نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا ذكرت فيه أن موجة الإقالات طالت العديد من العسكريين في الجزائر، حيث أقال مؤخرا الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، قائد الناحية العسكرية الرابعة اللواء عبد الرزاق شريف، وقائد القوات البرية اللواء أحسن طافر.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في 17 آب/ أغسطس تمت إقالة قائدي الناحية العسكرية الأولى والثانية وتعويضهما بمسؤولين آخرين. وطالت هذه الإقالات أيضا المديرية المركزية لأمن الجيش، المختصة في حماية الشخصيات العسكرية والمنشآت التابعة للجيش.
وأشارت المجلة إلى أن قناة "النهار" الجزائرية الخاصة أكدت يوم 27 آب/ أغسطس أن اللواء عبد الرزاق شريف، قد تمت تنحيته ليحل محله حسان علايمية. وعين اللواء سعيد شنقريحة، قائد الناحية العسكرية الثالثة، مكان اللواء أحسن طافر، على رأس قيادة القوات البرية، فيما لم تؤكد رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع هذه الأخبار أو تنفيها.
تجدر الإشارة إلى أن المؤسسة العسكرية تخضع منذ فترة لموجة من الإقالات والتعيينات الجديدة في صلب قادة النواحي العسكرية، بالإضافة إلى مسؤولين في السلك الأمني.
ونوهت المجلة بأن هذه الإقالات لم تستثن المديرية المركزية لأمن الجيش، حيث تمت تنحية اللواء محمد تيراش، المعروف باسم "الجنرال لخضر" من رئاسة هذه المديرية التي تولى قيادتها منذ صيف سنة 2013.
بالإضافة إلى ذلك، أقيل الجنرال بومدين بن عتو، من منصبه كمراقب عام للجيش ليخلفه المدير المركزي السابق للمعتمدية، اللواء حاجي زرهوني. ويبدو أن رياح التغيير والإقالات لن تتوقف عند هذا الحد، حيث من المنتظر أن تكشف الأيام القادمة عن أسماء أخرى سيتم استبعادها من هياكل الجيش وأجهزة الأمن الجزائري.
وذكرت المجلة أنه خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي، تم إنهاء مهام المدير العام للأمن الوطني، الجنرال عبد الغني هامل. وقد تولى هامل هذا المنصب منذ تموز/ يوليو سنة 2010، وكان من بين أبرز الأسماء المرشحة لخلافة عبد العزيز بوتفليقة في رئاسة الجمهورية.
ويبدو أن الجنرال هامل دفع ضريبة "فضيحة الكوكايين"، التي أطاحت بمسؤولين سامين في جهاز الدولة، من بينهم قضاة، ومسؤولون بارزون في الجيش، بالإضافة إلى السائق الخاص للجنرال عبد الغني هامل.
وأكدت أن الإقالات طالت الدرك الوطني أيضا، إذ تمت إقالة اللواء مناد نوبة، من منصب رئيس الدرك الوطني الجزائري. وعين محله العميد غالي بلقصير، المعروف بعدائه الشديد للجنرال عبد الغني هامل.
في الأثناء، ليس هناك ما يؤكد أن رابطا مباشرا أو غير مباشر يجمع بين "فضيحة الكوكايين" الأخيرة وموجة الإقالات التي طالت رؤساء النواحي العسكرية وهياكل أخرى في القوات المسلحة.
وقالت المجلة إن هذه الموجة من الإقالات ليست الأولى من نوعها التي تضرب المؤسسة العسكرية، فخلال شهر شباط/ فبراير سنة 2000، وشهر آب/ أغسطس سنة 2004، قام الرئيس بوتفليقة بتعديل شمل قادة عسكريين. وفي تلك الفترة، أي خلال سنة 2004، تمت تسمية الفريق أحمد قايد صالح رئيسا لأركان الجيش الجزائري. وقد تم الإعلان عن ذلك رسميا، وتم تداول الخبر عبر وكالة الأنباء الجزائرية، خلافا للإقالات التي حصلت في الوقت الراهن، والتي لم يتم الإعلان عنها بعد في بيان رسمي صادر عن رئاسة الجمهورية.
وأضافت المجلة أن عدم إصدار بيان رسمي من رئاسة الجمهورية حول موجة الإقالات والتسميات الأخيرة أثار شكوكا حول الدور الذي لعبه كل من رئيس الجمهورية ونائبه في وزارة الدفاع في خصوص هذه القرارات.
وتشير التوقعات إلى أن أحمد قايد صالح هو من يقف وراء هذه الإقالات بما أنه ظهر مؤخرا في صورة الرجل الأول في الجزائر بعد غياب بوتفليقة عن الظهور علنا على الساحة السياسية منذ الخامس من تموز/ يوليو الماضي. وقد كثف نائب وزير الدفاع الوطني أحمد قايد صالح، جولاته وظهوره العلني والإعلامي في ظل غياب رئيس البلاد.
لكن، هل لهذا التغيير في صلب المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والدرك الوطني علاقة بالانتخابات الرئاسية القادمة المزمع إجراؤها خلال نيسان/ أبريل سنة 2019؟ وفي حال قرر بوتفليقة إعادة ترشحه من جديد لولاية رئاسية أخرى، سيكون صالح إلى جانبه، وهو الذي ما زال يحافظ على إخلاصه لرئيسه منذ سنة 2004.
وأوضحت المجلة أن وفاء صالح لرئيسه العجوز لا ينفي حقيقة أنه بدأ يستعد لمستقبل ما بعد بوتفليقة. وفي هذا الصدد، أقدم صالح على تعيين رجال موالين له على رأس النواحي العسكرية وجهاز الشرطة والدرك الوطني. ومن غير المستبعد أيضا أن يقوم بتعيين أشخاص يدينون بالولاء له ضمن الحرس الجمهوري وأجهزة المخابرات. في الحقيقة، لا ينكر أحد حقيقة أن صالح وفيّ فعلا، ولكنه شخص طموح أيضا.