لم يعترف
تنظيم الدولة في
العراق إلى الآن بخسارة
الرمادي، رغم التأكيدات الرسمية العراقية، والتلميح الأمريكي، ويصر أنصار التنظيم على أنها معارك كر وفر، وأن "المسلمين بانتظار بشائر النصر رغم التكالب الدولي والعربي على الدولة الإسلامية".
وخلال الخمسة أيام الماضية، ظلت الماكينة الإعلامية للتنظيم تنشر عن المعارك الضارية بين القوات العراقية مدعومة بالضربات الجوية للتحالف الدولي، وبين مقاتلي التنظيم، محاولة إبراز بسالة مقاتلي التنظيم ومعنوياتهم العالية.
ونشرت المواقع الإعلامية المحسوبة على التنظيم عددا من الأخبار والمقاطع المصورة لعمليات انتحارية، ومهاجمة ثكنات، وعطب آليات، مستهجنة في الوقت نفسه الضربات الجوية التي قالوا إنها تستهدف الأبرياء والمدنيين والبنية التحتية للمدينة. في الوقت ذاته كانت وسائل الإعلام العراقية تبث أخبار توغل القوات الحكومية في الرمادي والسيطرة على مدن
الأنبار الواحدة تلو الأخرى.
نشوة الانتصار
وأعلن رئيس الوزراء حيدر
العبادي تحرير مدينة الرمادي، وبارك بيان لمجلس الوزراء للشعب العراقي تحرير المدينة، مؤكدا وقوع أعداد كبيرة من الإرهابيين قتلى قبل تحقيق الانتصار.
وذهب مجلس الوزراء العراقي إلى أبعد من ذلك معلنا أن الخطوة المقبلة هي تحرير الموصل، و"تطهير كل الأراضي العراقية المغتصبة من عصابة داعش الإرهابية".
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول، في بيان متلفز بثته قناة "العراقية" الحكومية: "لقد تحررت مدينة الرمادي، ورفعت القوات المسلحة من رجال جهاز مكافحة الإرهاب العلم العراقي فوق المجمع الحكومي بالأنبار".
وقالت وزارة الدفاع العراقية في بيان لها، إن التشكيلات العسكرية حررت المناطق المؤدية إلى مركز مدينة الرمادي ضمن المحور الجنوبي و"سحقت التنظيمات الإرهابية وأحبطت عددا من العمليات الانتحارية".
واعترفت أنها تأخرت في التقدم بسبب العبوات الناسفة التي تركها التنظيم وراءه بمعدل عبوة ناسفة لكل متر مربع، وأنها الآن "تمسك الأرض بقوة".
التحالف أقل تفاؤلا
من جهته كان التحالف الدولي أقل تفاؤلا، ولم يعلن أن المعركة انتهت وأن القوات العراقية استعادت الرمادي، إذ إنه رحب المتحدث باسم التحالف ستيف وارن بفرار "الجهاديين" من المجمع الحكومي في الرمادي، معتبرا أن هذا النصر "هو نتيجة شهر من الجهود الشاقة التي بذلها الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب وسلاح الجو العراقي وقوات الشرطة المحلية والاتحادية إضافة إلى مقاتلي العشائر، مدعومين جميعا بأكثر من 600 غارة جوية نفذها التحالف منذ تموز/ يوليو".
لكنه حذر قائلا إن التنظيم "لا تزال لديه مخالب".
ربع انتصار
وفي قراءة تحليلية للمشهد، قال المستشار في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية والمحلل السياسي يحيى الكبيسي، إن ما أعلن عن معارك الرمادي هو إنجاز محدود، وإن إعلان تحرير الرمادي مبالغ فيه، و"يعكس طبيعة النشوة بعد السيطرة على المجمع الحكومي".
وتابع في مداخلة له على فضائية "الجزيرة"، بأن نسبة المناطق المستعادة من التنظيم هي ما بين 25 و30% فقط من مساحة المدينة.
وقال إن العبادي يتجاوز في تفاؤله، والأمر مرده إلى الخطاب العراقي السياسي منذ 2003 وهو حديث عن إنجازات وحسم سريع، وهي إنجازات لن يتذكرها أحد بعد وقت قصير، لافتا إلى أنه لا يعول على التصريحات الرسمية العراقية.
وعن الدور الأمريكي في المعركة، قال إن الأمريكان يحاولون إنجاح النموذج الأمريكي في قتال تنظيم الدولة، وهو أن القوات الحكومية العراقية فقط بإمكانها الحسم دون مشاركة المليشيات المسلحة المدعومة إيرانيا، في مواجهة النموذج الإيراني الذي يفضل مشاركة مليشيات الحشد الشعبي.
وبين ثلاث روايات لا يعلم أحد حتى الآن ماذا خسر التنظيم من مساحته في العراق، ولا مصير المناطق التي استردتها القوات العراقية، ولا دور التحالف الدولي في العراق بعد "تحرير" الرمادي.