نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن اقتراب نهاية النظام الحاكم في الجزائر، حيث تواجه البلاد إمكانية حدوث انفجار شعبي.
وتعد مواقف الأطراف الخارجية المؤثرة مثل ألمانيا وفرنسا، وانقسامات داخلية بين مختلف أجنحة السلطة والمؤسسات الحاكمة مثل الجيش ورجال الأعمال وشقيق الرئيس، في ظل تراجع مداخيل بيع النفط واحتدام الصراع على كعكة الاقتصاد؛ من الأسباب التي ستؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن نظام الحكم في الجزائر عاد مرة أخرى، بعد 30 عاما، إلى نفس الحالة التي كان عليها خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 1988، حين وصل إلى القاع، وعانى من الشلل والعجز على تخطي تناقضاته الداخلية والتوترات المتزايدة.
وأوردت الصحيفة أن أزمة غياب رئاسة عن البرلمان، وأزمة رئاسة الجمهورية، تلتها أيضا أزمة في قيادة حزب جبهة التحرير الوطني. وباتت الأوضاع الحالية بمثابة الدخان الذي يتصاعد ويغطي البركان المنفجر.
واعتبر الكاتب المتخصص في الشؤون الدولية، رافاييل بوستوس، أن الجزائر من الممكن أن تشهد انفجارا وانهيارا لنظامها السياسي، تماما كما حدث خلال سنة 1988، عندما جاءت الانتفاضات الشعبية لإنهاء حقبة الحزب الواحد والاقتصاد الاشتراكي.
وأضافت الصحيفة أن الصور المعلقة للرئيس المريض، وظهوره النادر أمام العلن، لم يعد كافيا لطمأنة الشعب. كما تزايدت الثغرات في هذا النظام المتهالك وبدأت نواقيس الخطر تدق في هذه البلاد.
اقرأ أيضا : هل يُحتمل تأجيل الانتخابات الرئاسية في الجزائر؟
وذكرت الصحيفة أن الأوضاع السياسية في الجزائر باتت شبه هزلية، حيث أن البرلمان الذي لا يقوم بأي أنشطة تقريبا، يرفض مواصلة أعماله.
وسجل أيضا وجود حالة تمرد لنواب أحزاب الأغلبية بعد احتجاجات استمرت لأسابيع لدفع رئيس المجلس الشعبي الوطني، السعيد بوحجة، للاستقالة.
وأضافت الصحيفة أن منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، يشهد أيضا شغورا، باعتبار أن ولد عباس لا يزال في عطلة مرضية، وقد تضاربت التصريحات بشأن مصير الشخص الجديد المكلف مؤقتا بهذا المنصب، وهو معاذ بوشارب.
وأكدت الصحيفة أن قنوات الاتصال بين مختلف الأطراف التي تدير البلاد في ظل مرض الرئيس، تعاني من الانسداد وانعدام التواصل.
كما أن النظام السياسي الغريب في الجزائر يعمل بطريقة تجعل مجموعة صغيرة من الشخصيات، من بينها شقيق الرئيس سعيد بوتفليقة، تتحكم في مقاليد السلطة وتظهر صورة الرئيس في الواجهة بطريقة تلاقي قبولا لدى العشائر الجزائرية.
وأوضحت الصحيفة أن هذه المجموعة التي تربطها علاقات وثيقة برجال الأعمال، هي التي ترسل التعليمات إلى باقي السلطات الرسمية في البلاد، ما يجعل هذا النظام القائم يعمل بالاعتماد على الموافقة الضمنية لبعض التحالفات.
ولكن بحسب الصحيفة، فإن هذه اللعبة تبدو قد شارفت على نهايتها، حيث أن تعليمات قصر الرئاسة لم تعد واضحة، فالبعض يتخذون قرارات وآخرون يقررون نقيضها.
وفي ظل هذا الوضع، تعرض الرجال الموالون للرئيس لهجمات بهدف إقصائهم، بسبب الفساد.
