اتهم الكاتب رؤوبين باركو في مقال نشرته "إسرائيل اليوم" الاثنين، الأمريكيين بأنهم سذج ومغفلون ولم يتعلموا من تجربتهم الماضية في الشرق الأوسط، وذلك لأنهم يؤيدون مساعي
قطر وتركيا في
الوساطة من أجل "حل الصراع بين إسرائيل وحماس"، مع أنهما "اللذان يدعمان
حماس ويقويانها" على حد تعبيره.
وعقد الكاتب مقارنة بين الواقع الحالي، وبين ما يحصل في أفلام المافيا الأمريكية، مستشهدا بفيلم "العراب" المشهور، حيث يكون الخائن دائما هو أحد أفراد العائلة الذي يدخل في وساطة بين العائلة والخصم. والكاتب يسقط حالة الخيانة تلك على واقع
تركيا وقطر، ويستنكر على الأمريكيين عدم إفادتهم من أفلامهم وأخذ العبرة من صناعتهم الخاصة، بحسب رأي باركو.
وفي ما يأتي نص المقال كاملا:
يرشد دون كورليونا ابنه إلى أن أحد أفراد عائلة المافيا الذي يحاول التوسط للخصم هو الخائن دائما. وقد حظي الوسيط خلال حبكة الفيلم بالعلاج المناسب وأنهى دوره في الفيلم. إن الأمريكيين أيضا جيدون في صناعة الأفلام لكنهم أقل جودة في الواقع. إن محاولة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن يحث برغم إرادة مصر، أمير قطر الشيخ تميم (غير البريء.. تميم في اللغة العبرية تعني البريء أو الساذج – المترجم)، ورئيس الوزراء التركي أردوغان "السلطان" ليكونا وسيطين في المواجهة التي بادرت إليها حماس مع إسرائيل – كانت محاولة هاذية.
لم يستوعب قادة أمريكا دروس المافيا إلى الآن، فقد شجع كيري على الخصوص أولئك الذين حاولوا أن يخلصوا "إمارة حماس الإسلامية" من الانهيار وسبب تشدد حماس في مواقفها وإضعاف مصر.
ويبدو في سلوك الولايات المتحدة إخفاق عام في رسم المصالح الأمريكية في المنطقة والخطوات إلى إحرازها، وتبدأ قائمة الإخفاقات الأمريكية في إيران ثم تنتقل إلى مصر والعراق وسوريا ولبنان وإفريقيا وأفغانستان وشبه الجزيرة العربية، ونهايتها مجهولة. حتى إنه ليبدو أن سائق سيارة أجرة من أوساط الناس في واشنطن يستطيع أن يُصرف شؤون أمريكا بصورة أفضل.
إن الأمريكيين الذين شاركوا في تنفيذ مؤامرات وانقلابات عسكرية كثيرة أخفقوا فيما يتعلق بالحاجة الملحة إلى دعم السيسي المصري. وقد تخلوا بصعوبة عن الخطاب الديمقراطي الكاذب لمرسي والإخوان المسلمين "الباحثين عن الخير". يعلم أقل الناس شأنا أن قطر وتركيا تسلحان وتمولان المنظمات الإرهابية الإسلامية الأكثر فتكا في المنطقة مثل داعش وجبهة النصرة والقاعدة، التي تعمل الآن بوحي من الإخوان المسلمين على مصر وعلى نظم الحكم العربية الأخرى في حين تساعد الإمارة الإسلامية لحماس. ومن الواضح للجميع أن إسرائيل قد تكون الوحيدة التي تنجح في صد هذا الجهد الإرهابي الإسلامي العالمي.
يدرك كل بدوي يملك صحن قمر صناعي ومولد كهرباء أن الغاية الاستراتيجية لهذه المنظمات الإسلامية هي اسقاط نظم حكم الدول العربية المعتدلة حليفة أمريكا في طريقها إلى حكم إسلامي عالمي. والسر الظاهر هو أن هذه الجهود المستعينة بإيران تتم بمساعدة آلة دعاية "الجزيرة" التي توجهها وتنفق عليها عائلة آل ثاني من قطر بتوجيه الشيخ القرضاوي من اليمين وعزمي بشارة من اليسار.
ويعلم كل ضابط صغير الشأن في وكالة الاستخبارات المركزية أن زعيمي تركيا وقطر يعملان بمشاركة "مؤقتة" مع إيران بصفتهما عميلين مزدوجين. وبرغم ذلك يوجد جنرالات في جهاز الأمن القومي الأمريكي وفي دوائر حلف شمال الأطلسي تضع فوق طاولة الرمل إعلاما تجسد أماكن رسو الأسطول الأمريكي في موانئ قطر وأنظمة الرادار والصواريخ العابرة للقارات والمطارات الموضوعة في خدمتهم في شرق تركيا. ولم يتعلم الأمريكيون المتمسكون بقطر وتركيا تمسكهم بكنز، شيئا من تجربتهم. فقد استعان بهم رجال القاعدة (طالبان) على التدريب والتسليح لمواجهة الروس، لكنهم فجروا "مقابل ذلك" المحسنين الأمريكيين إليهم. وحينما يكون الحديث عن عملاء مزدوجين تكون كلفة اللقاء بين السذاجة والخيانة باهظة.
يمكن أن نتنبأ بأن يندثر الاستثمار الغربي في قطر. وقد ضاق الزعماء العرب ذرعا بعائلة آل ثاني. ويرى كثيرون أن عصر بنك الإرهاب الإسلامي العالمي ومنبر الإخوان المسلمين الدولي للتحريض (بواسطة "الجزيرة") في قطر يوشك أن ينقضي.
إن "الجزيرة" تحرض بلا خجل، فاسرائيل توصف بأنها جلاد، أما حماس التي تطلق الصواريخ على مواطني إسرائيل وتلوذ بمواطنيها على أنهم درع بشرية فتسمى الضحية. وتشهد الخطبة التاريخية لمتحدثي حماس والجهاد الإسلامي أبو زهري وفوزي برهوم بأن هاتين المنظمتين الإرهابيتين لا تحجمان عن تكرار دعوة المؤسسات العربية والدولية إلى مساعدتهما بعد محاولتهما الفاشلة قتل يهود.
يقول المثل العربي: "إنقلب السحر على الساحر". ويستغل جلادو حماس استغلالا باكيا الضحايا الفلسطينيين الذين قتلوا بسببهم عند "الصليبيين الأوروبيين". ويحطم الجيش الإسرائيلي مرة أخرى المبدأ الإسلامي وهو أن "اليهود جبناء يقاتلون من وراء جدران". وقد أعلن المدير العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي عن "نهاية
المشروع الصهيوني، وهو يطالب بمحاكمة إسرائيل على أنها مجرمة حرب ويدعو إلى انتفاضة ثالثة"، إننا نعود إلى 1948.