صحافة دولية

هل تتسبب تشكيلة ترامب الحكومية في خلق "عصر التخريب" بالولايات المتحدة؟

ترامب يعتقد أن "فرصته قد حانت من أجل تفكيك المؤسسات" حسب ما يرى التقرير- الأناضول
ترامب يعتقد أن "فرصته قد حانت من أجل تفكيك المؤسسات" حسب ما يرى التقرير- الأناضول
يشعر أنصار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بالفرح من اختياراته المثيرة للجدل تحضيرا لما يرونه "عصر التخريب"، في حين تسود حالة من الصدمة والقلق في واشنطن بعد الإعلان عن الأسماء المرشحة للانضمام إلى الإدارة الجديدة، حسب تقرير نشرته صحيفة "صاندي تايمز".

وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن رواد مطعم "باتروورثز" الذي لا يبعد سوى مسافة قصيرة من مبنى الكابيتول هيل أو الكونغرس وحلموا مرة بإلقاء القنابل على قواعد الحكومة، استمعتوا بموجة الترشيحات التي أعلن عنها دونالد ترامب لإدارته المقبلة.

وعلى طبق من لحم العجل وحلوى الكريم برولي، هتف الأشخاص المعروفين كمؤثرين على الإنترنت عندما تم الإعلان عن ترشيح روبرت أف كيندي المعروف بمعارضته للقاحات، لوزارة الصحة، وكذا ترشيح تولسي غابارد الديمقراطية السابقة المعروفة بدعمها لروسيا، لمنصب مديرة لوكالة الأمن الوطني، ومات غاتز، النائب عن فلوريدا الذي كانت تحقق به لجنة أخلاق في مجلس النواب نائبا عاما.

وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن اشتعلت بالنار من خلال المؤثرين الداعمين لترامب وهم يستمتعون بمراقبتها تحترق. وقالت إحدى المرافقات لهم  في المطعم "هذا هو سوبر باول الخاص بهم".

ووفقا للتقرير، فقد أصبح المطعم الذي افتتح في الخريف بمثابة صالون لـ"اليمين المتطرف" المكون في معظمه من  مؤثرين على الإنترنت ويعتبرون أبطالهم، بيتر ثيل مؤسس "باي بال" وإيلون ماسك، أغنى رجل في العالم والمرشح لوزارة الكفاءة الحكومية في إدارة ترامب، وهدفها "تفكيك البيروقراطية وخفض التنظيمات وقطع النفقات التي لا حاجة لها وإعادة تنظيم الوكالات الفدرالية"، وهذه الدائرة ليست منظمة فدرالية.

اظهار أخبار متعلقة


ولكن "اليمين المتطرف"، وفقا للتقرير، لعب دورا في تحشيد الشبان، تحديدا ودفعه لدعم  قضية ترامب التي تقوم على مكافحة جماعات الصحوة والجماعات المدافعة عن المرأة وتدعو للفوضى والتعطيل.

ويعتقد ترامب العائد بعد أربع سنوات خارج السلطة وظل فيها ملاحقا بالدعوات القضائية وأربع سنوات أخرى في داخل الحكم حيث عمل داخل بيروقراطية الحكومة المقيدة أو "الحكومة العميقة" والتي منعته من تحقيق أجندته، أن فرصته قد حانت من أجل تفكيك المؤسسات وتجفيف المستنقع، وفقا للتقرير.

وقد تجسدت هذه الفلسفة في انتخاب أول زعيم أجنبي اختار الرئيس المنتخب مقابلته كأول زعيم بعد انتخابه هو الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي،  الذي يؤمن بالفوضوية الرأسمالية. وعندما تولى السلطة قبل عام، وعد ميلي باستخدام "منشار كهربائي" لتدمير مؤسسات الأرجنتين لإصلاح اقتصادها وحكومتها المنهارة. ومنذ ذلك الحين، ارتفع معدل الفقر في البلاد إلى أكثر من 50%، على الرغم من أن كثيرين ما زالوا يأملون في أن "علاج الصدمة" سيحقق نتائج.

ونقلت الصحيفة مارشال كوسلوف، مقدم بودكاست "لرأيلامنت" الذي يناقش الطرق التي تغيرت بها أمريكا منذ انتخاب ترامب في عام 2016، قوله "ميلي مهم حقا لأنه كان قادرا على التعبير عن هذه العقلية المزعجة للغاية ... التخلص من كل هذه الإدارات الحكومية".

ولفتت الصحيفة إلى أن الغريزة التحررية التي يمثلها ماسك وفيفيك راماسوامي الذي سيعمل في نفس دائرة الكفاءة الحكومية، ليست قائمة فقط على فكرة الحرية الفردية والحريات المدنية بل وتشوبها أفكار الشعبوية الوطنية التي يؤمن بها ترامب ونائبه المنتخب جي دي فانس، وتهدف في النهاية لخلق مؤسسات مناهضة للمؤسسة الحاكمة والقوى التي تقف وراءها ومقرها واشنطن.

