اختتمت يوم أمس في الأرجنتين قمة مجموعة العشرين. وتنبع أهمية هذه القمة من ثقل الدول المشاركة بها، حيث إن الـ20 دولة المشاركة في القمة هم أصحاب أكبر اقتصاديات في العالم ويمثلون نحو 85% من الناتج الإجمالي العالمي، وثلثي الكثافة السكانية العالمية، كما أن تلك الدول تسيطر على 75% من التجارة الدولية و80% من الاستثمارات الدولية.
ورسميا ما كان مطروح على جدول أعمال القمة ثلاث قضايا رئيسية هي
مستقبل العمل، والبنية التحتية للتطوير، إلى جانب مستقبل الغذاء. كما أن هناك
قضايا فرعية أخرى مثل الاقتصاد الرقمي والمساواة بين الجنسين وإصلاح منظمة التجارة
العالمية، والقواعد المالية وقضايا التجارة والضرائب.
لكن في الواقع، فإن القضية التي استحوذت على الاهتمام الأكبر هي قضايا التجارة العالمية نتيجة الاضطراب في وضعيتها في العام الجاري، بسبب قرارات ترامب الحمائية والرسوم الجمركية التي طُبقت على دول عديدة وتحديداً الصين. وقد لوح الرئيس الأمريكي قبل عدة أيام بإمكانية تطبيق تعريفات جمركية جديدة على واردات من الصين قيمتها 267 مليار دولار، إلى جانب إمكانية زيادة نسبة التعريفات المطبقة في الوقت الحالي على واردات بقيمة 200 مليار دولار من 10% إلى 25%. وما يؤكد اهتمام الدول المشاركة في القمة بقضايا التجارة، البيان المشترك عن المفوضية والمجلس الأوروبي والذي أكدا فيه أنهم سيناقشا في القمة إصلاح قوانين منظمة التجارة العالمية والتركيز على إقناع شركائهما بأنه لا يوجد بديل أفضل عن التعاون المنسق متعدد الأطراف.
وكعادته، استبق صندوق النقد الدولي القمة بإصدار تقرير حاول من خلاله
ممارسة الضغوط على قادة القمة من خلال التلويح بأن الاقتصاد العالمي يواجه أوقات
عصيبة. وبعد أن كان يمر بفترة جيدة من النمو المرتفع بالمعايير التاريخية، بات
الآن يواجه فترة بدأت تتحقق فيها مخاطر كبيرة وبدأت تلوح في الأفق غيوم أكثر قتامة.
ويتنبأ الصندوق في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أكتوبر
الماضي بأن يبلغ النمو العالمي 3.7% في عامي 2018 و 2019. وتقل هذه التقديرات
بمقدار 0.2 نقطة مئوية عن تقديراته السابقة في شهر يوليو – وهو ما يرجع في الأساس
إلى تزايد الضغوط الخارجية والمالية على الأسواق الصاعدة وارتفاع التوترات
التجارية بشكل ملموس. وتشير البيانات الأخيرة للصندوق إلى أن هذه العوامل المعاكسة
ربما تكون قد أبطأت الزخم حتى بأكثر مما توقع في السابق. فعلى سبيل المثال، كان
النمو في الربع الثالث من العام منخفضاً بصورة غير متوقعة في اقتصاديات الأسواق
الصاعدة مثل الصين، وفي منطقة اليورو. ويمكن أن تتأثر الثقة بدرجة أكبر إذا لم يتم
التوصل إلى اتفاق حول ترتيبات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
ويحذر الصندوق من أن تصاعد الحواجز التجارية سوف يؤدي بكل الأطراف
المشاركة إلى إلحاق الهزيمة بأنفسهم في نهاية المطاف. ومن ثم، يتعين على كل
البلدان أن تبتعد عن أي حواجز تجارية جديدة، مع التراجع عن التعريفات الجمركية
التي تقررت مؤخراً. كما يطالب باتخاذ خطوات لتحسين النظام التجاري العالمي من خلال
تحرير التجارة في الخدمات الذي يمكن أن يضيف حوالي 0.5%، أو 350 مليار دولار
أمريكي، إلى إجمالي الناتج المحلي في مجموعة العشرين على المدى الطويل.
وعلى ارتباط وثيق بتحسين آفاق النمو الاقتصادي العالمي، طالب الصندوق
قمة العشرين بمساعدة النامية في معالجة مستويات الدين القياسية – التي تبلغ مجتمعة
182 تريليون على مستوى العالم وزيادة الشفافية فيما يتعلق بحجم الاقتراض وشروطه،
وخاصة في البلدان منخفضة الدخل.
عن صحيفة الشرق القطرية