نشر موقع "ميدل إيست آي" في لندن تقريرا للصحافي ماهان عابدين، قال فيه إنه "في الوقت الذي يحتفل فيه الرئيس
الإيراني حسن
روحاني بنجاح سياسته الخارجية خلال جولته في أوروبا، فإنه أزعج المؤسسة في بلاده، عندما ظهر وكأنه يشكك في نزاهة عملية المصادقة على المرشحين التي يقوم بها
مجلس الأوصياء".
ويضيف عابدين: "يعد المراقبون الانتقاد الذي وجهه روحاني لمجلس الأوصياء الأسبوع الماضي؛ بسبب عدم مصادقة المجلس على ترشح سبعة آلاف شخص، أول اصطدام حقيقي بين روحاني والنخبة المسيطرة في المؤسسة الإيرانية".
ويشير التقرير إلى أن محاولة آية الله
خامنئي الدفاع عن مجلس الأوصياء مباشرة، اعتبرت زجرا مباشرا لروحاني، بالإضافة إلى كونها تعكس طبيعة هذا القائد الإيراني، الذي يصر على تأييد الإجراءات القانونية المتعارف عليها للوصول إلى
الانتخابات.
ويبين الموقع أن روحاني وحلفاءه يرون أن انتخابات مجلس الخبراء المقررة في تاريخ 26 شباط/ فبراير، مهمة جدا لحظوظهم السياسية في منتصف دورتهم، فإن تمكن المحافظون وحلفاؤهم المتشددون من المحافظة على نسبتهم في البرلمان، أو الزيادة عليها، فإن ذلك يقلل من فرص فوز روحاني بدورة رئاسية ثانية العام المقبل.
ويلفت الكاتب إلى أنه "إضافة لما تقدم، فإن روحاني لا يقف على أرضية صلبة من ناحية قانونية، عندما يتحدى سلطة مجلس الأوصياء، وحتى وإن أراد المواجهة فإنه لا يملك القاعدة السياسية لمواجهة المؤسسة".
ويورد التقرير أنه "باتخاذ روحاني هذا الموقف المتحدي، فقد يأمل في تكوين قاعدة انتخابية مؤيدة للإصلاحات، رغم أنه لا يستطيع الادعاء بعضوية أي تيار إصلاحي، ناهيك عن قيادته. ولكن هذه المقاربة، التي تبدو ذكية على المدى القصير، ليست دون مخاطر على المدى الطويل".
ويوضح الموقع أن منتقدي النظام عادة ما يشيرون إلى عمليه المصادقة على المرشحين لإبراز عدم ديمقراطية النظام، ويتركز الانتقاد في العادة على مجلس الأوصياء، وهو الجهاز المسؤول عن التدقيق في صلاحية المرشحين.
وينوه عابدين إلى أن مجلس الأوصياء يتكون من مجلس مؤلف من 12 عضوا، ومؤلف من عدد متساو من رجال الدين ورجال القانون، الذين يعينهم القائد والمجلس، كما أن مجلس الأوصياء هو السلطة العليا في القضايا المتعلقة بالدستور وتفسيره، مشيرا إلى أن المجلس يعد باختصار أعلى سلطة قانونية في البلاد، ويجب على السلطات الثلاث في الحكومة قبول حكمه في القضايا الدستورية.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن الانتقاد الموجه إلى مجلس الأوصياء يتركز على الانتقائية في عملية قبول المرشحين، وأنه يميل إلى تفضيل المرشحين المحافظين، أو الأشخاص الذي يتفقون تماما مع المؤسسة، وينتقد المجلس؛ لأن أسلوبه في الاختيار ليس عادلا تجاه مؤيدي الإصلاحات.
ويقول الموقع إنه من المهم هنا "أن يذكر أن مجلس الأوصياء يرفض أيضا ترشح بعض الأشخاص المحافظين، وحتى بعض من كان لهم تاريخ طويل في المجلس أو غيره من المؤسسات؛ على أساس أنهم إما غير مناسبين أو غير أكفاء، فمثلا تحضيرا للانتخابات القادمة، قام مجلس الأوصياء بعدم المصادقة على حميد راسائي وهو متشدد معروف".
