أعلنت الحكومة المصرية رفع
أسعار الكهرباء بدء من أول يوليو المقبل بنسب كبيرة تراوحت بين 30% و50%، مبررة القرار بمحدودية موارد الدولة وحاجتها لمزيد من الأموال.
وقال وزير الكهرباء محمد شاكر إن تلك الزيادة ستساعد في توافر سيولة مالية تحتاجها الحكومة بشدة لشراء الوقود اللازم لإنتاج المزيد من الكهرباء وبالتالي تجنب انقطاعها.
وتقول الحكومة إن أزمة انقطاع التيار الكهربائي سببها عدم توافر أموال لشراء ما تحتاجه محطات توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي، الذي تحولت مصر في السنتين الأخيرتين إلى استيراده من الخارج، بعد أن كانت تصدره إلى إسرائيل بثمن يقل كثيرا عن سعره في الأسواق العالمية.
ونقلت صحيفة "المصري اليوم" عن وزير في الحكومة - رفض ذكر اسمه - قوله إن الزيادة الجديدة في أسعار الكهرباء ستبلغ نحو 30% على جميع المشتركين بلا استثناء، على أن تزيد إلى 50% على أصحاب الشرائح الكبرى في الاستهلاك، فضلا عن تحصيل رسوم جديدة على الفواتير ورفع قيمة الدمغة التي تفرضها الحكومة على كل إيصالات الدفع.
وكشفت مصادر بوزارة الكهرباء أن سعر بيع الكهرباء فى مصر يبلغ 23 قرشا للكيلو وات، بينما تبلغ تكلفته الحقيقية 40 قرشا، وهو ما يجعل الحكومة تتحمل نحو 17 مليار جنيه، قيمة الفرق بين تكلفة إنتاج الكهرباء وسعر بيعها للمواطنين، مشيرة إلى أن إجمالى الزيادات التى ستحصلها الحكومة جراء الزيادة الجديدة سترفع الإيرادات من 35 مليار جنيه إلى 41 مليارا.
لا مساس بالفقراء؟
وتعاني محافظات مصر من انقطاع الكهرباء بشكل يومي لمدد قد تطول إلى ست ساعات في بعض المناطق، وهو ما أثار موجة سخط واستياء عام، في بلد كان انقطاع الكهرباء أحد أهم مبررات الجيش للإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر.
وأشار وزير الكهرباء إلى إن زيادة الأسعار لن تمس محدودي الدخل، مؤكدا أن "الأسعار المتدنية للكهرباء تمثل ضغطا كبيرا على موازنة الدولة وتمنع الحكومة من الدخول في استثمارات تكنولوجية جديدة.
وأضاف شاكر- في تصريح الثلاثاء لصحيفة "الأهرام" شبه الحكومية - أن الحكومة لجأت إلى رفع الأسعار لإجبار المواطنين على تقليل استهلاكهم من الكهرباء، حيث قال "إن إحدى وسائل الترشيد أن يشتري المواطن الكهرباء بسعرها الحقيقي"!.
وحاولت وزارة الكهرباء التملص من مسئولية رفع أسعار الكهرباء، حيث قال محمد اليماني المتحدث باسم الوزارة إن قرار إعادة هيكلة الأسعار اتخذه مجلس الوزارء وليس للوزارة علاقة به.
وكانت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، قد أجلت في شهر مايو الماضي دعوى قضائية تطالب بإلغاء قرار رفع أسعار الكهرباء والعودة إلى الأسعار القديمة، وقررت نظرها في جلسة الثالث من يوليو المقبل.
اللافت للنظر أن إعلان قرار الزيادة في أسعار الكهرباء جاء في نفس الوقت الذي أعلن فيه الرئيس المؤقت عدلي منصور منح العاملين بالدولة علاوة شهرية اعتبارا من أول يوليو 2014 بنسبة 10%، وهو ما فسره كثيرون بمحاولة "خبيثة" لتمرير القرار عبر خداع الفقراء.
وأوضحت مصادر لـ "المصرى اليوم" أنه من المقرر رفع الدعم نهائيا عن الكهرباء خلال السنوات الخمس المقبلة بشكل تدريجى.
طرق أخرى لرفع الدعم
ويقول خبراء إن من طرق رفع الدعم التي ستعتمدها الحكومة في الفترة القادمة هي اتباع سياسة "ادفع لتحصل على الخدمة" بدلا من السياسة المتبعة حاليا والتي يحصل بموجبها المواطنين على الكهرباء ثم تطالبهم الحكومة بسداد قيمة ما حصلوا عليه من خدمة في نهاية الشهر، وفقا لنظرية "اللي معهوش ميلزموش".
وتقول وزارة الكهرباء إن الطريقة الحالية أرهقت الحكومة كثيرا في السنوات الأخيرة بسبب امتناع عدد كبير من المشتركين في الخدمة - يقدره متخصصون بنحو 75% - عن دفع قيمة الاستهلاك والتأخر في دفع الفواتير لمدد وصلت إلى 3 سنوات.
ولفت شاكر إلى أن "الوزارة وضعت خطة لاستبدال عدادات كهربائية الحالية في المنازل بأخرى ذكية تعتمد على طريقة الدفع مقدما للحصول على الكهرباء من خلال كروت شحن تشبه كروت الهواتف المحمولة.
وأكد أنه سيتم الانتهاء من استبدال جميع العدادات القديمة بمثيلاتها الذكية خلال فترة تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات"، مشيرا إلى أن البدء في التشغيل التجريبي لهذه العدادات سيبدأ خلال أقل من ستة أشهر.
مزيد من التقشف
يأتي هذا التطور ضمن مجموعة من الإجراءات التقشفية التي أعلنها قائد الإنقلاب عبد الفتاح
السيسي الذي تولى رئاسة البلاد عقب عزل الجيش للرئيس مرسي، حيث سبق رفع أسعار الكهرباء، قرار مماثل في أبريل الماضي برفع أسعار الغاز الطبيعي للمنازل.
كما تضمنت هذه الإجراءات رفع الدعم وزيادة أسعار السلع والخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين، بدءا من أول يوليو المقبل.
ومن بين تلك الإجراءات التي ستثقل كاهل فقراء مصر، ما أعلنه وزير التموين الجديد خالد حنفي عن بدأ تطبيق نظام جديد لتوزيع السلع التموينية أول يوليو يتضمن رفع أسعار السلع التموينية المدعمة من الحكومة بحيث تقارب أسعار مثيلاتها في الأسواق.
كما يقلل النظام الجديد من كميات السلع المدعومة التي كان يحصل عليها كل مواطن وحددها بقيمة 15 جنيها شهريا، كما قللت عدد أفراد الأسرة الواحد التي تستحق الدعم بحيث يقف الدعم عند خمسة أفراد فقط للأسرة.
وللتغطية على تلك الزيادة أعلنت الحكومة عن طرح نحو 40 سلعة جديدة على البطاقات التموينية لكن كلها ستباع بأسعار مرتفعة وغير مدعومة من الحكومة بشكل يفرغ فكرة الدعم الحكومي من مضمونها، بحسب خبراء.