مع اقتراب الدين المحلي للحكومة
المصرية إلى 2.5 تريليون جنيه، بزيادة تريليون خلال 3 سنوات، هي عمر الانقلاب العسكري، ناهيك عن دين خارجي بلغ حوالي 894 مليار جنيه، وهو ما يكلف البلاد 1.5 مليار جنيه يوميا، قيمة الفوائد والأقساط، يتساءل خبراء عن التركة الثقيلة التي ستلقى على كاهل الأجيال القادمة في مصر.
فوائد الدين تتجاوز 28% من الموازنة
وكان وزير المالية المصري، عمرو الجارحي، قد قال في نيسان/ أبريل الماضي إن حجم الفوائد على
ديون البلاد سيصل إلى 299 مليار جنيه في الموازنة المقبلة، للسنة المالية 2016-2017، بما يتجاوز 28 في المئة من حجم المصروفات.
"
عربي21" طرحت عدة تساؤلات على خبراء ومتخصصي
الاقتصاد المصريين، بشأن إجمالي الدين الداخلي والخارجي للبلاد، وحجم الفوائد السنوية المترتبة عليهما ونسبتها من
الميزانية، ومن هم أهم الدائنين، إضافة إلى أثر تراكم هذه الديون وتضاعفها على مستقبل الأجيال القادمة.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي ممدوح الولي؛ إن إجمالي تقديرات حجم الدين العام حاليا تصل إلى حوالي 3 تريليونات و460 مليار جنيه، موزعة بين دين خارجي بلغ حوالي 894 مليار جنيه، ودين عام داخلي يبلغ حوالي 2 تريليون و566 مليار جنيه.
أرقام مخيفة
ولفت الولي إلى أن الدين الخارجي في نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي بلغ 47.8 مليار دولار، أي ما يعادل 420 مليار جنيه بسعر الصرف الرسمي، بالإضافة إلى قرض البنك الأفريفي بنحو نصف مليار دولار، والقرض الصيني بنحو 1.8 مليار دولار، والقرض السعودي لشراء منتجات بترولية بنحو 20 مليار دولار، وتمويل شركة سيمنس لمحطات توليد كهرباء بنحو 9 مليارات دولار، وذلك دون احتساب
القروض العسكرية.
وأكد أن الدين العام المحلي بلغ بنهاية الشهر ذاته 2368 مليار جنيه، فيما بلغت الزيادة الشهرية بالدين المحلي الحكومي حوالي 39.5 مليار جنيه، ليصل الدين العام المتوقع بنهاية شهر أيار/ مايو الحالي إلى 2566 مليار جنيه.
وعن تكلفة الدين الحكومي المحلي والأجنبي بموازنة العام المالي الجديد (2016/2017)، يوضح الولي أنها تبلغ 548.8 مليار جنيه، موزعة ما بين فوائد بقيمة 292.5 مليار جنيه، وأقساط بنحو 256.3 مليار جنيه.
أين ينفق الانقلاب القروض؟
وفيما يخص الأوجه التي تُنفق فيها هذه القروض، قال الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي؛ إن "أغلب الديون الخارجية تتم لإنفاق جارٍ، أي لاستيراد سلع البطاقات التموينية والقمح، والسفريات الحكومية، وسداد أقساط وفوائد الديون القديمة، وشراء مستلزمات الداخلية لفض المظاهرات، وبالتالي ليست موجهة لمشروعات إنتاجية معينة"، وفق تأكيده.
أما عن الديون الداخلية، فيوضح الولي أنها "تتم لسد عجز الموازنة، وسداد فوائد وأقساط الديون، ومتطلبات الإنفاق الجارى بالموازنة من أجور للموظفين، ودعم وشراء سلع وخدمات لإدارة دولاب العمل الحكومي بالوزارات والمحافظات، والاستثمارات الحكومية"، مشيرا إلى أن تلك الاستثمارات عادة ما تتجه للبنية الأساسية، من طرق ومياه شرب وصرف صحي وإسكان، وإلى الخدمات مثل الخدمات الصحية والتعليمية.
