قررت ثلاث شخصيات من
مجموعة الـ19، المكونة من شخصيات وطنية وسياسية وتاريخية، بالجزائر، الانسحاب من المجموعة التي وقعت طلبا للرئيس الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة قصد لقائه للتأكد من حقيقة كونه هو من يتخذ القرار بالبلاد.
الموقعون الثلاثة على طلب لقاء الرئيس انسحبوا من المبادرة بمبرر أنهم "تسرعوا بالتوقيع" كما ذكر هؤلاء في بيان لهم، الخميس.
وقال بيان المنسحبين "لقد أخذت الأحداث منحى لا يشبهنا، ولا يمكن بأي حال الاستمرار بهذا المسعى".
وصرحت زهرة ظريف، وهي مجاهدة وشخصية تاريخية بارزة بالجزائر، وعضو من مجموعة الـ19، التي صارت تنعت بـ"مجموعة الـ19 ناقص ثلاثة"، لصحيفة
"عربي21"، الخميس، "المنسحبون أحرار بموقفهم، لكن أعتقد أن هؤلاء تعرضوا لضغوط كبيرة دفعت بهم إلى تحرير بيان الانسحاب".
وتعقد مجموعة الشخصيات مساء الجمعة، اجتماعا تقييميا بعد مرور أسبوع عن رسالة طلب لقاء الرئيس الذي لم يستجب له. بحسب ما أفاد المصدر ذاته لصحيفة
"عربي21".
ولم تعر
السلطة بالجزائر لأي حراك معارض، منذ بداية ثورات الربيع العربي، كذلك الاهتمام الذي تحول لديها، إلى انشغال عميق بعد إعلان 60 شخصية وطنية جزائرية رغبتها في
لقاء الرئيس بوتفليقة للتأكد إن كان هو فعلا من يتخذ القرارات.
ومن جملة 60 شخصية وطنية، سياسية وتاريخية وحزبية، ووزراء سابقين، وقع 19 منهم رسالة طلب لقاء الرئيس الجزائري، الخميس الماضي، في مسعى لقي ردود فعل عنيفة من أحزاب الموالاة، على رأسها الحزب الحاكم "جبهة التحرير الوطني".
ومر أسبوع عن إيداع طلب لقاء الرئيس بوتفليقة دون أن يتلقى موقعو الرسالة ردا من الرئاسة بالجزائر سواء بالقبول أم بالرفض، لكن الإشارات التي وصلت المجموعة من أحزاب الموالاة تحمل، بحسب المراقبين، ردا باستحالة أن يقبل الرئيس لقاء الشخصيات الوطنية الجزائرية.
وأوقع طلب لقاء الرئيس الجزائري من قبل تلك الشخصيات السلطة في حرج كبير، فاق ذلك الحرج الذي وقعت فيه لما نظمت أحزاب المعارضة، مجتمعة، مؤتمر "زرالدة"، تموز/ يوليو من العام الماضي، من أجل بدء خطوات "الانتقال الديمقراطي".
وقال الأخضر بورقعة، وهو من الرعيل الأول الذي فجر الثورة الجزائرية عام 1954، والموقع على الرسالة التي وجهت للرئيس "ننتظر رد الرئيس بوتفليقة، وإن لم يفعل سننظم مؤتمرا صحفيا لنعلم الجزائريين بذلك، وندرس ورفاقي الخطوة الموالية"، وتابع بورقعة في تصريح لصحيفة
"عربي21"، "شخصيا أريد لقاء الرئيس لمعرفة مواقفه مما يحصل، ومعرفة أيضا إن كان هو من يقرر بالجزائر أم أطراف أخرى".
وأفاد الأخضر بورقعة "الجزائر في خطر، وسيادتها أيضا في خطر. أنظروا ما يجري على حدودنا من تهديدات".
وشدد الأخضر بورقعة، ردا على سعداني بالقول "نحن جزائريون ويحق لنا معرفة مواقف الرئيس بوتفليقة فيما يهمنا ويهم بدلنا، وقد نعتونا بلعب دور لجنة طبية لمعرفة الوضع الصحي للرئيس، هذا غير صحيح، لكن يهمنا معرفة من يصدر القرارات باسم رئاسة الجمهورية".
وهاجم عمار سعداني الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم بالجزائر) الشخصيات التي وقعت الرسالة، وقال في مؤتمر صحفي، الإثنين الماضي "من يكون هؤلاء حتى يطلبون لقاء الرئيس؟".
لكن خليدة تومي، وزيرة الثقافة السابقة، وإحدى الموقعين على الرسالة، أفادت بتصريح لصحيفة
"عربي21"، الخميس "نحن مجموعة من الجزائريين يريدون لقاء رئيسهم، أتساءل ما دخل عمار سعداني في هذا؟" وتابعت "راسلت الرئيس بوتفليقة قبل أشهر، لكني لم أتلق الرد. لا أحد يستطيع إيصال رسالته للرئيس، وأتساءل من يحجب الرسائل عنه؟" بينما اتهامات توجه للمحيطين بالرئيس الجزائري، لمنع إطلاعه بمجرى الأمور.
ونادرا ما يظهر الرئيس الجزائري، منذ انتقاله للعلاج بباريس، شهر نسيان/ أبريل من العام 2013، ويقتصر ظهوره على استقبال مسؤولين أجانب، وأحيانا في الأعياد الوطنية للجزائر.
وأثارت القرارات الصادرة عن الرئاسة بالجزائر شكوكا لدى المعارضة بخصوص مصدر تلك القرارات بدائرة الحكم بالجزائر.
وأهم تلك القرارات إنهاء مهام مدير الاستخبارات الجزائرية الفريق محمد مدين وضباط كبار بالجهاز، يتردد أن بعضهم عارض ترشح الرئيس الجزائري لولاية رابعة بانتخابات الرئاسة التي جرت يوم 17 نيسان/ أبريل من العام الماضي 2014.
وهزت رسالة مجموعة الـ19، أركان الدولة، وترجم ذلك بردود عنيفة من أحزاب الموالاة التي اتهمت المجموعة بمحاولة زعزعة استقرار البلاد.
وقال الوزير الأول عبد المالك سلال، الإثنين الماضي بمحافظة البليدة، غرب العاصمة، على هامش تفقده لبعض المشاريع "لا وقت لدينا للخوض في جدال سياسوي، والرئيس هو حامي الدستور ولا أحد غيره، وعلى هؤلاء أن يحترموا مؤسسات الجمهورية الجزائرية".