ضجت "أسواق الحلال"، وهو الاسم المتعارف علية في قطاع
غزة لسوق الماشية، عشية عيد الأضحى، بحركة نشطة من المواطنين الذين تمنوا أن يجدوا أضاحي يتموا بها شعيرة الله، لكنهم صدموا باستمرار ارتفاع الأسعار.
وأكد مواطنون لـ"عربي21" أن ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام حرمهم من إدخال بهجة العيد على أسرهم، فيما أشار تجار إلى أنهم اضطروا لبيع الأضاحي بـ"رأس مالها"، خشية من خسارتها أو تكدسها لديهم.
وزارة الزراعة في قطاع غزة من جانبها، أكدت أسعار الأضاحي ارتفعت هذا الموسم بنسبة تتراوح بين 20 و25 في المئة مقارنة بالأعوام الماضية، ما أثر بشكل كبير على حجم الإقبال على الأضاحي.
ضعف الإقبال
واشتكى تاجر
المواشي إسماعيل أبو غياض (40 عاما)، والذي يعمل في تجارة المواشي منذ 10 أعوام، من حالة الركود التي تعانيها أسواق الماشية عشية عيد الأضحى، مؤكدا لـ"عربي21" أن نسبة المقبلين على شراء الأضحية هذا العام "لم يتجاوز 50 في المئة"، وفسر ذلك بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطنين في القطاع، من انقطاع رواتب أكثر من 45 ألف موظف، وتعطل عشرات الآلاف من العمال بعد حرب 2014، ناهيك عن ارتفاع أسعار الأضحية.
ونوه إلى أن توالي مواسم الإنفاق على المواطنين، بدءا من شهر رمضان، ومرورا بعيد الفطر وما تلاه من استعداد لموسم المدارس، أفقد الغزيين القدرة الشرائية، وأثقل كاهلهم في توفير ثمن الأضحية، خاصة مع ارتفاع أسعارها.
ونوه أبو غياض، في حديثه لـ"عربي21" أن التاجر مع ضعف الإقبال على الشراء يضطر إلى البيع "بأقل الأسعار"، في إطار التقليل من حجم الخسائر التي يتعرض لها إذا ما بقيت المواشي في مزرعته إلى ما بعد العيد.
وكاد المواطن أشرف الفرا (42 عاما) من خان يونس جنوب قطاع غزة، أن يعزف عن شراء الأضحية هذا العام، وأسبابه كما أخبر "عربي21": ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية، تزامنا مع سوء الأوضاع الاقتصادية وانقطاع الرواتب، ناهيك عن مشكلة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والذي يثير تخوفا لدى المواطنين من فساد ذبائحهم.
المجر ورومانيا
وأضاف: "وجدت في تقسيط ثمن الأضحية وسيلة تيسير، مكنتني من إحياء شريعة الله بذبح الأضحية هذا العام، وإدخال الفرحة على أهلي، خاصة بعدما فقدنا شقيقي الأصغر العام الماضي".
وأثنى الرجل على سلوك بعض تجار المواشي في القطاع باتباعهم وسيلة التقسيط للمقبلين على الأضحية، وتحقيق أمنياتهم، خاصة مع استمرار الحصار والتضييق على الغزيين.
وأوضح الفرا أنه تمكن من دفع نصف ثمن الأضحية البالغ 2400 شيكل (الدولار=3.86 شيكل) لصاحب المزرعة، وسيقسط النصف الآخر على ستة أشهر.
وارتفع سعر كيلو لحم الأضحية من العجول والأبقار بنسة متوسطها خمسة إلى سبعة شواكل للكيلو الواحد، فقد ارتفع السعر من 18 شيكلا العام الماضي، ليصل هذا العام إلى 25 شيكلا. وارتفع سعر كيلو لحم الأضحية من الخراف والغنم ما بين خمسة شواكل و15 شيكلا، ما أثمر عزوفا لدى المواطنين.
وفسر مدير عام التسويق بوزارة الزراعة، تحسين السقا، ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام بـ"منع إسرائيل استيراد المواشي في الفترة ما بين أيار/ مايو وتموز/ يوليو بسبب انتشار مرض الحمى القلاعية في المجر ورومانيا؛ وهما أكبر دولتين مصدرتين للمواشي لغزة"، مؤكدا أن ذلك "أثر على الكميات المعروضة في الأسواق وانعكس على الأسعار".
التاجر الفلسطيني
وأوضح السقا لـ"عربي21"، أن قرار أستراليا بوقف تصدير العجول إلى قطاع غزة بشكل مباشر، بسبب اعتراض منظمات "الرفق بالحيوان" على طريقة الذبح في غزة، كان سببا إضافيا ساهم في رفع الأسعار؛ لأن التاجر الفلسطيني أجبر على الاستيراد من خلال تجار إسرائيليين، مما أدى إلى تكبدهم نفقات مضاعفة انعكست على الأسعار.
وفيما يتعلق بوفرة الأضاحي في أسواق القطاع، أكد المسؤول في وزارة الزراعة أنها "متوفرة"، مشيرا إلى وجود قرابة 14 ألف رأس من العجول والأبقار، وقرابة 35 ألف رأس من الأغنام.
وقال: "هذه الكميات تفي باحتياجات المواطنين المقبلين على الأضاحي"، موضحا أن "المشكلة تكمن في ارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 20 و25 في المئة هذا العام".
وفي السياق، عملت وزارة الزراعة في إطار معالجة متطلبات الحكومة الأسترالية ومنظمات الرفق بالحيوان فيها، مع بلدية غزة على تغيير عملية الذبح، وتم التوافق على ذبح الأضاحي في مسالخ البلدية في أقفاص، بحيث يتم ذبح الأضحية وهي واقفة، آملا أن يؤتي هذا الإجراء إلى تراجع أستراليا عن قرارها بعدم التوريد المباشر لغزة.
وفي خطوة أخرى، بيّن السقا أنه جرى الاتفاق بين تجار فلسطينيين وموردين إسرائيليين، على توريد عجول صغيرة (بحدود 130 كيلوغرام) لإتمام عملية تربيتها وتسمينها في القطاع، مرجحا أن يساهم هذا الإجراء في تخفيض الأسعار العام المقبل.