سأبقى رئيسا للحركة الإسلامية ومتحدثا باسمها حتى لو أخرجت عن القانون
لسنا حركة موسمية حتى تعلن حل نفسها.. ونستمد شرعيتنا من إيماننا بالله
قوة المرابطين والمرابطات في الأقصى مرغت أنف الاحتلال في التراب
الاتفاق الأردني الإسرائيلي الأخير حوّل اقتحامات الأقصى إلى زيارات بريئة
لن يعود لمصر دورها في دعم قضيتنا إلا إذا تحررت من الاحتلال السيسي
أكد رئيس الحركة الإسلامية في
فلسطين المحتلة عام 1948، الشيخ
رائد صلاح، أن "المحاولات العبثية" لوأد الانتفاضة الشعبية الثالثة "لن تنجح، وستبقى هذه الانتفاضة مستمرة حتى زوال الاحتلال الإسرائيلي".
وقال في حوار خاص لـ"
عربي21" إن الانتفاضة "رد فعل طبيعي لتواصل اعتداءات الاحتلال على القدس والمسجد الأقصى، ولا يملك أي إنسان أن يعلن عن نهايتها"، معتبرا أن قرار الاحتلال بسجنه والذي يأتي متزامنا مع سريان الانتفاضة هو "جزء من العدوان المتواصل على كل ما هو فلسطيني".
وعن تطلعه للدور
المصري تجاه القضية الفلسطينية بعد حدوث الانقلاب؛ رأى الشيخ صلاح أن عودة الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية يتطلب أن "يتحرر الشعب المصري من الاحتلال الدموي الذي يقوده السيسي وبلطجيته"، مؤكدا أن "الأدوار الساقطة التي يقوم بها السيسي؛ مؤقتة وستزول".
وحول سبب رفضه "الجذري" للاتفاق الأخير بين الاحتلال والأردن، برعاية وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والقاضي بزرع كاميرات مراقبة داخل
المسجد الأقصى؛ قال إن الاتفاق "يكرس وجود الاحتلال في القدس والأقصى، ويجرم حقنا في الدفاع عنهما".
وشدد الشيخ صلاح على أن سعي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لإخراج الحركة الإسلامية عن القانون "لن يؤثر على مسيرة الحركة، حتى لو كان هناك قرار مشلول بذلك"، مؤكدا أن حركته ترتبط بالثوابت الإسلامية والعربية والفلسطينية، "وليست حركة موسمية حتى تعلن عن حل نفسها".
وبخصوص حديث الشيخ صلاح السابق عن جهات إماراتية مولت تهويد القدس؛ كشف رئيس الحركة الإسلامية حقيقة ما حدث بقوله: "هناك جمعيات إماراتية قدمت دعما لنصرة القدس، لكن اليد التي استلمت هذه الأموال لم تكن يدا أمينة، فقد تلاعبت بها، واستغلتها في عملية مرفوضة، وهي تسريب عشرات بيوت المقدسيين"، مؤكدا أن هذا العمل "لم يستمر ووقف عند حد البيوت التي سربت فقط".
وفي ما يأتي تفاصيل الحوار مع شيخ الأقصى:
* كيف تقرأ تزامن قرار المحكمة الإسرائيلية بسجنك لمدة 11 شهرا، مع سريان الانتفاضة الثالثة؟
- لا شك أن هذه المحاكمة لم تكن لأشخاصنا، وإنما لثوابتنا التي يلتقي عليها كل مسلم وعربي وفلسطيني، والتي نؤكد فيها أن المسجد الأقصى حق إسلامي عربي فلسطيني خالص، وأن الاحتلال الإسرائيلي إلى زوال قريب إن شاء الله، ولذلك فإن هذه المحاكمة جاءت لتجردنا من هذه الثوابت، وتصف حقنا في الدفاع عن القدس والأقصى المباركين؛ بأنه إرهاب ودعوة إلى العنف والتحريض، وهي ذات الصفة التي يحاول أن يلصقها الاحتلال بشعبنا الفلسطيني في الماضي والحاضر. وهنا أؤكد أن هذه المحاكمة هي جزء من العدوان المتواصل على القدس والمسجد الأقصى، وعلى كل شعبنا الفلسطيني.
* إلى ماذا ستفضي محاولات نتنياهو إخراج الحركة الإسلامية عن القانون الإسرائيلي؟
- نحن ما زلنا نؤكد أن شرعيتنا نستمدها من إيماننا بالله، ومن تمسكنا بكل ثوابتنا الإسلامية والعربية والفلسطينية، وفي مقدمتها الانتصار الدائم للقدس والأقصى، ونستمدها أيضا من تواصلنا الدائم مع شعبنا الفلسطيني وعالمنا العربي وأمتنا الإسلامية، وهذه الشرعية ستبقى إلى الأبد، وهي أقوى من كل قرار ظالم قد يصدر من المؤسسة الإسرائيلية أو من غيرها.