في حين قدم ترامب بعض الترشيحات التقليدية إلى حد ما - مثل اختيار دوج بورغوم، حاكم ولاية داكوتا الشمالية والذي كان منافسا في السابق على ترشيح الحزب الجمهوري لعام 2024، لقيادة وزارة الداخلية، واختيار السناتور ماركو روبيو لمنصب وزير الخارجية، كانت ترشيحات أخرى غير متوقعة.

وقال كوسلوف: "أود القول إن المناقشة الكبرى ستكون الإصلاح مقابل التعطيل الكامل. وتشير هذه الاختيارات إلى أنهم اختاروا خيار التعطيل".

والجمعة، أعلن ترامب عن اختياره كارولين ليفات، السكرتيرة الصحفية لحملته الانتخابية الوطنية البالغة من العمر 27 عاما، لتشغل منصب المتحدثة الإعلامية باسم البيت الأبيض، مما يعني أنها ستكون أصغر شخص يشغل هذا المنصب عندما تبدأ عملها في كانون الثاني/ يناير.

ويجب أن يوافق مجلس الشيوخ على المرشحين للمناصب الحكومية قبل تأكيد مناصبهم. وعلى الرغم من أن الجمهوريين يتمتعون بأغلبية ضئيلة، فليس من الواضح على الإطلاق أن أعضاء مجلس الشيوخ سيدفعون بتعيينات للمرشحين الذين يفتقرون إلى الخبرة ولم يتم التحقق من سيرهم ومسيرتهم العملية، حسب التقرير.

وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب طرح طريقة لتجاوز إزعاج جلسات تأكيد التعيينات من خلال المضي قدما في التعيينات أثناء عطلة مجلس الشيوخ، في منشور على منصة "إكس" بعد أيام من الانتخابات، حيث كتب أن "أي عضو جمهوري في مجلس الشيوخ يسعى إلى منصب القيادة المرغوب فيه في مجلس الشيوخ الأمريكي يجب أن يوافق على التعيينات أثناء العطلة (في مجلس الشيوخ!)، وبدون ذلك لن نتمكن من تأكيد الأشخاص في الوقت المناسب".

اظهار أخبار متعلقة


وتم استخدام هذا الإجراء من قبل، بما في ذلك في إدارتي جورج دبليو بوش وباراك أوباما. وفي مؤتمر عقد لجمعية الفدراليين وهي مجموعة من المحامين الليبرالين والمحافظين، قال من حضره إنهم لا يعتقدون أن ترامب سينجح في استخدام التعيينات خلال فترة العطلة لدفع كل خياراته المثيرة للجدل، وقالوا إنهم يعتقدون أن مجلس الشيوخ ربما يرفض مثل هذه الطلبات.

ومثل كثيرين آخرين، اعتبر بيتر أنتونيلي، وهو محام من بوسطن، أن اختيار غيتز - عضو الكونغرس من فلوريدا المعروف بقيادته للحملة لإقالة رئيس مجلس النواب الجمهوري العام الماضي  "انتهازيا" ولا يتوقع أن يصادق عبر مجلس الشيوخ. ويقول المحيطون بترامب إنه جاد للغاية بشأن ترشيحاته.
ويريد ترامب أن يحقق من رشحهم للمناصب المهمة هدفا مهما وهي عدم تكرار أخطاء ولايته الأولى، وهو ما يخطط له منذ عام 2020 كما يقول كوسلوف.

ففي عام 2016 لم يتوقع  الفوز في عام 2016، "لم يكن لديه وفريقه مجموعة محددة بالكامل من الأشخاص الذين أرادوا وضعهم في مناصب كبيرة، أو حتى المناصب من الدرجة الثانية أو الثالثة"، حسب كوسلوف.

وأضاف "لم تكن الفصائل المختلفة حتى في ائتلاف ترامب متوافقة مع نفس المهمة". وقد أدى هذا إلى فوضى داخلية في الأشهر الستة الأولى من إدارته، وكذا إلى فراغ حقيقي حاولت أكثر من جهة في الحزب الجمهوري استغلاله، خلافا لحركة ترامب وأنصاره من لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى أو "ماغا".

وبحسب التقرير، فقد أدى هذا إلى فوضى داخلية خلال الأشهر الستة الأولى من الإدارة ولكن أيضا إلى فراغ حقيقي تمكنت أجزاء أكثر مؤسسة من الحزب الجمهوري، على عكس الموالين لترامب وحركة "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" (ماجا)، من ملئه.  

