تساءل الصحفي البريطاني روبرت
فيسك عن أعداد القتلى جراء الهجوم
الإسرائيلي على قطاع
غزة، وقال ماذا لو عكسنا عدد الضحايا 800 إسرائيلي مقابل 35 إسرائيلي، فماذا سيكون رد فعل الرأي العام العالمي على هذا الرقم.
واعتبر فيسك في تقريره في صحيفة الإندبندنت البريطانية، أن هناك أمرا غريبا حول عدد الضحايا الذين سقطوا في الهجمة ومعظمهم من المدنيين الفلسطينيين، وأن إسرائيل تتمتع بحصانة من النقد.
وكتب يقول: "الحصانة من العقاب كلمة تحضر للذهن، ثمانمائة فلسطيني ميت، ثمان مائة، عدد ضعف من قتلوا في تفجير الطائرة الماليزية أم أتش -17 فوق أوكرانيا، ولو كنت تشير فقط إلى "الأبرياء" وليس مقاتلي
حماس، أو المتعاطفين معها أو مسؤوليها فإن النساء والأطفال والكبار في العمر الذين ذبحوا في غزة هم ضعف عدد ضحايا الطائرة الماليزية".
ويضيف فيسك "هناك أمر غريب، أليس كذلك، حول رد الفعل على حادثي القتل الشائنين. ففي غزة نطالب بوقف إطلاق النار، ولكننا ندعهم يدفنون موتاهم في أحياء الفقر في غزة ولا يمكننا حتى فتح ممر إنساني يمر منه الجرحى. في حادث الطائرة الماليزية، نطالب -مباشرة- دفنا مناسبا وعناية لعائلات وأقارب الموتى، في الوقت الذي تسجى فيه أجساد الموتى -وربما بأعداد أكبر- تحت سماء غزة الحارقة".
ويقول إن هذا بسبب يؤرقه: "لا نهتم كثيرا بالفلسطينيين"، "لا نهتم بلوم إسرائيل، أولا بسبب عدد المدنيين الذين قتلهم الجيش، ولا بقدرات حماس أيضا".
ويضيف "لو كان الرقم معكوسا. لو قتل 800 إسرائيلي مقابل 35 فلسطينيا، أعتقد أعرف كيف سيكون رد فعلنا؟".
وقال: "سنطلق عليها مباشرة مذبحة أو فظاعة، جريمة يجب أن يحاسب القتلة على ما اقترفوه من جريمة. نعم يجب محاسبة حماس أيضا، ولكن لماذا نبحث فقط عن المجرمين ممن أطلقوا صاروخا أو صاروخين في سماء أوكرانيا؟ فلو تساوى عدد القتلى الإسرائيليين مع الفلسطينيين فإنني لا أشك لحظة بقيام الولايات المتحدة بتقديم كل الدعم العسكري لإسرائيل التي تتعرض لهجوم يقوم به "إرهابيون يلقون الدعم من إيران". وسنطالب حماس بتسليم الأشرار الذين أطلقوا الصواريخ على إسرائيل الذين كانوا يحاولون ضرب الطائرات في مطار بن غوريون، ولكننا لا نفعل هذا لأن معظم الذين ماتوا هم من الفلسطينيين".
ويتساءل فيسك أيضا: "كم من الفلسطينيين يجب أن يقتلوا قبل أن نطالب بوقف إطلاق النار؟ ثمانمائة أو ثمانية آلاف؟ هل نحتاج إلى ورقة لتسجيل النتائج؟ أو سعر الصرف؟ أم يجب علينا الانتظار حتى نشعر بالقرف من الدم ونقول كفى؟ وهذا لا يعني أننا لم نكن هناك من قبل".
ويذكر الكاتب بمذابح القرى العربية التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في عام 1948 كما وضحها المؤرخون الإسرائيليون، إلى صبرا وشاتيلا عندما قامت الميليشيات اللبنانية المتحالفة مع إسرائيل بذبح 1.700 شخص في عام 1982 في الوقت الذي كانت فيه القوات الإسرائيلية تراقب. من مذبحة قانا في لبنان التي تمت على قاعدة تابعة للأمم المتحدة في عام 1996 إلى مذبحة مماثلة في قانا مرة أخرى بعد عشرة أعوام من المذبحة الأولى، للقتل الجماعي في حرب غزة 2008-2009.
ويقول: "بعد صبرا وشاتيلا كانت هناك تحقيقات وبعد قانا كان هناك تحقيق آخر، وبعد غزة أيضا التي حاول القاضي غولدشتاين إبعاد نفسه عن نتائجها، بعد تعرضه لضغوط شخصية" من اللوبي اليهودي.
فنحن كنا هناك من قبل، وبعبارات أخرى يجب لوم "الإرهابيين" الذين تقتلهم إسرائيل (حماس بالطبع) مشيرا إلى المزاعم المتكررة التي تم الحديث عنها مرة بعد أخرى. والحديث عن أن إسرائيل لديها جيش يتسم بأعلى المعايير الأخلاقية التي يتسم بها جيش في العالم، ولهذا فلن يتعرض للمدنيين بأذى. "وأتذكر هنا 17.500 قتلوا أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 معظمهم كانوا من المدنيين، هل نسينا كل هذا؟".
ويقول الكاتب إنه بالإضافة للحصانة من العقاب هناك حماقة العرب الفاسدين والقتلة، الذين يمارسون القتل المجاني مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ولهذا كانت لا إباليتهم تجاه فلسطين متوقعة.
وهؤلاء لا يزعمون أنهم يمثلون "قيمنا" أي القيم الغربية ولكن ماذا عن جون كيري، وزير خارجية أوباما "عندما أخبرنا أنه يجب حل القضايا الرئيسية التي تقف وراء الحرب الإسرائيلية-الفلسطينية، بحق السماء ماذا كان يفعل العام الماضي عندما زعم أنه سيقدم سلاما في الشرق الأوسط في 12 شهرا، ألا يعرف لماذا يعيش الفلسطينيون في غزة؟".
ويرى فيسك أن هناك مئات الآلاف إن لم يكن الملايين حول العالم ممن يرغبون بإنهاء حالة الحصانة، ونهاية لعبارات مثل "ضحايا غير متناسبين" ماذا يعني كل هذا؟ مشير إلى أن إسرائيليين شجعان يحملون نفس الموقف إزاء كل هذه الحصانة، ويكتبون عنها "تعيش صحيفة هآرتس"، في الوقت نفسه أصبح العالم العربي والإسلامي عالما مسكونا بالغضب "وسندفع الثمن" يقول فيسك.