أعلنت مجموعات قبطية معارضة للأنبا تواضروس الثاني بابا الأقباط الأرثوذكس في
مصر، عن تشكيل حركة أطلقوا عليها اسم "تمرد القبطية" تدعو لعزل بابا الأقباط وانتخاب شخص آخر للجلوس على الكرسي البابوي.
وتقول الحركة إن البابا فشل في إدارة الكنيسة، وعجز عن حل مشاكل الأقباط الراغبين في الحصول على تصريح كنسي بالطلاق تمهيدا للزواج مرة أخرى.
وتفاقمت أزمة الزواج الثاني في أوساط الأقباط الأرثوذكس بسبب رفض الكنيسة منح تصريح بالزواج الثاني لأولئك الذين فشلوا في زيجاتهم الأولى، متعللة بأنه لا يوجد في المسيحية طلاق إلا إذا وقع أحد الزوجين في رذيلة الزنا، وتخيرهم الكنيسة بين الاستمرار في الزواج الأول أو اللجوء للزواج المدني وهو ما يعني طردهم من الكنيسة.
وكان عشرات المتضررين من تحريم الزواج الثاني قد تظاهروا داخل الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة قبل أسبوعين أثناء إلقاء البابا تواضرس عظته الأسبوعية، ورددوا هتافات منددة به وطالبوا بمنحهم حق الزواج الثاني.
واستدعت الكنيسة قوات الشرطة للسيطرة على حالة الفوضى والشغب التي سادت الكنيسة، وأدت المشادات بين المتظاهرين وحراس الكنيسة إلى إلغاء العظة البابوية لأول مرة منذ عقود طويلة، في ما عرف باسم "الأربعاء الأسود".
وألقت الشرطة القبض على عدد من المتظاهرين وتم حبسهم بتهمة التظاهر داخل إحدى دور العبادة، في سابقة هي الأولى من نوعها بين الأقباط.
مناظرة على الهواء
ودشن نشطاء الحركة صفحة على "فيسبوك" باسم "الصرخة للأحوال الشخصية"، طالبوا من خلالها بعزل البابا وعودته إلى مقر إقامته السابق في دير وادي النطرون، بعدما تسبب في توتر الأجواء بين الكنيسة والمطالبين بالحصول على تصريح بالزواج الثاني.
وقال إسحق فرنسيس، مؤسس الحركة، إنهم يطالبون بعزل البابا وانتخاب آخر بدلا منه بعدما أخفق فى حل مشاكل منكوبي الأحوال الشخصية، وسلم شعبه للشرطة على الرغم من أنهم تظاهروا فقط للمطالبة بلقائه.
وأضاف فرنسيس، في تصريحات صحفية، أن "
البابا تواضروس هو أول بابا في تاريخ الكنيسة الأرثوذكية يخالف تعاليم المسيح ويقبل معمودية الكاثوليك ويدرس تثبيت عيد القيامة بالاتفاق مع باقي الطوائف، بالإضافة إلى أنه حطم الرقم القياسي في الرحلات الرعوية بأوروبا وأمريكا تاركًا شعبه في مصر دون رعاية".
لكن كمال زاخر، مؤسس التيار المسيحي العلماني، رفض الدعوات لعزل البابا، مؤكدا أن من يقف
وراءها يجهل الفرق بين قيادات المؤسسات الدينية والسياسية، متهما حركة "تمرد القبطية" بالتخطيط لتنفيذ انقلاب داخل الكنيسة.
وفي سياق متصل، وجهت رابطة "أقباط 38" - التي تمثل المتضررين من تحريم الزواج الثاني - الدعوة للبابا تواضروس، لإجراء مناظرة بينه وبين معارضيه، تذاع على الهواء عبر القنوات التلفزيونية المسيحية.
وأوضحت الرابطة في بيان لها تلقت "
عربي21" نسحة منه، أن هناك مراكز قوى داخل الكنيسة تقف حائلا بين البابا وبين الشعب المنكوي بناره، وتهتم بالشكل وإظهار أن كل شيء على ما يرام وهو ما يستفز نضوج الشعب ويأتي بنتيجة عكسية، على حد قول البيان.
وحذرت من أن سقوط البابا نظريا في قلوب الشعب أخطر على الكنيسة من الثورات، وقالت إن "الأقباط طالبوا بمادة في الدستور لتحصين بابا الأقباط أسوة بشيخ الأزهر، إلا أنه تم إهدار حقوق الكنيسة طمعا في فرض سلطة تحكمية على الأقباط".
رئاسة الكنيسة ليست مجدا
وفي أول تعليق له على المطالبات بعزله، أعرب البابا تواضروس عن تمسكه بمنصبه، حيث قال إن خدمة الكنيسة ليست مجدا شخصيا للبابا، بل هي خدمة للمسيح، وهو ما جعل الكنيسة مستمرة حتى الآن.
وخلال إلقاء العظة، الأربعاء الماضي، تعرض البابا للمقاطعة أكثر من مرة بهتافات من بعض الحضور، لكنه تمكن من إكمال الحديث بعد تجاهله للمقاطعين وتدخل الحرس الكنسي - الذي يطلق عليه اسم الكشافة الكنسية - للسيطرة على الأوضاع.
من جانبه، أكد القس بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية، أن بابا
الكنيسة القبطية منتخب من الأساقفة والكهنة، كما أنه اختيار الله أيضا، مشددا على أن قواعد الكنيسة تحتم بقاء البابا على كرسي البابوية مدى الحياة.
ووصف حليم الدعوات لعزل البابا بأنها غير معقولة وتفتقر إلى اللياقة، كما أنها مرفوضة من أساقفة الكنيسة وشعبها، لأن البابا هو أب لجميع الأقباط.
تعديلات تحت الضغط
ومع ضغط آلاف الراغبين في الحصول على الطلاق، أعلنت الكنيسة الانتهاء خلال أيام من تعديلات سيتم إدخالها على قانون الأحوال الشخصية للأقباط سعيا لاحتواء الأزمة.
وبحسب تقارير صحفية، فإنه من المتوقع أن تتوسع الكنيسة في تفسير مفهوم الزنا الذي يبيح الطلاق، ليشمل "الزنا الحكمي"، وهو محاولة للخروج بصياغة لا تخالف شرط "الإنجيل" الذي يقصر الطلاق فقط على "علة الزنا" بحسب الشريعة المسيحية.
ومن البنود الجديدة إضافتها باعتبارها "زنا حكمي" أي دليل يثبت وجود علاقة أحد الزوجين مع شخص آخر، مثل الخطابات أو رسائل الهاتف المحمول أو المحادثات الإلكترونية، كما أنه سيتم اعتبار الهجر لثلاث سنوات متواصلة سببا كافيا يستوجب الطلاق خوفا من تعرض الطرف المتروك للفتنة التي تؤدي به إلى الزنا.