فجأة زاد الحرص الأمريكي لعقد صفقة حول
إطلاق الأسرى، وعقد هدنة مؤقتة في قطاع
غزة. فما السبب وراء ذلك؟
ثمة تقدير أن إدارة بايدن تريد أن تختم
عهدها بوقف، ولو مؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة. وقد عزا الكثيرون، أن الهزيمة
الساحقة التي تلقاها الحزب الديمقراطي، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة تعود، في
أغلبها، لسياسات بايدن، في دعم نتنياهو، حتى دعم الإبادة البشرية وتغطيتها، خصوصاً
في استمرار الحرب والحيلولة دون وقفها في قطاع غزة.
هذا وثمة إعلان رسمي من قِبَل دونالد ترامب
يريد فيه إيقاف إطلاق النار في غزة، وإطلاق كل الأسرى، قبل توليه مهام الرئاسة.
وهو ما تحاول إدارة بايدن، الإفادة منه في التوصل إلى ما يشاع، عن اقتراب وقف
إطلاق النار في غزة.
إن وقف إطلاق النار، كان ولم يزل هدفاً أساسياً في الشروط التي وضعتها المقاومة، للوصول إلى اتفاق لوقف العدوان، وتبادل الأسرى. فوقف إطلاق النار يعني هزيمة العدوان وانتصار المقاومة، كما يعني وقف ما يتعرض له الشعب من حرب إبادة، وتدمير شبه كامل في قطاع غزة.
طبعاً إن
وقف إطلاق النار، كان ولم يزل
هدفاً أساسياً في الشروط التي وضعتها المقاومة، للوصول إلى اتفاق لوقف العدوان،
وتبادل الأسرى. فوقف إطلاق النار يعني هزيمة العدوان وانتصار المقاومة، كما يعني
وقف ما يتعرض له الشعب من حرب إبادة، وتدمير شبه كامل في قطاع غزة.
وقد وصل عدد الشهداء إلى ما يزيد على خمسين
ألفاً، والجرحى مائة ألف، والدمار فاق 80%. مما شكل جريمة إنسانية في الإبادة،
وقتل المدنيين لا مثيل لها، منذ قرنين في الأقل، ولا سيما من جانب ما عبّرت عنه
الصورة أمام العالم كله، يوماً بعد يوم، لما يزيد على أربعة عشر شهراً.
وهو ما شكّل من الآن، وسيشكل رأياً عاماً
عالمياً في المستقبل، يعتبر الكيان الصهيوني، دولة مارقة معادية للإنسانية، ولا
شرعية لوجودها، على أرض
فلسطين.
على أن هذا البُعد المتعلق بجريمة الإبادة،
بالرغم مما يجعل استمراره مؤلماً جداً، وعامل ضغط راح يلح على وقفه، ووضع حد له.
وهو ما سيحاول البعض الارتكاز عليه في الضغط
على المقاومة، لتقبل بشروط تريدها أمريكا في صفقة وقف إطلاق النار. وذلك من خلال
الابتزاز، وتجاوز ميزان القوى، المائل عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً، في مصلحة
المقاومة، بهدف الحيلولة دون فرض كل شروطها، مقابل ما هو معروض من صفقة واتفاق.
المشكلة هنا أن ثمة تزويراً، وحرباً نفسية،
من قِبَل أمريكا، يوجبان إفشالها من أن تفرض صفقة واتفاقا مجحفين بحق المقاومة،
ومنقذين لنتنياهو، وضعفه وعزلته، ووصوله إلى أعتاب المحكمة والسقوط. فضلاً عن
ضرورة إفشال إدارة بايدن، وعدم "تطميع" ترامب في تصفية القضية
الفلسطينية، وإخضاع الدول العربية لصفقاته المنافية، لمصلحة فلسطين والعرب
والمسلمين.
إن كل التطورات التي حدثت في الحرب الدائرة في قطاع غزة، تؤهل المقاومة لتحقيق الانتصار، فأمريكا "محشورة" لتعقد صفقة، ولكنها تريد من خلال الحرب النفسية، أن يحقق نتنياهو من ورائها، ما لم يستطع جيشه، أن يحققه في الميدان، كما لم يستطع القتل الجماعي (الإبادة) تحقيقه طوال الأشهر الماضية.
يسمح ميزان القوى، بما فيه استماتة إدارة
بايدن لعقد اتفاق، أن تفرض شروط المقاومة، التي استشهد عليها السنوار، والتي حكمت
الموقف طوال الأشهر الماضية.
وكانت يد المقاومة، في ميدان المواجهات
العسكرية هي العليا، كما هي الآن في قطاع غزة. وإذا كان قتل المدنيين والتدمير،
هما سلاح الابتزاز ضد المقاومة، فإن ما قدّم من تضحيات من الغزاويين، لا سيما من
الناس العاديين والحاضنة، بلغ حدّه الأقصى، وما ينبغي لهذا الثمن إلاّ أن يُكرم
بانتصار، وباتفاق مشرّف. فهو المعيار الأول، وليس التهديدات بمزيد من القتل
والتدمير.
إن كل التطورات التي حدثت في الحرب الدائرة
في قطاع غزة، تؤهل المقاومة لتحقيق الانتصار، فأمريكا "محشورة" لتعقد
صفقة، ولكنها تريد من خلال الحرب النفسية، أن يحقق نتنياهو من ورائها، ما لم يستطع
جيشه، أن يحققه في الميدان، كما لم يستطع القتل الجماعي (الإبادة) تحقيقه طوال
الأشهر الماضية.
فلا وضع بايدن المهزوم، ولا وضع ترامب
المتخبط، يستطيعان إنقاذ نتنياهو من السقوط. أما من الجهة الأخرى، فما سيقدم عليه
ترامب، من تنفيذ تغيير لخرائط، ما يسمى بالشرق الأوسط، لحساب الكيان الصهيوني،
سيفشل على أيدي ومواقف جبهة المقاومة، التي لا بدّ من أن تستعيد المبادرة، كما
بسبب تناقضات قد تنشأ، مع عدد من الدول العربية، التي ستعارض تغيير خرائطها.
إن الوضع الراهن في مرحلة: عض أصابع يحكمها
قانون من يصرخ أولاً.