أوقع
النظام السوري أكثر من 40 ألف مدني في فخ سجن جماعي عندما أغلق المعبر الوحيد لمعضمية الشام في الغوطة الغربية، الذي يشكل المتنفس الوحيد للسكان.
وتزامنا مع دخول اتفاق الهدنة حيز التنفيذ شهدت مدينة "
معضمية الشام" عودة 40 ألف مدني إليها، ومع توالي أشهر اتفاق التهدئة عاد الحصار تدريجيا على المدينة لتشتهر المدينة مجددا بمعبرها الوحيد الذي يصلها إلى العالم الخارجي، ويعرف هذا المعبر باسم "معبر الجسر" الذي تتموضع عليه ثلاثة حواجز للنظام السوري هي حواجز "الفرقة الرابعة، المخابرات الجوية، اللجان الشعبية".
وأكد الناشط الإعلامي في مركز "معضمية الشام" الإعلامي "أبو أحمد" لـ"عربي 21" خلال اتصال هاتفي قيام النظام السوري يوم أمس بإقامة ساتر ترابي على المعبر الوحيد بارتفاع قرابة أربعة أمتار، وإغلاقها بشكل كامل وإطباق الحصار مجددا، ولكن هذه المرة على 40 ألف مدني محاصرين بداخلها، عاد السواد الأعظم منهم إليها خلال أشهر الهدنة، ليقعوا جمعيهم في مصيدة "الهدنة" نفذها النظام السوري.
وأضاف أبو أحمد: "وقعت قوات النظام الهدنة مع الجيش الحر منذ قرابة عام ونصف، سمحت من خلالها بعودة المدنيين إلى المدينة بعد تطمينات كثيرة ومغريات عدة منها إدخال المواد الغذائية بكثرة في بداية الهدنة، وإيقاف القصف على المدينة، وكذلك الاعتقالات نوعا ما، ودخول بعض المحروقات فتهافتت الناس في بداية الهدنة للعودة حتى إن نسبة 20 بالمئة من السكان كانوا في دول الجوار وعادوا إلى مدينتهم بعد الهدنة".
أما العقيد "أبو الخير العطار" فقد عقب بدوره قائلا: "النظام السوري اعتمد على حرب الغذاء والسلال الغذائية في مواجهة ما فشل عن القيام به بالقوة العسكرية، رغم امتلاكه كافة صنوف الأسلحة العسكرية الثقيلة والمدمرة"، موضحا أن إغلاق المعبر الوحيد لمدينة "معضمية الشام" بالسواتر الترابية له عدة دلالات عسكرية من أهمها "تخوفه من أي هجوم مباغت قد يشنه ثوار المدينة على مواقعه بسبب رفضه المستمر لإدخال أي من المواد الغذائية إليها، ومن الدلالات أيضا، هي "ممارسة حرب نفسية وورقة ضغط على الجيش الحر في المدينة، ضمن مساعيه الدائمة لخلق حالة من الفتنة بين أبناء المدينة وثوارها".
وبحسب ما أكد الناشط الإعلامي "أبو أحمد"، فقد كانت هذه بداية المصيدة، حيث بسبب المغريات وفتح الطريق عاد 40 ألف مدني إلى المدينة، وبعد عدة شهور بدأ الطريق يغلق شيئا فشيئا، وقبل سبعة شهور أغلق الطريق نهائيا في وجه الغذائيات والمحروقات والحاجيات الأساسية، ويقوم كل حاجز بتفتيش دقيق من أعلى الرأس إلى أسفل القدمين، وتم وضع غرفة لتفتيش النساء على كل حاجز لضمان عدم دخول أي شيء إلى المدينة، ومنذ ذلك الوقت منعت قوات النظام السكان من إدخال أي شيء سوى أربع حبات فقط من الخضار، حبة من كل نوع، وأربعة أرغفة خبز لكل عائلة.
وأغلق المعبر بشكل نهائي، وسمح فقط للموظفين الحكوميين والجامعات الحكومية بالدخول والخروج دون اصطحاب أي شيء معهم، وتفتيش دقيق ومنعت قوات النظام خروج جميع السكان عدا أصحاب الوظائف الحكومية، وتم قصف المدينة في اليوميين الماضيين بـ "قذائف الهاون" مستهدفة وسط الأحياء المكتظة مما أدى لوقوع عدد من الضحايا وعشرات الجرحى، والآن مصير 40 ألف مدني من السكان إلى المجهول بسبب "غدر النظام السوري بهدنة كانت أشبه بالمصيدة، وكل مرة يغلق فيها الطريق تكون بحجة واهية"، على حد وصف المصدر.
في حين أضاف "العقيد العطار" أن قوات النظام شددت حصارها على معضمية الشام، ومنعت سكانها من الدخول أو الخروج، ورفضت حتى خروج الزوار الزائرين منها بعد فرض الحصار من جديد، وذلك بهدف زرع الرعب والخوف بين الأهالي، بهدف ممارسة ضغط على الجيش الحر فيها والحصول على بعض التنازلات".
يشار إلى أن 80 بالمئة من المياه في مدينة معضمية الشام غير صالحة للشرب، كما تفتقر المدينة لأدنى مقومات الحياة لقرابة 40 ألف مدني محاصر، وانقطاع الكهرباء منذ قرابة ثلاث سنوات، ليبقى مصير المحاصرين من أبنائها مجهولا ومعلقا بنوايا النوايا النظام، ومخططاته المستقبلة.