لعل غالبية اليهود الأرثوذوكس يفسرون الواقع السياسي بناء على نصوص التوراة والتلمود.
بالنسبة لهم، فإن النبوءات المذكورة في كتبهم المقدسة تؤول دائما إلى التحقق بطريقة أو أخرى.
وهذه مسألة غفل عنها الساسة غير اليهود أو تناسوها لسبب ما، رغم أهمية هذه القراءات السياسية.
هذا ما يفعله تماما أحد رجال الدين الذين يدرسون التوراة والتلمود عبر قناته على موقع يوتيوب.
قائد طاقة الدبابة الذي شارك في حرب لبنان عاما، والذي ولد في سويسرا وقدم إلى أرض فلسطين في التاسعة عشرة من عمره. رون شايا ذو الأصول الأوزبكستانية يحاضر في القدس ويلقي دروسه وتعاليمه باللغة الفرنسية، وهو يقوم بإسقاط الأخبار والنبوءات المذكور ة في التوراة وبعض القراءات التلمودية على الواقع السياسي المعاصر.
وهذا الإسقاط ليس أمرا عبثيا، بل هو أمر في غاية الأهمية، لاسيما أن كثيرا من قادة العالم يلجؤون أحيانا إلى استشارة رجال الدين. ولقد ذكر شايا أن بوش الابن كان قد تكلم مع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك قبيل غزو العراق، وأنه سيقوم بالتسلية مع يأجوج ومأجوج في العراق، بيد أن الرئيس شيراك بدا مندهشا.
لقد تحدث شايا عن عدة مواضيع مهمة تمس الواقع العربي والسياسي بشكل عام. من بين المحاضرات التي تطرق إليها درس بعنوان أمريكا ضد إيران: ماذا تقول التوراة؟
يقدم شايا قي البداية عرضا لأحداث متصاعدة ومتتالية تتعلق بإيران وأمريكا. (مانراه اليوم من تصعيد بين أمريكا وإيران حتى الآن) ثم ليتساءل بعد ذلك لماذا كل هذا؟
ثم يتطرق إلى نبوءة لأحد أنبياء بني إسرائيل وهو حزقيا ويقوم بتفسير رؤية لهذا النبي؛ إذ يروى أن حزقيا النبي رأى رجلا ذا رأس من ذهب وصدر من فضة وساقين من نحاس وقدمين واحدة من الفخار والأخرى من حديد.
لقد تم تفسير هذا الرجل على أنه مجموع القوى التي تريد القضاء على دولة « إسرائيل». تم تفسير الرأس الذهبي على أنه العراق والصدر الفضي إيران والقدم الطينية هي العرب والقدم الحديدية هي الغرب.
ثم إن رجل الدين شايا، تطرق إلى تحقق هذه النبوءة في العصر الحالي؛ فقد تم القضاء على العراق كما قال وأشار، مرورا بتدمير سوريا بسبب «الحرب الأهلية» والآن التصعيد الخطير بين إيران وأمريكا.
لكن شايا رون يذهب إلى أبعد من ذلك، فيقوم بطرح قراءة جيوسياسية، ويشير إلى المكان الذي ممكن أن تندلع فيه الحرب بين أمريكا وإيران وهو بين البصرة والكويت، بما أن الكويت حليفة لأمريكا كما يقول. وقال إن هناك شريطا يمتد على مسافة خمسين كيلو مترا عند التقاء دجلة مع الفرات، قد تتم فيه الحرب. ولقد استند إلى نصوص من التوارة قي تعيين هذا الموقع من سفر دانييل. كما أنه قد أشار إلى أن من يحكم العراق الآن هي إيران، لذلك قد تحدث الحرب في هذا المكان.
وهذا بنظري يلخص كامل الفلسفة التحليلية السياسية للواقع الحالي في المنطقة والعالم، وما تقوم به كل من أمريكا وحلفائها في المنطقة.
من المهم جدا الانتباه إلى هذه القراءات السياسية التي لا تنفصل عن النص التوراتي، وذلك من أجل معرفة الميكانيكية التي تسير وفقها أي أيديولوجية مستقبلية في المنطقة العربية والعالم.
عن صحيفة القدس العربي اللندنية