وفي هذه المرة، لن يسمح  بها ترامب الذي يعتقد أن فوزه بالأصوات الشعبية يمنحه تفويضا لتغيير الأمور وهزها. ولكن هناك بعض الأخطاء، فبيتر هيغسيث الذي اختاره لمنصب وزير الدفاع، هو مذيع تلفزيوني جيد في قناة فوكس نيوز ورائد سابق في الحرس الوطني، والذي قال إن النساء لا ينبغي أن يخدمن في أدوار قتالية. وقيل إن هيغسيث، الذي تم إرساله إلى العراق وأفغانستان، كان له دور فعال في إقناع ترامب خلال فترة ولايته الأولى بالعفو عن ثلاثة جنود أمريكيين متهمين أو مدانين بارتكاب جرائم حرب.

والأسبوع الماضي، اجتمع فريق الانتقال في بالم بيتش، وفقا لمجلة فانيتي فير، لمناقشة مزاعم الاعتداء الجنسي التي تم التحقيق معه بشأنها في عام 2017. وأكد ترامب يوم السبت أنه متمسك باختياراته، وقال مدير اتصالاته ستيفن تشيونغ "رشح الرئيس مرشحين من ذوي الكفاءة العالية للخدمة في إدارته" و"نفى هيغسيث بشدة أي اتهامات، ولم يتم توجيه أي اتهامات له".

وقد تركت تعيينات أخرى واشنطن في حالة الصدمة والقلق بشأن تداعياتها العملية. مثل ترشيحه لغابارد للأمن الوطني، وكانت من أشد المؤيدين لروسيا وسوريا وتردد ما يقول مسؤولو البلدين. وبعد هجمات النظام السوري الكيماوية عام 2013، قالت غابارد التي كانت نائبة عن هاواي إنها "تشك" بما حدث. والتقت مع الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2017. وقال معاذ مصطفى، مدير قوة المهام السورية الذي رافقها لمناطق المعارضة في عام 2015، إنها سألت ثلاث شابات عمن احترق في الغارات الجوية وكيف عرفن أنه النظام السوري وحلفائه الروس هم من فعلوا هذا.

وقالت غابارد إن الأسد "ليس عدوا" لأمريكا، ولكنها قالت إنه  يظل "ديكتاتورا قاسيا". وقال دبلوماسي غربي الذي عمل في أثناء الحرب الأهلية ولا يزال قريبا من المعارضة إن اختيارها "صادم" و"مضر جدا".

وإذا تم تأكيد كيندي لوزارة الصحة فسيتولي دائرة مسؤولة عن اللقاحات والأبحاث والمصادقة على الأدوية وإدارة برامج التأمين الصحي وبميزانية تصل إلى تريليوني دولار. وفي حين يتفق الباحثون مع العديد من ادعاءاته بشأن فشل النظام الصحي الأمريكي، فقد نشر أيضا معلومات كاذبة، بما في ذلك أن مضادات الاكتئاب لها علاقة بحوادث القتل بالمدارس، حسب التقرير.

اظهار أخبار متعلقة


وأشارت الصحيفة إلى أن ترشيح غيتز لمنصب النائب العام هو المثير للجدل وكان صادما،  فنائب فلوريدا لديه الكثير من الأعداء داخل حزبه بسبب أسلوبه المرح الذي يتسم بالعنف، ويبدو أنه يستمتع بالجدال الدائر حوله. وحتى العام الماضي، كان يخضع لتحقيق جنائي من قبل وزارة العدل بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرين والاتجار بفتاة تبلغ من العمر 17 عاما عبر حدود الولاية. وأسقط التحقيق الجنائي في شباط/فبراير من العام الماضي دون توجيه أي اتهامات.

ونفى غيتز ارتكاب أي مخالفات. وبعد ترشيحه الأسبوع الماضي، استقال غيتز من مقعده في مجلس النواب، ما يعني إسقاط تحقيق آخر تجريه لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب بشأن مزاعم سوء السلوك الجنسي وتعاطي المخدرات، حيث يتم التحقيق مع أعضاء مجلس النواب فقط من قبل اللجنة. وليس من الواضح ما إذا كانت اللجنة ستنشر نتائج تقريرها. ونفى غيتز مزاعم الإتجار بالبشر وممارسة الجنس مع قاصرات في المدرسة الثانوية في عمر الـ 17 عاما وتحت تأثير تعاطي المخدرات.

وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن" العام الماضي، قال السيناتور الجمهوري ماركوين مولين عن غيتز: "لقد شاهدنا جميعا مقاطع الفيديو التي عرضت داخل مجلس النواب، للفتيات اللاتي نام معهن. كان يتفاخر حول تناوله مسحوق مقاوم لضعف الانتصاب الذي تناوله مع مشروب طاقة حتى يتمكن من ممارسة الجنس طوال الليل". ونفى غيتز هذا الادعاء.

في بيان ترشيح غيتز لمنصب المدعي العام، كتب ترامب: "تحت قيادة مات، سيفخر جميع الأمريكيين بوزارة العدل مرة أخرى".
التعليقات (0)