نحن أصحاب واجبات دائمة نستمدها من ثوابتنا، وسنبقى نقوم بها، ونحافظ عليها، مهما كلفنا ذلك من ثمن. وأنا شخصيا أقولها بلا تردد: سأبقى أؤكد أنني رئيس الحركة الإسلامية، التي سأدافع عن اسمها وشخصيتها الاعتبارية؛ حتى لو كان هناك قرار مشلول من قبل الاحتلال، وأعلن أنها خارج القانون.
* في حال صدر القرار ماذا ستفعلون؟ وهل يمكن أن تؤسسوا كيانا جديدا؟
- نحن حركة إسلامية إلى ما شاء الله، ولسنا حركة موسمية حتى تعلن عن حل نفسها. نحن نرتبط بثوابتنا الإسلامية والعربية والفلسطينية، وستبقى الحركة الإسلامية ما دامت هذه الثوابت.
لذلك؛ أنا شخصيا يشرفني أن أكون رئيسا لهذه الحركة، وسأبقى رئيسها ومتحدثا باسمها حتى لو تم إخراجها عن القانون، حتى لو كلفني ذلك أي ثمن، سواء كان سجنا أم غيره، سأبقى بهذا المنصب، وسأبقى أدافع عن الحركة الإسلامية، وعن شخصيتها الاعتبارية، وعن الثوابت التي قامت من أجلها.
* ما السر في تركيز الاحتلال على استهداف المرابطات في المسجد الأقصى؟
- الاحتلال لم يكن يظن في يوم من الأيام؛ أن تظهر له قوة رادعة لأحلامه السوداء، وهي قوة المرابطين والمرابطات التي مرغت أنفه في التراب، ووقفت سدا منيعا أمامه، وأحبطت كل مخططاته لتقسيم الأقصى المبارك.
إن الاحتلال على قناعة بأن المرابطين والمرابطات؛ باب الحماية الدائمة والدرع البشري للحفاظ على وحدة المسجد الأقصى، لذلك فهو هو يحاول أن يفكك هذا الموقف الكبير والشجاع من المرابطين والمرابطات، واهما في أنه إن أبعد بعضهم فسيصبح صاحب السيادة على الأقصى. نقول له: أنت تكذب على نفسك، أنت محتل، تدخل الأقصى لصا وستخرج منه لصا.
* لماذا رفضتم الاتفاق الأخير بين الاحتلال الإسرائيلي والأردن، القاضي بوضع كاميرات مراقبة داخل المسجد الأقصى؟
- هذه التفاهمات التي صيغت بين كيري ونتنياهو؛ هي ضحك على الذقون، وذر للرماد في العيون.. لماذا؟ لأنها جاءت لتكرس وجود الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى، ولتظهر اقتحامات الاحتلال للأقصى على أنها زيارات بريئة، ولتجرم حقنا في الدفاع عن المسجد الأقصى، ولتدعي كذبا أن دفاعنا عنه تحريض ودعوة للعنف.
ويضاف لما سبق؛ أن اللغة التي اختيرت لتلك التفاهمات؛ لغة تحمل خطرا كبيرا على الأقصى، فكيري عندما يقول إن هذا المكان هو جبل الهيكل؛ فهذا يعني أنه ألغى أي حق للمسلمين والعرب والفلسطينيين في المسجد الاقصى، وهو تكريس لهيمنة احتلالية مطلقة على المسجد الأقصى.
وبناء على ذلك؛ فنحن رفضنا هذه التفاهمات جذريا، ورفضنا ما يبنى عليها رفضا مطلقا؛ لأننا -نحن أصحاب الحق في المسجد الأقصى، والمكلفين بحمايته والحفاظ عليه- لا نحتاج إلى كاميرات، وليذهب الاحتلال إلى الجحيم غير مأسوف عليه.
* ماذا ستفعل الحركة الإسلامية في حال تم تنفيذ هذا الاتفاق على أرض الواقع؟
- نحن سنبقى ندعو إلى نزع الشرعية عن هذه التفاهمات، وسندعو إلى إنهائها قبل بدايتها؛ حتى لا يكون هناك أي تأثير شرير لهذه التفاهمات. وسنبقى نتعاون مع أهلنا في القدس، ومع هيئة الأوقاف الإسلامية، والهيئة الإسلامية العليا، وفي مقدمتهم فضيلة الشيخ عكرمة صبري، حتى نحمي المسجد الأقصى المبارك من ويلات هذه التفاهمات.
