صحافة دولية

مسلمون في بلجيكا يساهمون في ترميم كنيس يهودي

ساهمت القضية في لفت النظر إلى عدم وجود مسجد للمسلمين في المدينة
ساهمت القضية في لفت النظر إلى عدم وجود مسجد للمسلمين في المدينة

نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريراً حول إطلاق المسلمين في مدينة أرلون في إقليم والونيا، شرق بلجيكا، حملة لجمع التبرعات تهدف إلى ترميم كنيس يهودي، يعاني من انتشار نوع من الفطريات التي تهدد بتدمير هيكله، وأدت إلى إغلاقه منذ عدة أشهر.

وقال التقرير إن صحفيّة بلجيكية كانت قد أعلنت الخبر منذ بضعة أسابيع لجون كلود جاكوب، وهو حاخام مدينة أرلون، الذي قال إن الخبر يعد مفاجئاً، ولكن ليس كثيراً، إذ إنه من المعروف في عاصمة مقاطعة لكسمبورغ التي تنتمي إلى إقليم والونيا، أن العلاقات بين اليهود والمسلمين تجسد التعايش السلمي والمشترك، وهو ما يمثل نموذجاً لمملكة بلجيكا وبقية الدول الأوروبية.

وأضافت الصحيفة أن أحداثاً، مثل الهجوم الذي تعرض له المتحف اليهودي في بروكسيل في شهر أيار/ مايو 2014، وأصداء هجمات باريس الأخيرة، إضافة إلى التهديدات المتعددة ضد بلجيكا من مقاتلين شباب سافروا إلى سوريا، قد ساهمت في تسميم الأجواء.

وقد ازداد الوضع سوءا منذ قيام الزعيم القومي البلجيكي فلاماند بارت دي فيفر باستغلال النزعات العنصرية والراديكالية الدينية، ليعلن للناخبين انتقاله إلى صفوف اليمين المتطرف. ومؤخراً، أدلى هذا الزعيم القومي، الذي يرفض القيام بحوارات أو المشاركة في نقاشات ويتخذ من التلفزيون العمومي أداة دعاية، بتصريحات تتهم نشطاء ضد العنصرية والجالية المسلمة المغربية بالتعتيم عن إخفاقاتها، عبر تأدية دور الضحية ونشر ثقافتها الدخيلة.

وأكدت الصحيفة أن مثل هذه القضايا تحتاج للشجاعة وروح المبادرة لكسر الحواجز ودحض الأفكار المسبقة، مثلما فعلت جمعية مسلمي أرلون ورئيسها محمد بوزمارني، حيث قاما بجمع تبرعات للمساهمة في دفع فاتورة ترميم الكنيس اليهودي، التي من المنتظر أن تبلغ نحو 400 ألف يورو. ومن المتوقع الإعلان قريباً عن مقدار مساهمة هذه المبادرة التي تحمل رمزية خاصة، جذبت اهتمام العديد من وسائل الإعلام البلجيكية والعالمية.

وذكرت الصحيفة أن مختلف طوائف مدينة أرلون البلجيكية تتعايش بسلمية وتتخاطب فيما بينها، بل وتقوم منذ عدة سنوات باجتماعات لتنظيم ملتقيات أو المشاركة في الأعياد الوطنية.

ومنذ الإعلان عن حملة جمع الأموال تم الاجتماع في مناسبتين. وقد ضم اللقاء متعدد الأديان في البداية المسيحيين الكاثوليك الذين يمثلون الأغلبية في مقاطعة والونيا المعروفة بتقاليدها العريقة، إضافة إلى المسيحيين البروتستانت واليهود. وقد توسع اللقاء منذ عشر سنوات ليضم المسلمين اللذين يمثلون اليوم ثاني أكبر جالية في المدينة، بينما لا يمثل اليهود سوى خمسين شخصاً.

ويعود ذلك لأسباب تاريخية، حيث كان اليهود يمثلون عشرة في المئة من ساكني أرلون، عندما انتقلت عائلة الحاخام جاكوب إلى المنطقة، وكانوا يعملون في مجال التجارة. غير أن الحربين العالميتين والحملات النازية لم تترك سوى بعض العائلات اليهودية التي تعد على الأصابع. وعندما تم إغلاق الكنيس اليهودي قال الحاخام إنه يخشى على نفسه من أن يصبح "اليهودي المتشرد"، حسب تعبيره.

كما أشار التقرير إلى معاناة دور العبادة الدينية من العديد من العوائق الإدارية وهو ما أثار سخط رابطة مسلمي بلجيكا؛ إذ يشير موقع الإنترنت الرسمي لمدينة أرلون إلى وجود اثتنين وعشرين كنيسة مسيحية، مقابل كنيس يهودي واحد، بينما لا يشير إلى وجود أي مسجد للمسلمين، حيث لا يوجد في المدينة مسجد رسمي. ولذلك يضطر المسلمون للصلاة في منزل صغير يدفعون إيجاره بأنفسهم.

وقالت الصحيفة إن المسلمين يريدون عبر تضامنهم مع أصدقائهم اليهود تسليط الضوء على ما يسببه غياب مسجد رسمي من مشاكل مالية، لأن الدولة لا تمول سوى دور العبادة المعترف بها. ويوجد في مقاطعة والونيا التي تتبع لها مدينة أرلون، أربعون مسجداً معترفاً به، من جملة ثمانين مسجداً يؤمه المصلون.

وذكر التقرير أنه للحصول على صفة رسمية فإن المسجد يجب أن يتجاوز العديد من العقبات القانونية، حيث تقوم اللجنة التنفيذية للمسلمين البلجيكيين بدراسة الطلب وإرساله إلى إحدى المناطق الفدرالية الثلاث، ثم تقوم هذه الأخيرة بتمويل ومراقبة هذه المساجد، بينما تقوم وزارة العدل بتعيين الأئمة. ولتقديم الطلب يجب أولاً تخصيص مقر للمسجد من بين المباني التابعة للبلدية، وهو أمر يبدو أن مدينة أرلون لا تستطيع توفيره. أما الحل الثاني المتمثل في تلقي تبرعات خارجية فيرفضه مسلمو المدينة.

وفي الختام نقلت الصحيفة عن الحاخام جون كلود جاكوب قوله يوم الأربعاء الماضي، إن الضجة المثارة حول حملة جمع التبرعات قد أتت أكلها للمسلمين واليهود، حيث تحركت السلطات البلجيكية لإيجاد حل عاجل لمشكلة المسجد إضافة إلى الكنيس اليهودي.

كما أشارت إلى أن بواب الكنيس اليهودي، وهو موظف بلدي ذو أصول غينية، يتبع الديانة الإسلامية.
التعليقات (0)