استبعد محللون اقتصاديون فلسطينيون، تمكن الحكومة الفلسطينية في قطاع
غزة، والتي تديرها حركة
حماس، من إعداد موازنة مالية دقيقة للعام المقبل 2014، في ظل الضائقة المالية لها وغياب مصادر التمويل.
ويقول مازن العجلة، خبير الاقتصاد الفلسطيني، إن الوضع المتردي لاقتصاد غزة، وما خلّفه من إغلاق الأنفاق على الحدود مع مصر، ساهم في ضبابية المشهد المالي لحكومة غزة، مرجعا تأخر الموازنة لعدم وضوح الرؤية لدى أصحاب القرار.
وأضاف العجلة: "المعضلة ليست في تقدير الموازنة إنما التحدي هو كشف موازنة دقيقة وشفافة، وتوضيح مصادر الإيرادات والنفقات، وعدم الاكتفاء بإصدار موازنات إعلامية تفتقد للخبرة المهنية والتخطيط المالي."
وبحسب العجلة، فإن تحقيق الموازنة وتقديرها بشكل سليم يحتاج إلى وضع سياسي مستقر، بالتزامن مع انتعاش اقتصادي "وهو ما تفتقده غزة هذه الأيام".
وكان مدير الإدارة العامة للموازنة في وزارة المالية بحكومة غزة، إياد بكرون، قد قال في وقت سابق إن إدارته عقدت سلسلة من الاجتماعات على مدار شهر كامل مع ممثلي الوزارات والمندوبين والمراقبين الماليين لمناقشة تفاصيل مشاريع الموازنات المقدمة من قبل المؤسسات الحكومية لإعداد موازنة العام الجديد.
وصادق المجلس التشريعي في نهاية كانون أول/ ديسمبر الماضي، على موازنة العام الماضي 2013 والتي بلغت قيمتها 897 مليون دولار، بإيرادات مقدرة 243 مليون دولار، وعجز 654 مليون دولار، أي ما يقارب 73% من إجمالي النفقات، يفترض تغطيته من التبرعات الخارجية .
وكان من المقرر أن يتم الانتهاء من إعداد مشروع الموازنة وتسلميه لمجلس الوزراء بغزة في شهر تشرين أول/ أكتوبر الماضي، وفق مصادر في وزارة المالية المقالة.
لكن سمير أبو مدللة، الخبير الاقتصادي، يرى أنه من الطبيعي تأخر الإعلان عن الموازنة في ظل أزمة الحكومة المالية، والتغييرات في الوضع الإقليمي.
وقال أبو مدللة إن حركة حماس التي تتولى إدارة الحكم في القطاع تعاني من أزمة مالية خانقة بسبب إغلاق الأنفاق المورد المالي الرئيسي للحكومة.
وأضاف "الأنفاق كانت تغطي أكثر من 15% من الموازنة سنويا".
وقال إن الحكومة بغزة قادرة على إعلان موازنة العام الجديد، لكن المعضلة أمامها في كيفية تغطية الإنفاق العام.
وبحسب أبو مدللة : "الموازنة تغطي 50% من رواتب وأجور الموظفين في حكومة حماس، وهي تعاني من أزمة في صرف الرواتب لموظفيها منذ أكثر من أربعة أشهر، وهذا ما يضعها في تحدٍ أكبر من إصدار الأرقام".
وقال إن المستقبل المالي لحكومة غزة يبدو مقلقا، ويزداد صعوبة أمام انحسار الدعم الإقليمي، والتطورات الأخيرة في مصر، وهو ما يدفعها لتقدير موازنة بإيرادات غير معلومة، وبأرقام تفتقر لترجمة الواقع السياسي والمالي.
وبحسب بيانات لوزارة المالية في حكومة غزة، فإن فاتورة الرواتب الشهرية لموظفي الحكومة والبالغ عددهم 42 ألف موظف تبلغ حوالي 37 مليون دولار شهريا.
ومنذ أربعة أشهر تعجز الحكومة في غزة عن صرف راتب كامل لموظفيها، واستطاعت أن تغطي راتب شهر واحد فقط خلال تلك الفترة.
وتقول حكومة غزة إنها تمر بضائقة مالية، بسبب الظروف الاقتصادية الراهنة تؤدي إلى تأخر صرف رواتب الموظفين.
ويؤكد معين رجب، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر بغزة، أن التحدي الكبير أمام حكومة غزة هو تقديم موازنة واقعية شفافة.
وقال إن تجفيف المنابع المالية لحكومة غزة خلق واقعا اقتصاديا قاسيا وصعبا لم تشهده الحكومة طيلة السنوات الماضية، الأمر الذي يدفعها نحو تقديم موازنة استثنائية يتم من خلالها تقديم النفقات، وفق ما هو متاح. وتابع: "من غير المنطقي تقديم موازنة سنوية في ظل غياب الإيرادات، ومصادر التمويل".