1.5 مليار جنيه تكلفة الديون يوميا
أما عن أثر تراكم الديون على الأجيال القادمة، فيشير الولي إلى أن الآثار تتضح من بلوغ تكلفة الدين الحكومي بالموازنة 548.8 مليار جنيه، مقابل استحواذ الاستثمارات بالموازنة 107 مليارات جنيه فقط، رغم أن رقم الاستثمارات الذي أعلنت الحكومة عنه بالسنوات المالية الثلاث الأخيرة لم يتحقق.
ويشير الولي إلى أن تكلفة الدين تتطلب من الحكومة تخصيص إنفاق يومي خلال العام المالي القادم يبلغ 1.5 مليار جنيه، منها 801 مليون جنيه يوميا لفوائد الدين الحكومي، و702 مليون جنيه لأقساط الدين.
من يدفع الثمن؟
ويحذر الولي من أن تلك السياسات لن تمكن الحكومة من رفع أجور العاملين لديها، بل ستسعى لتقليل عددهم للتخفيف من أعباء أجورهم، وستقوم بخفض الإنفاق على بند شراء السلع والخدمات للجهات الحكومية، ما يعني نقص الأدوية والمستلزمات الطبية بالمستشفيات، ونقص المستلزمات التعليمية بالمدارس، ونحو ذلك.
وأشار إلى خفض دعم الوقود، كما حدث بالفعل، وقلة الإنفاق على الاستثمارات الحكومية، ما يطيل عمر إنشاء المشروعات، ويؤجل تحسين الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها.
ويضيف: "بالطبع ستلجأ الحكومة لزيادة الضرائب والرسوم لمحاولة الوفاء بفوائد وأقساط تلك الديون، ومن هنا تجيء ضريبة القيمة المضافة الجديدة، واقتراح ضريبة التضامن الاجتماعي التي تم الإعلان عنها منذ أسبوعين، وإعلان وزير المالية عن الاتجاه لرفع عدد من الرسوم".
القاهرة على خطى أثينا
من جانبه، يقول علاء البحار، الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، إن الديون المترتبة على مصر مؤهلة للارتفاع بعد قروض محطة الضبعة النووية إلى جانب القروض السعودية الأخيرة.
وأشار إلى أن "مصر تسير على خطى اليونان"، معللا ذلك بوجود زيادة قياسية في حجم وفوائد الديون، وتراجع قياسي في الإيرادات، وخاصة السياحة وقناة السويس وتحويلات العاملين في الخارج، لافتا إلى أن حجم فوائد الديون في الموازنة المقبلة سيزيد من 244 مليار جنيه العام المالي الجاري إلى نحو 300 مليار جنيه العام المالي المقبل.
ويرى البحار أن النظام الحالي يقوم بتحميل الكارثة للمواطن البسيط، عبر ديون قياسية وخفض غير مسبوق للدعم (35 مليار جنيه فقط لدعم الوقود الذي بلغ في عام حكم الرئيس مرسي 134 مليار جنيه).
الجنيه إلى كارثة
ويتوقع البحار أن يواصل الجنيه انهياره ليصل سعر الدولار إلى أكثر من 12 جنيها في السوق الرسمية خلال هذا العام، في حالة استمرار السياسات النقدية المتضاربة.
ويصنف البحار الدائنين لمصر إلى المؤسسات الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)، والمملكة العربية السعودية والإمارات، في المقام الأول، وانضمت إليهم مؤخرا روسيا بقرض قياسي قيمته 25 مليار دولار، مؤكدا أن تلك القروض لم تستخدم إلا في مشروع محطة الضبعة النووية، لتوليد الطاقة الكهربائية، المثير للجدل.
وتمتد فترة القرض الروسي الأخير إلى 13 عاما، ابتداء من عام 2016، وبفائدة سنوية تبلغ 3 في المئة.
اقرأ أيضا: خبير نووي يكشف لـ"عربي21" مخاطر مشروع "الضبعة" المصري