* هناك من يتحدث عن موافقة عربية غير معلنة على تقسيم الأقصى، ما صحة ذلك؟
- أنا أستبعد أن يكون هناك إنسان مسلم أو عربي أو فلسطيني؛ يفكر أو يوافق على ذلك، فالمسجد الأقصى لا يقبل الشراكة ولا التقسيم، والاحتلال يروج لمثل هذه الألاعيب. وهنا أنا أدعم تحديدا التصريح الذي أدلى به الملك عبدالله الثاني، وقال فيه إن المسجد الأقصى حق إسلامي لا يقبل التقسيم، وهو مكان صلاة للمسلمين فقط.
* ذكرتم في تصريحات سابقة؛ أن هناك جهات إماراتية موّلت تهويد القدس.. هل ما زال هذا التمويل مستمرا؟
- دعني أضع الأمور في نصابها الحقيقي.. نحن قلنا وما زلنا نقول إن هناك جمعيات إماراتية -بغض النظر عن أسمائها- تكرمت مشكورة وقدمت دعما لنصرة القدس والمسجد الأقصى، لكن اليد التي استلمت هذه الأموال لم تكن يدا أمينة، لأنها تلاعبت بهذه الأموال لدرجة أنها استغلتها في عملية مؤلمة ومرفوضة ومدانة، وهي تسريب عشرات بيوت المقدسيين. هذه اليد غير الأمينة -المعروفة لدينا باسمها- لا شك أنها تتحمل وزر هذا العمل القبيح جدا.
وفي الوقت نفسه؛ أؤكد أن هذا العمل لم يستمر، وانتهى ووقف عند حد البيوت التي سُربت فقط، وإن كنا ما زلنا نألم على ما كان، ونأمل في أن نتعاون دائما على إحباط أي محاولة لتسريب أي بيت جديد اليوم، أو غدا.
* ما تقييمكم للدور المصري تجاه القضية الفلسطينية بعد انقلاب العسكر بقيادة عبدالفتاح السيسي؟
- مصر اليوم محتلة من السيسي وزبانيته، وحتى يكون لها دورها الكبير في دعم القضية الفلسطينية؛ فإنها يجب أن تتحرر أولا من الاحتلال السيسي وبلطجيته، ونحن على يقين من أن الشعب المصري لن ينسى فلسطين، ولا القدس والأقصى، وهذه الأدوار الساقطة التي يقوم بها السيسي تجاه فلسطين؛ أدوار مؤقتة، وستزول، وسيعود الدور المصري الحقيقي المناصر والمساند للقضية الفلسطينية.
* منعكم الاحتلال مؤخرا من السفر، وكنتم تحملون مشروعا طموحا بعنوان "برلمانيون من أجل القدس".. إلى أين وصل؟
- هذا المشروع حاليا له بناء وقاعدة صلبة، وينتظره دور واعد، كنت أتمنى أن أشارك في مؤتمر "برلمانيون من أجل القدس"، لكني منعت من السفر، ومع ذلك ألقيت كلمة تحية عبر الهاتف إلى كل الحضور.
الآن؛ هذا المشروع قام على قدميه شامخا، يجمع بين برلمانيين من عشرات الدول العربية والإسلامية، ويضم أكثر من 100 برلماني، وهو يمثل وحدة الحال المطلوبة للالتفاف حول قضية القدس والأقصى، ولتوجيه رسالة للاحتلال مفادها أنه "لن يأتي يوم تستفرد به في القدس والأقصى والشعب الفلسطيني".
* ما قراءتك لمستقبل الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، في ظل الحديث عن محاولات دولية لوأدها؟
- هذه محاولات عبثية، ولن تنجح؛ لأن هذه الانتفاضة شعبية، وهذا يعني أنه لا يملك أي إنسان أن يعلن عن نهايتها، فهي رد فعل طبيعي لتواصل اعتداءات الاحتلال على القدس والمسجد الأقصى، وما دام هناك احتلال، فإن هذه الانتفاضة ستبقى مستمرة، وأعتقد أنها لن تتوقف إلا بزوال الاحتلال، وإن تعرضت في بعض مراحلها لحالة من الفتور.
* في نظركم؛ ما المطلوب فلسطينيا وعربيا وإسلاميا تجاه القدس والقضية الفلسطينية؟
- فلسطينيا؛ لا شك أن المطلب الأساس هو تجاوز حالة الخلاف الفلسطيني نحو وحدة صف؛ تجمع بين كامل القيادة، وكامل الفصائل، وكامل جماهير شعبنا الفلسطيني، وبشكل خاص أن تجمع بين مصير قطاع غزة، وبين مصير الضفة الغربية والقدس المحتلة وما حولها، فإن في ذلك القوة والإرادة التي تردع الاحتلال.
أما على الصعيد الإسلامي والعربي؛ فعلى الحكومات والشعوب أن يعلموا أن قضية فلسطين والمسجد الأقصى قضية كبيرة، وعليهم أن يعملوا لهدف واحد فقط؛ هو التعجيل بزوال الاحتلال الإسرائيلي.