ويعلق الكاتب قائلا: "إن كثيرا من الناقدين لا يفهمون عمليه المصادقة، فإن مجلس الأوصياء لا يؤلف وجهة نظر خاصة به عن الأشخاص المتقدمين للترشح، ولكنه يعتمد على عدد من لجان التحقيق، معظمها مدارة من وزارة الداخلية والمخابرات، لجمع المعلومات عن المتقدمين للترشح وتقييمها".
ويذكر التقرير أن عمل لجان التحقيق تقيده بروتوكولات أمنية تم تصميمها من الدوائر الأمنية، التي لا علاقة لها مع مجلس الأوصياء، "وعليه، فإن الهدف المهم من ذلك كله هو الحفاظ على سلامة أجهزة صنع القرار في الجمهورية الإسلامية، عن طريق التخلص من المتسللين والعناصر غير المرغوب فيهم. ولتحقيق هذا الهدف، تقوم أجهزة التحقيق بجمع أكبر كم من المعلومات عن المتقدمين للترشح، وتقوم بالتحقيق في خلفياتهم".
ويرى الموقع أن اتهام مجلس الأوصياء بالانحياز السياسي يحتاج إلى إهمال للعملية المعقدة المستخدمة لإدارة عملية التمحيص، كما أنه أيضا ينسى أن وزارة الداخلية ووزارة المخابرات هي تحت سيطرة حلفاء روحاني.
ويجد عابدين أنه "باصطفاف روحاني مع ناقدي مجلس الأوصياء، فإنه يضع نفسه على أرضية قانونية مهتزة، وهذا أمر غير مقبول منه، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار خلفيته القانونية، التي استغلها خلال انتخابات 2013، حيث طرح نفسه للناخب على أنه محام".
وبحسب التقرير، فقد انتقد الإعلام المتشدد روحاني؛ لهجومه على مجلس الأوصياء، كما أن المتشددين منزعجون جدا؛ لأن روحاني خرق الأعراف القانونية، وانتقد مجلس الأوصياء أمام جمهور أجنبي خلال جولته في أوروبا.
ويرى الموقع أنه "يجب عدم تفسير هجوم روحاني على مجلس الأوصياء بأنه نية سياسية؛ لأن روحاني لا يملك الإرادة ولا النية لمواجهة المؤسسة. وإن معارضة روحاني لرفض المتقدمين للترشح ليس إلا إيماءة سياسية مصممة لكسب قاعدة انتخابية بين مؤيدي الإصلاح".
ويقول الكاتب إنه "لاستيعاب ما يدفع روحاني لمثل هذه المواقف السابقة للانتخابات، فإنه يجب فهم المأزق السياسي الذي يعيشه، فروحاني وحلفاؤه ليست لهم قاعدة سياسية، ولذلك فهم يتطفلون على المجموعات المؤيدة للإصلاح".
ويستدرك التقرير بأن "هذه المقاربة لها حدودها؛ لأن روحاني وحلفاءه خالون تماما من أي مؤهلات إصلاحية، فحلفاء روحاني ومؤيدوه هم من الوسط والمحافظين، وهم مهتمون بالدرجة الأولى بوظائفهم ومناصبهم، ولن يقبلوا القيام بأي عمل يهدد مصالحهم الشخصية أو مصالح فصيلهم".
ويشير الموقع إلى أن اصطفاف روحاني إلى جانب الإصلاحيين يضطره أن يتبنى شيئا من خطابهم، فمثلا وظف روحاني مفهوم "الكفاءة" مقابل "الولاء"؛ ليجادل لصالج الجدارة على حساب المؤهلات الثورية.
ويلفت عابدين إلى أن "هذه الثنائية المفترضة تحدث عنها أولا الرئيس الأول للجمهورية الإسلامية أبو الحسن بني صدر، وهي تشكل الدعامة الأساسية للخطاب الإصلاحي. وكان بني صدر شخصية بائسة في تاريخ الجمهورية، واتهم بالخيانة في حزيران/ يونيو 1981. وأشار المتشددون إلى مصير بني صدر تحذيرا لروحاني".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالقول إنه "مع أن سيناريو بني صدر ليس واقعيا، فإن هناك طرقا قانونية يمكن من خلالها مواجهة الطموحات المتنامية لمعسكر روحاني".