اقرا أيضا : في ختام زيارة ابن سلمان.. شروط سعودية للاستثمار بالجزائر
والأسوأ من ذلك، أصبحت علامات الصراع بين مختلف التحالفات من أجل تقاسم مداخيل البترول جلية أكثر من أي وقت مضى. ويتمثل السبب الكامن وراء احتدام هذا الصراع في تناقص حجم كعكة البترول الجزائرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحل لهذه الأمة، وهو الالتجاء إلى الفصل 88 من الدستور الجزائري، الذي يسمح للبرلمان بإعلان أن الرئيس غير قادر على القيام بمهامه. لكن، لم يناقش هذا الفصل إلى حد الآن.
وفي هذا الوقت يواصل شق من النظام مناشدة بوتفليقة للترشح لعهدة خامسة، خلال الانتخابات المزمع إجراؤها في نيسان/ أبريل من سنة 2019، إلا أن أسلوب الاستمرار في السلطة مدى الحياة لم يعد يحظى بالإجماع بين مختلف شقوق وأقسام الطبقة السياسية.
وأكدت الصحيفة أن كثيرين، من بينهم الجيش، يطالبون بمخرج من هذه الأزمة التي لا يمكن قبول تواصلها، رغم عدم وجود مرشح في الوقت الحالي من أجل خلافة بوتفليقة الذي يمثل آخر قادة الجيل الذي شارك في حرب التحرير.
وقالت الصحيفة إن المجتمع المدني الجزائري، الذي أضعفه غياب الحريات، وتواصل القمع وعمليات الاستقطاب من النظام الحاكم، لطالما طالب بنهاية هذه المسرحية التي تدور في الظل.
ولكن حاليا، لا يزال الخوف من المواجهات التي شهدتها البلاد في التسعينات، والخوف أيضا من فقدان السلم الاجتماعي الذي اشتراه النظام من خلال الإنفاق على برامج الدعم الاجتماعي، هما السببان اللذان يمنعان الشعب من التحرك.
وحذرت الصحيفة من أن هذه الحالة لن تتواصل طويلا، باعتبار تزايد عدم الارتياح وحالة الغضب التي تنذر بالانفجار.
وباعتبار أن المجتمع المدني منعزل تماما عن الطبقة السياسية، سيكون من الصعب قيادة انتقال سياسي منظم في الجزائر، وعلى الأرجح ستشهد البلاد حالة انفجار اجتماعي عنيف.
وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن عالمة الاجتماع والسياسة الأمريكية، تيدا سكوبكول، قولها "إن الأنظمة الاستبدادية يمكن أن تستمر لوقت طويل، حتى لو كانت تفتقد للدعم الاجتماعي، طالما كانت الأجهزة الأمنية متحالفة. ولكن في غياب هذا الشرط، فإن هذه الأنظمة ستنهار بين عشية وضحاها".
وأوضحت الصحيفة أن خلافات بين أجهزة المخابرات الجزائرية، وقائد القوات المسلحة قد أصبحت جلية منذ فترة، وقد برزت بعض الأمثلة على هذا الخلاف مثل التعامل مع الهجوم الإرهابي في عين أميناس، أو السماح بتحليق طائرات فرنسية في جنوب الجزائر للتدخل العسكري في مالي خلال سنة 2013.
وأشارت الصحيفة أيضا إلى نفاذ صبر الأطراف الخارجية، حيث أن شركاء الجزائر مثل ألمانيا وفرنسا أظهروا عدم ارتياحهم تجاه الوضع القائم.
وفي ظل هذا الوضع، تمنع الفوضى السياسية التي يشهدها العملاق الأفريقي، والعجز الذي يعاني منه رئيسه، من مجاراة نسق الأجندة الدولية.
هل يُحتمل تأجيل الانتخابات الرئاسية في الجزائر؟
فايننشال تايمز: ما تداعيات ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة؟
استقالة ولد عباس تعني فقدان النظام الجزائري لأحد أهم مؤيديه