوي الجامعة العربية والمعسكر العربي الداعم لها أن
يضموا إليهم من جديد من اغتال السياسة بقدر ما اغتال شعبه ووطنه ودولته، وطلب
توسيع رقعة الاحتلال من خلال المليشيات الإيرانية والأفغانية أو دعوة الروس لتوسيع
قواعدهم العسكرية فقط من أجل أن يبقى في السلطة".
وتابع: "هذا لا يشرف أحدا، وهي رسالة تترجم ضعف وعجز الدول
العربية لأنهم لحسوا بألسنتهم كل ما تحدثوا عنه وبرروا به مقاطعة نظام بشار الأسد
على مدى الأعوام الماضية".
وأكد غليون أنه "بدون انتقال سياسي حقيقي فإن
سوريا ستبقى فقط مسرحا
للحرب بين الميليشيات والقوات الأجنبية"، وفق تعبيره.
من جهته رأى القيادي في المعارضة السورية جورج صبرا في حديث خاص لـ
"عربي21"، تعليقا على الزيارة التي بدأها اليوم وزير الخارجية السوري
فيصل المقداد إلى القاهرة، أن وقوف النظام العربي إلى جانب بشار الأسد ليس جديدا،
وأنه كان كذلك منذ قيام الثورة في العام 2011.
وقال: "ليست هذه الزيارات التي يقوم بها نظام بشار الأسد إلى بعض
الدول العربية هي التي ستحكم على الثورة السورية بالفشل والنهاية.. كان النظام
العربي والدولي كله مع بشار الأسد ولم يمنع ذلك من قيام الثورة.. هذه الزيارات هي
مؤشر على الخذلان الذي يتعرض له الشعب السوري وحركة شعب من أجل الحرية والكرامة،
حيث ما زالت طاحونة الموت تعمل وتقتل السوريين بلا رحمة".
وأضاف: "الثورة مستمرة، والاحتفالات بذكراها في الداخل أكبر
دليل على استمرارها.. بل إن حاجة السوريين للثورة تمتد للمحافظات الأخرى إلى طرطوس
واللاذقية وحمص وحماة ودمشق، وما زال السوريون يهربون من تحت سلطة النظام طلبا
للنجاة".
وأكد صبرا أن "المجتمع الدولي يقف حجر عثرة أمام التغيير في
المنطقة"، وقال: "للأسف المنطقة يراد لها أن تبقى في ظل استقرار لهذه
الأنظمة التي توفر للخارج وأعداء الشعوب نهب ثروات هذه البلدان".
وأضاف: "ليعترف العالم كله ببشار، الأساس أن السوريين رموا
ببشار ونظامه إلى مزابل التاريخ، وهذه الانعطافة العربية والدولية إلى نظام بشار تزيد
آلام السوريين وتطيل محنتهم لكنها لم تمنح الشرعية لنظام قاتل".
وتابع: "لم يعد هناك نظام في دمشق، وإنما بقايا ميليشيات إيرانية
وأفغانية وروسية وأجنبية.. والدليل أن إسرائيل تضرب دمشق والقتلى إيرانيون.. فمن
يحكم سوريا!"، وفق تعبيره.
واستقبل سامح شكري وزير الخارجية المصري اليوم بمقر وزارة الخارجية، فيصل
المقداد وزير الخارجية السوري، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من
عشر سنوات.
وصرح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية
العام بوزارة الخارجية المصرية، بأن الزيارة شهدت عقد لقاء ثنائي مغلق بين وزيري
خارجية البلدين، أعقبه جلسة محادثات موسعة شملت الوفدين المصري والسوري، تناولت
مختلف جوانب العلاقات الثنائية وسبل دفعها وتعزيزها بما يعود بالنفع والمصلحة على
الشعبين الشقيقين، بالإضافة إلى عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام
المشترك.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية بأنه على ضوء ما يربط بين
البلدين من صلات أخوة وروابط تاريخية، وما تقتضيه المصلحة العربية المشتركة من تضامن
وتكاتف الأشقاء في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة، فقد تناولت
المباحثات سبل مساعدة الشعب السوري على استعادة وحدته وسيادته على كامل أراضيه
ومواجهة التحديات المتراكمة والمتزايدة، بما في ذلك جهود التعافي من آثار زلزال
السادس من فبراير المدمر، بالإضافة إلى جهود تحقيق التسوية السياسية الشاملة
للأزمة السورية.
ووفق بلاغ صحفي للخارجية المصرية نشرته على صفحتها الرسمية، فقد جدد
الوزير شكري في هذا الصدد دعم مصر الكامل لجهود التوصل إلى تسوية سياسية شاملة
للأزمة السورية في أقرب وقت بملكية سوريا وبموجب قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ تحت
رعاية الأمم المتحدة، مؤكداً على مساندة مصر لجهود المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا
ذات الصلة، وعلى أهمية استيفاء الإجراءات المرتبطة بتحقيق التوافق الوطني بين السوريين،
وبناء الثقة، ومواصلة اجتماعات اللجنة الدستورية السورية.
كما نوه شكري خلال اللقاء، وفقاً لتصريحات المتحدث باسم الخارجية،
إلى أن التسوية السياسية الشاملة للأزمة السورية من شأنها أن تضع حداً للتدخلات
الخارجية في الشؤون السورية، وتضمن استعادة سوريا لأمنها واستقرارها الكاملين،
وتحفظ وحدة أراضيها وسيادتها، وتصون مقدرات شعبها، وتقضي على جميع صور الإرهاب
والتنظيمات الإرهابية دون استثناء، وتتيح العودة الطوعية والآمنة للاجئين
السوريين، بما يرفع المعاناة عن الشعب السوري الشقيق وينهي أزمته الممتدة، الأمر
الذي سيعزز من عناصر الاستقرار والتنمية في الوطن العربي والمنطقة.
ومن جانبه، نقل الوزير المقداد تقدير بلاده لدور مصر الداعم والمساند
لسوريا وشعبها على مدار سنوات الأزمة، مقدماً الشكر للمساعدات الإغاثية الإنسانية
التي قدمتها مصر في أعقاب الزلزال، ومعرباً عن تطلعه لأن تشهد المرحلة القادمة
المزيد من التضامن العربي مع سوريا كي تتمكن من تجاوز أزمتها وتضطلع بدورها
التاريخي الداعم لقضايا أمتها العربية.
وفي هذا الإطار، استعرض الوزير المقداد مختلف جوانب الأزمة السورية،
بما في ذلك التحديات الاقتصادية والإنسانية والأمنية التي واجهها وما زال يعاني
منها الشعب السوري.
واختتم السفير أبو زيد تصريحاته، كاشفاً أن كلا الوزيرين اتفقا على
تكثيف قنوات التواصل بين البلدين على مختلف الأصعدة خلال المرحلة القادمة بهدف
تناول القضايا والموضوعات التي تمس مصالح البلدين والشعبين المصري والسوري.
وتعرف علاقات النظام السوري العربية انفراجا ملحوظا منذ فترة، فقد
زار الرئيس بشار الأسد عددا من العواصم العربية منها أبوظبي وعمان، بالإضافة
لتلقيه رسائل انفتاح من عدد من الدول العربية منها الجزائر وتونس وأخيرا السعودية.