خلص تقرير حول ضعف وسائل
الإعلام الأردنية إلى أن غالبية الصحف ووسائل الإعلام المحلية مرتبطة بالأجهزة
الأمنية على عدة مستويات مما يعيق صناعة
الصحافة ويؤثر سلبا على تسويق الرواية الرسمية الأردنية.
التقرير بحث بتعمق وبناء على توجيهات من الديوان الملكي الأردني بالأسباب التي تقلص حضور ونفوذ وتأثير وسائل الإعلام الرسمية.
وبحسب المعلومات التي وصلت صحيفة "عربي21" الإلكترونية، فقد وضع التقرير لجنة مكونة من أربعة أشخاص يعملون في مكتب الملك عبد الله الثاني وكلفت هذه اللجنة بدراسة المشكلات التي تعاني منها المؤسسات الصحفية المحلية والتي تهدد وجود الصحافة اليومية.
وبرزت الحاجة إلى هذا التقرير بعد المشكلات والاعتصامات التي واجهتها صحيفة الرأي أكبر صحف الحكومة ثم انتقلت إلى صحيفة الدستور في الوقت الذي بدأ فيه فريق يعمل مع وزير الاتصال في الحكومة بالبحث في جزئية كيفية التدخل لإنقاذ الصحف الكبيرة المهددة بعدم الصدور والتي تعاني من صعوبات مالية بالغة.
وزير الاتصال الدكتور محمد المومني أعد تقريرا آخرا حول مشكلات الصحف تقاطع مع تقرير اللجنة المشار إليها في الديوان الملكي حيث ركزت اللجنة الحكومية على التحديات التي تواجه الصحافة المطبوعة خصوصا في ظل تراكم ديونها وضعف توزيعها وندرة تأثيرها في الواقع الوطني والعربي والإقليمي مع الارتفاع الحاد لكلفة استيراد الورق وانحسار سوق الإعلان المحلي بنسبة لا تقل عن 40 % في العام 2013 كما وثق التقرير .
الكاتب والباحث السياسي الأردني الدكتور محمد أبو رمان أشار إلى أن التطور التكنولوجي وتطور وسائل الإعلام دفع بالإعلام الرقمي إلى الأمام على حساب الصحافة الورقية وأن هذا الأمر يتجاوز الحكومة، مؤكداً على أن الحكومة تتهرب من إشكالية الإعلام المحلي لعدم إيمانها به إلى جانب التضخم الكبير في نفقات هذه الصحف.
وأضاف أبو رمان في حديثه لـ"عربي 21" أن امتلاك الحكومة لبعض الصحف الكبرى عبر مؤسسة الضمان الاجتماعي موضع تساؤل، إذا أنها تتحكم بالصحف عبر أموال الضمان التي هي أموال الشعب في المقام الأول.
وتبحث الحكومة بتوجيه من الديوان الملكي مع اللجنة المكلفة بهذه المشكلات المستعصية لتحديد مصير ومستقبل أسهم تملكها في الصحف الكبرى عبر مؤسسات عامة مثل الضمان الاجتماعي.
هذه التقارير وضعت بملف واحد على طاولة الملك عبد الله الثاني، وتم تعزيزها بدراسة معمقة أعدها مركز الدراسات في صحيفة الرأي بعد جلسة مغلقة لنخبة من الإعلاميين.
وقال حضور طلبوا عدم كشف أسمائهم لـ"عربي21" أن الجلسة المشار إليها انتهت بتقرير صريح عمل على تشخيص مشكلات الإعلام الوطني وبصورة تقاطعت مع تقرير آخر أعده مركز الأزمات فيما يتعلق بالتأثيرات السلبية للهاجس الأمني تحديدا على واقع الصحافة المحلية.
تقرير الأزمات يسجل اعترافا نادرا بأن التدخل الأمني لم يكن موفقا من حيث الإنتاجية بل خلق الكثير من المشكلات بسبب الاعتبارات غير المهنية لأدوات هذا التدخل.
واعترف التقرير الأخير بأن الإعلام الأردني يدار بطريقة (الهواة) وبآليات اعتباطية ووفق أسس غير مهنية, الأمر الذي انعكس حتى على أداء مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
وتمسكت التقارير الثلاثة بالدعوة إلى مراجعة السيطرة الأمنية والتدخل الرسمي في قطاع الإعلام مع توفير إمكانية الاندماج بين المؤسسات الكبرى حفاظا على ما تبقى من سوق الإعلان وإعادة صياغة الأولويات الإعلامية الوطنية في ضوء الاحتياجات المحددة.
وتشكل هذه التقارير سابقة اعتراف نادرة من جهات رسمية توضع بين يدي صاحب القرار، ويبدو أنها ستساهم في تحديد مصير ملكية أسهم القطاع العام في القطاع الصحفي الخاص, قد يؤدي إلى صدور توجيه سياسي بتقليص الرقابة الأمنية مع الاستعانة ببرامج تأهيل وتطوير مهنية وفتح المجال أمام اندماجات وائتلافات على أمل التمكن من ترويج ووضع أسس لصناعة الصحافة خصوصا وأن المرحلة المقبلة ستحتاج إلى اذرع إعلامية متعددة لها ارتباط بأجندات سياسية إقليمية .
أما أبو رمان فيرى أنه لا يمكن أن يصل الإعلام المحلي الرسمي إلى مرحلة من إقناع الناس في ظل العقلية الرسمية الموجودة، وأن المسؤولين لا يدركون أهمية الإعلام وأن حالة التباكي عليه لا تلبث أن تتلاشى سريعاً.
كما لفت إلى أن الدولة ليس لها قدرة على تحمل السقف الأدنى للحرية والذي يسمح ببناء مصداقية وسائل الإعلام على اختلافها.
يشار إلى أن العاهل الأردني شخصيا وفي عدة اجتماعات كان قد اشتكى من كلاسيكية الإعلام المحلي ومن قوالبه وعبر في أكثر من حالة عن طموحه بوجود وسائل واذرع إعلام مؤثرة تتولى الدفاع عن أدبيات واستراتيجيات خطاب المملكة الأردنية الهاشمية.